نظام التعليم والتربية في السعودية..هل بحاجة للمراجعة؟!

نظام التعليم والتربية في السعودية..هل بحاجة للمراجعة؟!
الإثنين ٠٣ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٦:٤٢ بتوقيت غرينتش

أكد وزير التعليم السعودي أحمد العيسى، أن هيكلة التعليم باتت أبرز أولوياته حاليا، مشيرا إلى أن الوزارة تعمل حاليا على إعادة هيكلة النظام التعليمي.

العالم تقارير

وأضاف وزير التعليم، أن أهم ثلاث محطات في الهيكلة الجديدة للوزارة هي الاهتمام بمرحلة ما قبل الدراسة ودمجها في المرحلة الابتدائية، وإنشاء مرحلة جديدة، وإعادة هيكلة مرحلة ما بعد الثانوية والتوسع في التعليم التقني والمهني من خلال إنشاء الجامعات التطبيقية.

التعليم في السعودية لا يرقى لمستوى الطموح والتطلعات بوجود تعليم جادّ يسهم في نهوض المجتمع السعودي، هناك من يرى أن المنظومة التعليمية لم تنهض بالمعلم، والمنهج الجيد، والبيئة التعليمية بشكل عام، وهناك من يؤكد أن مسارات التعليم في مدارس وجامعات السعودية متدنية، وآخرون يلقون باللوم على وزارة التعليم السعودية في إهمالها للدورات التدريبية والتأهيلية لمعلميها ومعلماتها من أجل جيل متعلم متسلح بالمعرفة. فما هي أسباب تدني مستويات التعليم في المجتمع السعودي، كما يتردد؟ وكيف النهوض بمخرجات العملية التعليمية؟

التعليم في السعودية الاسوأ عالميا

على الرغم من المليارات التي أنفقتها السعودية على قطاع التعليم، خلال العقد الماضي، فقد صنّفها البنك الدولي في تقريره المتعلّق بجودة التعليم للعام 2018، في المركز الـ 52 عالمياً من بين 140 دولة.

وسبق أن احتلّ طلاب السعودية عام 2007 المركز 43 من أصل 45 دولة، في تصنيف "ماكينزي" الأمريكي، وهو أحد أهم التقارير الدولية التي تُعنى بجودة التعليم ومستوى الطلاب عالمياً في العلوم والرياضيات.

دراسة أخرى نُشرت عام 2016، أعدّتها الجمعية الدولية لتقييم التحصيل التعليمي (إيا) (تشمل تقييماً دولياً لتعليم الرياضيات والعلوم في العالم)، أظهرت أن طلاب السعودية من الفئة العمرية (9-10 سنوات) حصلوا على الترتيب الـ 45 من أصل 48 دولة، في مادة الرياضيات، والترتيب 46 من أصل 48 دولة في العلوم.

والدراسة الأخيرة نشرتها صحيفة "تليغراف" البريطانية، وصدرت بعد إجراء امتحانات بالعلوم والرياضيات لأكثر من 600 ألف طالب على مستوى العالم.

ولا يقتصر الأمر على مستويات الطلبة السعوديين، فالبحث العلمي في السعودية يحتل أيضاً مراتب متأخّرة بين دول العالم.

وقد حصلت السعودية على المرتبة 55 عالمياً من أصل 100 دولة، في مؤشّر الابتكار العلمي للعام 2017.

وهذا المؤشّر تشارك في إعداده جامعة كورنيل (في ولاية نيويورك الأمريكية)، والمعهد الأوروبي لإدارة الأعمال (الإنسياد)، والمنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو)، وهي إحدى وكالات الأمم المتحدة المتخصصة.

ومن أصل 40 دولة، احتلّت السعودية المرتبة الـ 32 عالمياً في دعمها للبحوث العلمية، بحسب تصنيف مجلة البحث والتطوير العلمي العالمية، للعام 2016.

وفي تصنيف معهد التعليم العالي التابع لجامعة شنغهاي لجامعات العالم لسنة 2014، الذي يعتمد بشكل رئيسي على أداء البحث العلمي، جاءت جامعة الملك عبد العزيز السعودية في المركز 156 من أصل 500 جامعة، وجامعة الملك سعود في المركز 157، ثم حلّت جامعة العلوم والتكنولوجيا في الرياض في المركز 426، متبوئة مباشرة بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، التي حصلت على الترتيب 427.

منظمات حقوقية تنتقد المناهج الدراسية في السعودية

ومنذ سنوات، تنتقد منظمات حقوقية دولية، منها "هيومن رايتس ووتش"، المناهج الدراسية في السعودية، وتصدر تقارير خاصة تدعو من خلالها إلى استبدال المناهج الحالية بمناهج حديثة تتواءم مع ما يمرّ به العالم من تطوّر في النظام التعليمي والثقافي والتكنولوجي، والابتعاد عن المنهاج التي "تدعو إلى الغلوّ والفكر المتطرّف" بشكل واضح.

وتقول تلك المنظمات إن تلك المناهج خلّفت نتائج كارثية، وساهمت بظهور مصطلح ما بات يعرف بـ "الإرهاب" والتطرّف، ولا يزال العالم يدفع ثمن المناهج الدراسة السعودية من الابتدائية وحتى الجامعية.

 

أهم مشكلات النظام التعليمي في السعودية

عدم وجود رؤية محددة للتعليم:

عدم وجود رؤية محددة للتعليم ومبنية على إطار نظري واضح ما عدا الخطوط العريضة والسياسات العامة الواردة في «سياسة التعليم»، فليس هناك رؤية واضحة يتفق عليها المخططون للتعليم توجه المشروعات التطويرية التربوية. ولذلك فمن الصعب التعرف على مسار محدد لتقدم التعليم، بل إن كثيرًا من المشروعات والتوجهات التطويرية تنتج إما ردة فعل أو نتيجة اجتهادات شخصية من قيادات الوزارة.

تدني تأهيل المعلمين:

بالرغم من إقرار درجة البكالوريوس التربوي حدًا أدنى للتأهل لوظيفة (معلم) إلا أنه في كثير من الأحيان يتم الاستعانة بالحاصلين على درجة البكالوريوس غير التربوي في بعض التخصصات (مثل اللغة الإنجليزية والفيزياء والرياضيات) نتيجة لندرة المعلمين في هذه المجالات. كما أنه لا يوجد معيار للاختيار من الحاصلين على البكالوريوس سوى المفاضلة بينهم بناء على معايير يحكمها العرض والطلب. ورغم أن الوزارة أنشأت نظامًا لاختبار كفاءة المعلمين الجدد إلا أن تدني مستوى المعلمين في هذا الاختبار كثيرا ما يجبر الوزارة على التنازل عن معاييرها والقبول بمعلمين حصلوا على نتائج متدنية في ذلك الاختبار.

المبنى المدرسي:

نتيجة للزيادة المتسارعة في النمو السكاني والتوسع الجغرافي، ونقص التخطيط المسبق، اضطرت الوزارة في العقود المتأخرة إلى استئجار مبان سكنية واتخاذها مدارس، مع ما فيها من النقص الواضح في المرافق التربوية من ملاعب وصالات ونحوها، كذلك عدم مناسبة فصولها وتجهيزاتها للأداء التربوي . وهذا ما أسهم في إفشال كثير من الأنشطة التربوية سواء على مستوى الطلاب أو مستوى المدرسة أو أنشطة النمو المهني للمعلمين. كما أن تلك المباني أدت إلى ازدحام الطلاب بالفصول  وتشير بعض الدراسات إلى أن نسبة المدارس المستأجرة قد تصل إلى النصف.

زيادة عدد الطلاب في الفصول:

بالرغم من أن النسب الإجمالية لعدد الطلاب في الفصول ونسبة عدد الطلاب للمعلين متدنية، حيث يبلغ متوسط عدد الطلاب في الفصول 25 طالبًا، ونسبة الطلاب للمعلمين معلم لكل عشرة طلاب (وزارة التربية، 1429)، إلا أن كثيرًا من المدارس خاصة في المرحلة الثانوية داخل المدن تعاني من ارتفاع أعداد الطلاب داخل الفصول، وكذلك من صغر حجم الفصول. وهذا ما يجعل من العسير على المعلمين استخدام طرق التدريس الحديثة.

النظام الإداري للمدرسة:

يغلب على إدارة المدرسة الطابع الإداري البيروقراطي الرتيب، الذي يقتصر في كثير من الأحيان على تنفيذ التعليمات بأقل قدر من الكفاءة. فالصلاحيات تكاد تكون معدومة لدى مدير المدرسة، ويقتصر دوره في كثير من الأحيان على تسيير الأمور اليومية الروتينية في المدرسة. وهذا الوضع جعل مدير المدرسة مهددًا دائمًا بالمحاسبة لمخالفة النظام، وبالتالي إعادته معلمًا كما كان.

عدم وجود آلية لقياس ناتج التعليم:

فليس هناك آلية واضحة لمعرفة مدى تحقيق النظام التعليمي لأهدافه، سواء على المستوى المدرسي أو على مستوى المجتمع. فلا يوجد اختبارات مقننة معتمدة يمكن من خلالها الحكم على أداء المدارس، ولا توجد عمليات مقايسة خارجية benchmarking مع دول أخرى للتعرف على المستوى الفعلي لطلاب المدارس السعودية. بل هناك ما يشير إلى تدني مستوى الطلاب المتفوقين بمقارنتهم بطلاب الدول الأخرى. وبالتالي صار الحكم على مستوى المدارس أمرًا متروكًا بدرجة كبيرة إلى الانطباعات أو إلى درجة الاختبارات التي غالبا لا تعكس المستوى الحقيقي لتحصيل الطلاب.

***

هذا وحذر  الخبراء  المعنيون بقطاع التعليم من أنه إذا لم يقم القائمون على سياسات التعليم والتربية في السعودية بتغيير جوهري في هذا القطاع فان تداعيات ذلك ستكون وخيمة بلا شك.