تركيا تسخر من العقوبات الأمريكية وتتوعد واشنطن

تركيا تسخر من العقوبات الأمريكية وتتوعد واشنطن
الجمعة ٠٣ أغسطس ٢٠١٨ - ١٠:٢٢ بتوقيت غرينتش

بلغت حدة التوتر السياسي بين تركيا و أميركا، في الأشهر الماضية أعلى مستوياتها لأسباب عدة.

العالم - تركيا 

 

تجاهل تركيا المطالب الأميركية في عدة قضايا

وجاء التوتر بين الطرفين، على خلفية التقارب التركي-الروسي و التباعد بين الموقفين التركي و الأميركي في ملف سوريا و عدم تسليم واشنطن غولن(المتهم في انقلاب2016) لتركيا و رفض أنقرة الحظر الأميركي ضد طهران ووقف شراءها النفط الأيراني، والنتيجة أن العلاقات التاريخية بين أميركا و تركيا ليست كما هي في السابق!

العقوبات الأميركية ضد أنقرة جاءت بعد أن أعلنت واشنطن انها لا تنوي تسليم تركيا مقاتلات اف35.. والسبب هو أن تركيا تريد ان تشتري منظومة صواريخ أي 400 من خصم أمريكا أي "روسيا" و أن تركيا لها سياساتها المستقلة في المنطقة بعيدا في بعض الأحيان عن أميركا.

وانعكس الإعلان عن العقوبات الأميركية على الليرة التركية، فبلغت أدنى مستوى تاريخي لها، وقدره 5 ليرات للدولار، وخسرت الليرة التركية منذ بداية العام الجاري 27 في المائة من قيمتها أمام الدولار، وسط مخاوف المستثمرين من الوضع الأقتصادي.

هذا الموقف الأميركي، انتقده المحللون السياسيون. على سبيل المثال قال الكاتب دبليو جي هينيغان بمجلة تايم: " خلال الـ 18 شهرا التي قضاها ترامب في السلطة، أظهر أنه يرغب في توظيف القوة الاقتصادية الأميركية بطرق لم يسبقه فيها أي من أسلافه".

كما وصف الكاتب الخطوة الأميركية بأنها تصعيد غير مسبوق ضد تركيا العضو بحلف الناتو التي تستضيف أكبر مخزون أميركي من الأسلحة النووية في الخارج، كما أنها تؤرخ لأحدث محاولة من ترامب لاستخدام دور أميركا المهيمن في النظام المالي العالمي للحصول على ما يريد من دولة أخرى حتى الدول الحليفة لوقت طويل.

 

تركيا تسخر من العقوبات الأميركية

بالمقابل وبعد أن فرضت الخزانة الأميركية عقوبات ضد وزيري العدل والداخلية التركيين ل"دورهما في احتجاز القس الأميركي"، أعلنت تركيا أنها سترد «بالمثل ودون تأخير»، واعتبرت أن ما وصفته بـ«الموقف الأميركي العدائي» لن يخدم أي هدف. كما أعلن الوزيران أنه ليست لديهما أي ممتلكات أو أموال أو حسابات في أميركا ليتم تجميدها!


وقال وزير العدل التركي عبد الحميد غل، إنه لا يملك «قرشا واحدا» في الولايات المتحدة، أو أي دولة أخرى خارج تركيا. وأضاف: «لم يكن لدي حلم سوى العيش على هذه الأرض (تركيا)، والموت فيها... إذا حالفني الحظ، فربما سأشتري يوما ما بستان زيتون صغيرا في مسقط رأسي بولاية غازي عنتاب».

كما سخر وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، من إدراجه في قائمة العقوبات الأمريكية، مؤكدا تصميم أنقرة على محاسبة الداعية المعارض فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة ومنظمته.

وكتب صويلو على "تويتر": "نعم، توجد لدينا شركة في الولايات المتحدة، وهي "فيتو". لن نتركها هناك، بل سنرجعها"! وذلك للإشارة إلى منظمة "فيتو" وزعيمها فتح الله غولن المتهم من قبل أنقرة بتدبير المحاولة الانقلابية الفاشلة في البلاد صيف 2016، وترفض واشنطن تسليمه إلى تركيا.

موقف صامد من تركيا أمام أميركا  

في سياق متصل رفض القضاء التركي إطلاق سراح القس الأمريكي المحتجز في بلاده بتهمة "التجسس والإرهاب" أندرو برانسون أو رفع الإقامة الجبرية عنه.

وأكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بعد لقائه بنظيره الأمريكي مايك بومبيو بسنغافورة إنه أوضح للأمريكيين عدم إمكانية التوصل إلى نتيجة باستخدام لغة التهديد والعقوبات.

اردوغان: لغة التهديد لن تفيد

وقبل ساعات من الإعلان عن العقوبات الأمريكية على الوزيرين التركيين كان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قال إنة لغة التهديدات لن تفيد، في إشارة إلى تهديدات من واشنطن بإيقاف عملية تسليم أنقرة مقاتلات أف- 35.

وفي تصعيد للهجة الهجوم على واشنطن، اعتبر أردوغان أن تهديدات ترامب تحمل ما أسماها "العقلية الإنجيلية الصهيونية" وقال: "من غير الممكن قبول لغة التهديد التي تستخدمها العقلية الإنجيلية الصهيونية في الولايات المتحدة الأميركية".

وأكد أردوغان : "سنواصل المضي قدما في السبيل الذي نؤمن به، دون أدنى تنازل عن حريتنا واستقلالنا واستقلالية قضائنا".

وجه أخر لسبب الضغوطات الأميركية ضد أنقرة

هذا ويمكن ان نعتبر أن تهديدات ترامب ضد تركيا تهدف لاستجداء دعم الإنجيليين في الانتخابات النصفية المزمع إجراؤها بعد أشهر.

يعتقد البروفسور دانييل سيرور، من جامعة جون هوبكنز، إن "تهديدات ترامب متعلقة تمامًا بالسياسة الداخلية للبلاد، وليست لها علاقة بتركيا". وأن "وراء هذه التهديدات محاولة من ترامب لإظهار نفسه بمظهر المدافع عن زعيم إنجيلي يواجه اتهامات في تركيا.. بهدف الحصول على أصواتهم في الانتخابات المقبلة".

ويشير سيرور إلى أن أصوات الإنجيليين قد تُفقد بسرعة بسبب الفضائح التي طالت إدارة ترامب، لذا يعمل على الحفاظ على هذه الأصوات عبر تقديم الوعود لهم والتقرب إليهم في قضايا تهمهم.

مهما كان سبب العقوبات الجديده علي أنقرة، أما انتخابات أميركا أو سياسات تركيا ، فلا يمكن أن نتجاهل الخلافات المتصاعدة بين أميركا و تركيا لا سيما كما يبدو أن أردوغان اتخذ قراره المصيري و هي التقارب لروسيا و حفظ علاقاتها المتينة مع طهران وعدم الوثوق الكامل لحليفها التقليدي أي واشنطن في ظل نظرية تركية تقول:" أميركا كانت وراء انقلاب 2016 في تركيا".

محمد حسن القوجاني