الرهانات الاميركية الخاسرة..

الرهانات الاميركية الخاسرة..
الجمعة ٢٤ أغسطس ٢٠١٨ - ١٠:٤٢ بتوقيت غرينتش

تعتمد الولايات المتحدة الاميركية مباشرة على احجار تحركها في كل الاتجاهات لتحقيق اهدافها وضمان مصالحها في العالم وفي مقدمة مصالحها الحفاظ على امن واستقرار الكيان الاسرائيلي بمنطقة الشرق الااوسط، فواشنطن لن تتخلى يوما عن الارهاب بكافة اشكاله لتحقيق ستراتيجيتها الانفة الذكر.

العالم - مقالات وتحليلات

الجماعات التكفيرية والرهان الاميركي

اولى رهانات الولايت المتحدة التي شهدناها منذ بدء العدوان على سوريا (2011) للسيطرة على هذا البلد واسقاط حكومته وتدميره وتخريبه وتجزئته ثم اغلاق ملف المقاومة في المنطقة، اعتماد اميركا على مجامع الارهاب القادم من اكثر من 80 بلدا في العالم بواجهات وتسميات مختلفة تتحرك جميعها بقبضة من المشغلين لها (دول تابعة لاميركا تحمل نفس الهموم الاميركية) هي (الكيان الاسرائيلي السعودية الامارات تركيا اضافة الى بعض حواضن المسلحين كالاردن) وكلها ترتبط بصورة مباشرة بالولايات المتحدة المشغل الرئيس للارهاب بالمنطقة والعالم.

غير ان الرهانات الاميركية على احجار الارهاب بدأت بالتلاشي يوما بعد اخر مع انحسار رموزه وجماعاته المسلحة في جيب ضيق (إدلب) لا مجال للنجاة منه الا بالاستسلام ورفع الراية البيضاء ما يؤكد فشل اولى رهانات اميركا بالمنطقة.

دموع التماسيح

الولايات المتحدة لم تخف قلقها وعدم ارتياحها للمصير الذي ينتظر المسلحين ومنهم جماعة "هيئة تحرير الشام" سابقا، "جبهة النصرة" حاليا، في ادلب واريافها، وذلك ما عبر عنه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لنظيره الروسي سيرغي لافروف، واوضح قلقه بشأن النشاط العسكري المحتمل للجيش السوري في محافظة إدلب التي تعتبر المعقل الرئيس الأخير للمسلحين المتطرفين من أمثال مسلحي "جبهة النصرة" وأخواتها.

من الطبيعي ان لا يطمئن السياسي المتزن لدموع التماسيح االاميركية ولهذه النتيجة المقلقة لها في ادلب، لان اميركا لن تنتهي مؤامراتها وخرائطها الارهابية وهي التي تتمكن بسهولة من اعادة خلط الاوراق والتسميات والاحجار وهي التي دخلت سوريا بصورة غير شرعية ودون بطاقة دعوة ودون اي ترحيب من حكومة هذا البلد، كلص دخل في عتمة الليل للدفاع عن مجموعة سراق اصغر حجما منه وهو في الحقيقة يدافع عن شركاء له، اميركا تسعى اليوم لاطالة امد الحرب والوقوف حجر عثرة امام إعمار سوريا الا في المناطق التي لا زالت تحت سيطرة الارهابيين.

تنظيم القاعدة مجددا..

انباء مؤكدة تشير الى سعي الولايات المتحدة للاستفادة من طاقات تنظيم "القاعدة" الارهابي "الذي اعتمدت عليه في افغانستان لمحاربة الشيوعيين في الحرب السوفيتية بدعم من الولايات المتحدة في نهاية الثمانينات من القرن الماضي، ولاثارة الفتنة الطائفية في العراق بعد غزوه اميركيا"، لتأجيج الصراع في سوريا مجددا بعد انخفاض نشاط جماعة "داعش" الوهابية في هذا البلد.

علما ان تنطيم القاعدة "وحسب اعلان مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا مؤخرا في اجتماع لمجلس الأمن الدولي"، يتراوح تمويله من 20 إلى 40 مليون دولار شهريا، وقد بدأ برفع راسه بدل "داعش" لافشال تحقيق التسوية في سوريا، في وقت انخفضت فيه الاحتياطات المالية لجماعة "داعش" الوهابية بشكل جدي، وتبلغ حاليا عدة مئات ملايين من الدولارات، حسب تقرير جديد حول خطر "داعش" أعده الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

رمتني بدائها وانسلت..

لا يشك احد ان الولايات المتحدة بعد خسارتها للرهان الاول والاساس في سوريا وهم المسلحون القادمون الى هذا البلد من اكثر من ثمانين بلدا من بلدان العالم وتم تسريبهم في خطوة لاحقة الى العراق للامساك بالحدود الايرانية العراقية لقطع الطريق امام المساعدات والامدادات التي تصل المقاومين في سوريا ولبنان، قد علقت في هذا البلد بعد خسارتها للارهابيين الذي راهنت عليهم لتمرير اجندتها الخائبة في المنطقة. 

غير ان الولايات المتحدة لازالت تنفخ في نفسها كالضفدع مدعية وكما جاء على لسان بولتون ان روسيا "ذات التواجد الشرعي"، هي التي علقت في سوريا، ما دفع المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديميتري بيسكوف للقول بانه "من غير الصواب سواء بالنسبة لشركائنا في واشنطن أو لأي جهة أخرى الادعاء بأن روسيا علقت في مكان ما" مشيراً إلى أن مزاعم بولتون بهذا الشأن “غير لائقة وخاصة أنها صدرت عن ممثل الولايات المتحدة التي تتواجد قواتها العسكرية في الأراضي السورية أيضاً".

روسيا اكدت ضرورة انهاء الولايات المتحدة لوجودها في الاراضي السورية، واوضحت ان المئات من ارهابيي "داعش" و"النصرة" يختبئون في المناطق ذات النفوذ الاميركي بعلم واشنطن، في وقت اوضح فيه المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديميتري بيسكوف أن العلاقات الثنائية بين روسيا والولايات المتحدة ما زالت في مرحلة تدهور، وان بلاده تقوم بدور نشط للغاية في مجال مكافحة الارهاب في سوريا وفي الدفع باتجاه تحقيق تسوية سياسية للأزمة فيها إضافة إلى مساهمتها النشطة في ما يتعلق بعودة المهجرين إلى وطنهم وبدء عملية إعادة الإعمار.

رهانات فضائية متبادلة

الملاحظ ومنذ فترة ما بعد خروج قوات الاحتلال الاميركي من العراق "في حكومة الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما"، راهن الكيان الاسرائيلي على توريط الولايات المتحدة في محاربة ايران بدلا عنه، وبذل الكيان مجهودا كبيرا لاقناع أميركا بشن هجوم مباغت على المفاعلات النووية الايرانية والقواعد العسكرية في هذا البلد، بذرائع مزعومة مفادها ان ايران تتجه نحو التسليح النووي ما يشكل تهديدا مباشرا لامن الكيان الاسرائيلي في المنطقة.

غير ان الكيان الاسرائيلي لم يستطع اقناع الولايات المتحدة برغبته تلك لسبب بسيط ان الولايات المتحدة لا تقوى على مهاجمة ايران وقد هربت من المنطقة بعد ان اُثخنت جراحها في افغانستان ثم في العراق..

اليوم راهنت اميركا على حكام المنطقة لتمرير اجندتها في سوريا، الذين راهنوا بدورهم على الارهابيين التكفيريين الذين أتوا بهم من بقاع الارض المختلفة وقد فشلوا في تمرير الاجندة الاقليمية والأميركية.. ولم يبق امام هذا الجمع التآمري المتحجر إلا الاعتراف بالفشل المهين.. 

احمد الموسوي