في سابقة جديدة.. مغاربة ينتقدون خطاب الملك محمد السادس

السبت ٠٤ أغسطس ٢٠١٨ - ١٠:٥١ بتوقيت غرينتش

في سابقة من نوعها انتقد وتحفظ مغاربة على خطاب الملك محمد السادس بمناسبة عيد الجلوس، والذي قالوا أنه لم يأت بجديد ولم يفر أية حلول لما تواجهه المملكة من مشكلات.

العالم - تقارير

اسمها فاطمة البحرية مواطنة مغربية عادية من جنوب البلاد خاطبت الملك محمد السادس بكل صراحة بأن خطابه بمناسبة عيد الجلوس يوم 29 تموز (يوليو) لم يأت بجديد بل يكرس الأزمة، واحدة من أصوات مغاربة كثر أعربوا للملك المغربي عن عدم اتفاقهم مع مضمون خطابه.

تبدأ فاطمة البحرية، إمرأة تجاوزت عقدها السادس، وهي من مدينة طان طان على أبواب الصحراء، شريط الفيديو الذي نشرته في “يوتيوب” قائلة “الخطاب الملكي لم يأتي بالجديد، الخطاب الملكي لا يرضي النفوس ولا يمتص غضب الشعب، كما كنا ما زلنا، وسنبقى كما نحن”، وتتحدث على تحول المغرب الى ما يشبه المعتقل.

عاتبت الملك على عدم إصداره العفو على معتقلي حراك الريف المحكومين بمئات من السنين من السجن وانتقدته على تكرار مضمون الخطابات دون تقديم اقتراحات جديدة في حين الوضع يزداد سوء، وعاتبته على التشكيك في جزء من المغاربة بتهديد العرش، وطالبته بالوضوح.

وبلغة تجمع بين العربية الفصحى والعامية المغربية رسمت فاطمة البحرية صورة قاتمة عن الأوضاع في المغرب وحمّلت جزء منها الى الملك محمد السادس، شريط الفيديو تجاوز في يوم واحد 150 ألف مشاهدة في موقع واحد، وتناولته مواقع أخرى سجلت عشرات الآلاف من المشاهدات.

فاطمة البحرية واحدة من الكثير من المغاربة الذين رفعوا صوتهم مخاطبين الملك معربين عن عدم اتفاقهم مع مضمون خطاب عيد الجلوس، طالبين منه تغيير رؤيته الى الواقع، مؤكدين أن لا أحد يهدد العرش بل الفساد الذي ينخر الدولة هو الخطر المحذق.

ويوجد مغاربة في الخارج، منهم من يتبنى الجمهورية، ينتقدون الملك وينشرون أشرطة في “يوتيوب” تتجاوز النصف مليون بل والمليون أحيانا بسبب مضمونها الحاد، لكن هذه المرة الأمر مختلف، لم يسبق من قبل تسجيل ظاهرة تراوحت بين التحفظ والرفض لمضمون خطاب الملك وصادرة عن مواطنين عاديين مثل فاطمة البحرية.

وفي آلاف التعليقات في الفيسبوك، شبكة التواصل الاجتماعي المفضلة لدى المغاربة، تحفظ المغاربة على اتهام الملك محمد السادس  للنشطاء بالعدميين بائعي الوهم، وكتبوا أنه يكرر خطأ والده الملك الراحل الحسن الثاني عندما وصف انتفاضة اجتماعية “ثورة الخبز” سنة 1984 سكان شمال المملكة المغربية بالأوباش.

وفي سابقة أخرى كشفتها الجريدة الالكترونية “لكم 2″، أقدمت القناة الأولى على منع التعليق وإبداء الاعجاب من عدمه على خطاب الملك ممد السادس بعدما وضعته في موقع “يوتيوب” لأن الرافضين أكثر من المعجبين والتعاليق كانت قاسية.

وكتب آخرون أن الملك وحاشيته من المتعاونين في البلاط ملزمين بالأخذ بعين الاعتبار هذه الملاحظات والانتقادات والعتاب لأن الأوضاع الاجتماعية مزرية تتطلب حلولا منصفة بعيدة عن تكرار صيغ الماضي.

جدير بالذكر أن أواخر عام 2016، اندلعت احتجاجات حاشدة في منطقة الريف مركزها مدينة الحسيمة، عرفت باسم الحراك الشعبي، احتجاجا على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.

وفي نهاية يونيو/ حزيران الماضي، أصدرت محكمة مغربية حكما بالسجن 20 عاما على ناصر الزفزافي، قائد الحراك، كما تلقى عدد من زملائه أحكاما مماثلة، وتلقى آخرون أحكاما أخف.

ويقول عبدالإله حاكي، أحد نشطاء حراك الريف، في تصريحات لبي بي سي إن سكان الحسيمة كانوا ينتظرون أن يتضمن الخطاب شيئا عن المعتقلين.

ويتابع: "الصحافة الوطنية والدولية استبقت الخطاب بالحديث عن قرب صدور عفو، أو خطوات ملموسة باتجاه حلحلة قضية المعتقلين، أو أن يطلق سراحهم أو سراح بعضهم على الأقل".

تلخيص العناوين الكبرى لخطاب الملك محمد السادس بمناسبة عيد الجلوس يوم 29 تموز (يوليو):

المحور الأول: هو محاصرة الخطاب الشعبوي الذي أصبح يتغذى بالخطب الملكية، بل ويستعملها كحجة في توجيه رسائله إلى المغاربة. فمثلا خطاب العرش لسنة 2017، والذي قرع فيه الملك الطبقة السياسية تقريعا غير مسبوق، استعمله دعاة ومروجو الخطاب العدمي والشعبوي كحجة لتعزيز موقفهم، بل وكدليل قاطع على أحقية أطروحاتهم في فشل الدولة والأحزاب في تأطير وتلبية حاجيات المغاربة.

إلى ذلك، هناك خطب ملكية أخرى سارت في اتجاه تقريع السياسات العمومية وانتقادها بشكل لافت للنظر؛ وهو ما اعتمد عليه مروجو خطاب عدم الثقة في الدولة والحكومة والأحزاب والمؤسسات، كوقود لتطعيم موقفهم من عدم جدوى الاستمرار في إعطاء المصداقية للدولة ومؤسساتها.

المحور الثاني: هو امتداد للمحور الأول يمكن تقسيمه إلى مستويين: المستوى الأول مرتبط بإرجاع الثقة إلى أدوار الوسائط المؤسساتية، الحكومية، السياسية والاجتماعية. هذه الوسائط المشكلة من حكومة أحزاب سياسية ونقابات اعتبرها الملك محمد السادس في خطابه مؤسسات موثوق فيها ومطلوب منها مزيدا من العمل والتنسيق من أجل تحقيق انتظارات المجتمع ككل. من هنا، يمكن القول إن هذه الوسائط التي ظلت منذ مدة محط انتقاد في تصريف وتطعيم المخرجات السياسية العمومية الاجتماعية، عادت من جديد في المنظور الملكي إلى واجهة الاعتراف بالوساطة، قطعا للطريق أمام المزايدات الشعبوية التي تبخس عمل المؤسسات وباقي الفاعلين المؤطرين للحياة العمومية.

وعلى هذا السبيل، استقر رأي الملك على ضرورة مأسسة الحوار الاجتماعي بين النقابات والفاعل السياسي والحكومي، كحل أمثل لامتصاص انتظارات الشارع الاجتماعية وتخفيفا للضغط على الدولة.

وتبعا لذلك، يأتي المستوى الثاني حين وجه الملك باقي الفاعلين السياسيين والحكومة لإيجاد صيغ بعيدة المدى، للتنسيق في بناء السياسات العمومية، صيغ تتجاوز الزمن الحكومي الراهن إلى زمن الدولة والمجتمع المتميز بالاستمرارية. يستند هذا المعطى على كون النظام الملكي المغربي هو نظام يهدف إلى خلق جو من الاستقرار والأمن العام في المعاملات، وأنه لا يجوز طبقا للزمن الملكي المرهون بالدوام أن يتعرض من حين إلى آخر لاهتزازات اجتماعية بسبب خطط حكومية قصيرة المدى، لا تستجيب لمقتضى الديمومة.

المحور الثالث والأخير: هو عودة الملكية التدبيرية في صناعة القاعدة التنظيمية والتشريعية بشكل أقوى وأكثر إقناعا، إلى جانب المشاركة المفصلة في صنع السياسات العمومية.

تصنيف :