الأردن.. أزمة قانون ضريبة الدخل تعود للواجهة من جديد

الأردن.. أزمة قانون ضريبة الدخل تعود للواجهة من جديد
الأربعاء ١٢ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٥:٤١ بتوقيت غرينتش

تتحضر الحكومة الأردنية، للدخول في جدل جديد مع المجتمع المحلي، بشأن مقترح جديد لمشروع قانون معدل لضريبة الدخل. مشروع القانون الجديد، سيخضع دخل العائلات السنوي المتجاوز 18 ألف دينار (25.3 ألف دولار) لضريبة الدخل.

العالم - تقارير 

وكان المقترح السابق المسحوب والذي تسبب باستقالة حكومة هاني الملقي، إثر احتجاجات شعبية، في يونيو/ حزيران الماضي، يشمل مجموع الدخل السنوي للزوج والزوجة أو المعيل في العائلة، الذي يبلغ 16 ألف دينار (نحو 22.55 ألف دولار) فأعلى. وسيكون دخل الأفراد الخاضع للضريبة 9 آلاف دينار (12.6 ألف دولار)، بدلا من مقترح القانون المسحوب البالغ 8 آلاف دينار (11.2 ألف دولار). كما أن دخل الأسر الخاضع للضريبة سينخفض إلى 17 ألف دينار (23.9 ألف دولار) في 2020.

ويطالب صندوق النقد الدولي، الأردن، بمعالجة 100 مليون دينار (141 مليون دولار) من التهرب الضريبي و180 مليون دينار (253.8 مليون دولار) تحصيل ضريبة دخل. وجاءت حكومة عمر الرزاز، خلفا لحكومة هاني الملقي، التي قدمت استقالتها، على وقع احتجاجات شعبية ضد مشروع قانون ضريبة الدخل ورفع أسعار المحروقات. ورأى اقتصاديون، أن الحكومة لا تزال تدور ضمن حلقة صندوق النقد الدولي، بعد توصلها "لصيغة مشتركة" معه بخصوص هذا القانون.

 سيناريوهات الأردن لمواجهة ضغوط صندوق النقد الدولي!

فرض مشروع القانون ضرائب بمقدار 30% عن كل دينار لشركات تعدين المواد الأساسيّة، و40% عن كل دينار للبنوك والشركات المالية وشركات التأمين و24% عن كل دينار لشركات الاتصالات الأساسية وشركات توزيع وتوليد الكهرباء وشركات الوساطة الماليّة، و20% عن كل دينار لأي شخص اعتباري آخر مثل الشركات التجاريّة والخدمية، و15-20 % للقطاع الصناعي.

كما ينص مشروع القانون الجديد فيما يتعلق بالدخل المشمول بالضريبة، بتخفيض الدخل للعائلات إلى 16 ألف دينار، نزولاً من 24 ألف دينار حالياً، وللأفراد إلى 8 آلاف دينار بدلاً من 12 ألف دينار. فيما ألغت مسودة المشروع الإعفاءات الإضافية الممنوحة للأسرة والمقدرة بمبلغ 4 آلاف دينار، الممنوحة حاليا بدل فواتير استشفاء وتعليم.

وبحسب القانون الجديد فإن دخول الخاضعين للضريبة تقسم على 5 شرائح، كل شريحة مقدارها 5 آلاف دينار، بنسبة ضريبة تتراوح بين 5% إلى 25% من الدخل المتحقق، بدلاً من القانون الحالي، الذي يخضع الأفراد الى 3 شرائح تتراوح نسب الضريبة عليها بين 7% إلى 20%، تبدأ من 7 % على أول 10 آلاف، ونسبة 14%على ثاني 10 آلاف، و20% لما زاد على هذا الدخل.

وبموجب مقترحات الشرائح الخمس التي وردت بمسودة مشروع القانون فإن الشريحة الأولى وقيمتها 5 آلاف دينار بعد الدخل المعفى تخضع لنسبة 5%، وتخضع ثاني 5 آلاف لنسبة 10%' وثالث 5 آلاف لنسبة 15%، فيما تخضع رابع 5 آلاف لنسبة 22%، وصولاً إلى 25% للأسر التي يزيد دخلها عى 36 ألفاً سنوياً.

وشمل الإعفاء الدخل للمؤسسات الرسمية العامة والبلديات من داخل المملكة، فيما يستثنى من هذا الإعفاء دخل هذه الجهات من بدلات الإيجارات والخلو والمفتاحية، وأي ربح لأي نشاط استثماري أو فائض الإيراد السنوي، ويقرر مجلس الوزراء بناء على تنسيب الوزير إخضاعه للضريبة.

وجاء في مسودة مشروع القانون أن الأسباب الموجبة لتعديل القانون الرغبة بأن تصب التعديلات في إطار تحقيق مبدأ المساواة والعدالة الاجتماعية، وبما لا يتجاوز مقدرة المكلفين على الأداء وحاجة الدولة الى المال، والتركيز على تغليظ العقوبات على المتهربين ضريبياً، وذلك بفرض عقوبة تصل إلى حد الجناية بدلاً من الجنحة.

وبحيث تكون هذه العقوبات الدرع الواقية للمحافظة على التزام المكلفين بدفع الضرائب المفروضة عليهم حسب أحكام هذا القانون، بحيث تصبح أحكام القانون متضمنة لعقوبة السجن لمدة غير قابلة للاستبدال بقيمة مالية حتى تكون العقوبة رادعة لمن تسول له نفسه التهرب من دفع الضريبة.

والتعديلات التي سترفع قاعدة ضريبة الدخل إلى المثلين شرط رئيس لبرنامج اقتصادي لصندوق النقد الدولي مدته 3 سنوات يستهدف توليد مزيد من الإيرادات الحكومية بغية خفض الدين تدريجيا إلى 77 % من الناتج المحلي الإجمالي في 2021.

وتخفض التعديلات بصورة كبيرة عتبة ضريبة الدخل وتفرض ضرائب أعلى على البنوك والشركات الصناعية في وقت يشهد ركودا في النمو الاقتصادي وسط اضطرابات إقليمية وشكوى الشركات من تراجع الطلب الاستهلاكي.

ورفع الأردن هذا العام الضرائب على مئات السلع الغذائية والاستهلاكية بتوحيد أسعار ضريبة المبيعات عند 16 % وإلغاء إعفاءات على كثير من السلع الأساسية.

وألغت الحكومة في يناير الماضي دعم الخبز، وهو ما رفع إلى المثلين بعض الأسعار.

وتقول الحكومة إن الإصلاحات ستقلص الفوارق الاجتماعية بفرض ضرائب تصاعدية على أصحاب الدخول الأعلى بينما تتجنب إلى حد بعيد موظفي القطاع العام الذين يتقاضون أجوراً منخفضة.

هنا و...

بالرغم من كلما ذكره مدير عام ضريبة الدخل والمبيعات حسام أبو علي، حيث قال:

" إن مسودة مشروع القانون الجديد توسع القاعدة الضريبية من ذوي الدخل المرتفع حيث سيبقى 90 في المئة من الأردنيين خارج هذه القاعدة، خاصة أصحاب الدخول المحدودة"، مضيفا "الحاجة لقانون جديد يعزز من كفاءة التحصيل الضريبي من جهة، ويحارب التهرب الضريبي من جهة أخرى، سيما وأن القاعدة الضريبية في الأردن لا تتجاوز الـ 4.5 في المئة".

ولكن هناك كثير من مواطنين ومسؤولين سابقين تفاعلوا مع التوجه الحكومي بشأن ضريبة الدخل، منهم وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق مروان جمعة.

كما اشار رئيس مجلس إدارة صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي الأسبق الى أن القانون الجديد "سيؤثر" سلبا على مصادر الدخل و الإيرادات الضريبية "ستتراجع" إذا ما تم إقرار القانون بالمقترح الحالي، ناهيك عن" تبعاته التي ستطال النمو الاقتصادي الذي سيشهد حالة من التباطؤ في الوقت الذي نحتاج فيه تحفيز الاقتصاد".

وهناك من يعتقد بأن هذا القانون يهدد الطبقة الوسطى، حيث لم توسع الشرائح الضريبية، إنما توسعت القاعدة الضريبية من الشريحة الملتزمة بالدفع أصلا،وتقدر بعض الدراسات في الأردن أن الفاقد الضريبي يتراوح بين 1.5 إلى 1.9 مليار دينار أردني (2.1 إلى 2.6 مليار دولار أميركي)، ويشمل هذا الفاقد التهرب، والإعفاءات، والمتأخرات الضريبية.

ويقول محللون إن الحكومة وفي سعيها لمحاربة التهرب الضريبي المقدّر بـ750 مليون دولار، لن تنجح في سعيها لتحفيز الاقتصاد لكون معظم قطاعات الدولة تعاني خسائر مالية متراكمة، فضلا عن تأثر الطبقات الفقيرة والمتوسطة بشكل كبير بمتوالية ضرائب لن تنتهي برفع الدعم عن الخبز والسلع الأساسية والكهرباء والمحروقات، الأمر الذي قلّل من مقدرتهم الشرائية وجعلهم رهنا للبنوك والديون.

بداية الأزمة...الشارع الأردني وقانون ضريبة الدخل !...

بدأت بوادر الأزمة في الأردن، في شهر مايو الجاري ،عندما أحالت الحكومة مشروع قانون ضرائب جديد لمجلس النواب تمهيدًا لإقراره، وهو خطوة حكومية أدّت إلى غضب نقابي من خلال مجلس نقباء الأردن الذي يضم أكثر من 30 نقابة أردنية تشمل مئات آلاف الأردنيين، ودعا مجلس النقباء ، إلى إضراب عام في الأردن، للضغط على الحكومة لكي تسحب القانون.

هذه الخطوة دفعت الحكومة الأردنية ورئيس وزرائها إلى لقاء ، رئيس مجلس النقباء، ونقيب الأطباء، من إجل إثنائه عن خطوة الإضراب، ولكن اللقاء لم يستمر طويلًا، ولم تتعدَ مدته ساعة، لم ينجح خلالها الملقي في إيقاف خطة الإضراب، مع تمسك النقباء بمطلبهم بسحب القانون للعدول عن خطوة الإضراب، فبحسب تصريحات أعقبت اللقاء، رفضت النقابات مشروع قانون الضريبة من الحكومة، و سلّمت الملقي مذكرة تطالب فيها بسحب القانون قبل البدء بأي حوار حوله.

"معتصمون باستمرار حتى نسقط القرار.. الشعب يريد إسقاط الحكومة"

كانت هذه عينة من الهتافات التي هتف بها المشاركون في إضراب الأردن، وهو إضراب شارك في آلاف الأردنيين في الفترة من التاسعة صباحًا، وحتى الثانية بعد الظهر في ساعات العمل الأساسية، وتتضمن إضرابًا عن العمل واحتجاجات، بالرغم من التهديدات الحكومية بفرض عقوبات على المشاركين في الإضراب والداعين له، تتضمن اتخاذ إجراءات قانونية ضدهم، وتنفيذ أحكام نظام الخدمة المدنية الذي يمنع موظفي القطاع العام من تنفيذ الإضرابات خلال ساعات العمل الرسمية.

وقد رفع المضربون لافتات كُتب عليها: «لا لمشروع قانون ضريبة الدخل» و«لا للاعتداء على قوت الشعب» و«أنا موظف، لست صرافًا آليًا»، و«معناش»، و «معًا لإسقاط قانون ضريبة الدخل» و«لن ندفع فاتورة فسادكم»، و«بصرف على ثلاثة أولاد وحكومة» وقد كان المبنى الرئيس لمجمع النقابات في العاصمة الأردنية عمان مسرحًا لاحتجاجات آلاف المعارضين للقانون، فيما شارك عدد من المؤسسات والمحال في الإضراب، وأغلقت أبوابها ولصقت عبارات «أنا مشارك في الإضراب».

ووصف العبوس رئيس مجلس النقباء الاستجابة لدعوة الإضارب بــ«استجابة ممتازة جاءت بشكل تاريخي وغير مسبوق بما يدل على أن الأمور قد بلغت مبلغًا خطيرًا»، لافتًا إلى أن تلك الاستجابة للإضراب تحمل «رسالة قوية للقيادة والجهات الأخرى، وإننا نقول لا، وبشكل حضاري، ونطلب استجابة حكيمة بسحب مشروع القانون تلبية لرغبة المواطنين».

ولم تستجب الحكومة لمطالبات سحب القانون، وهو ما دفع القوى النقابية والحزبية إلى اتخاذ إجراءات تصعيدية؛ إذأعلن العبوس إمهال الحكومة أسبوع حتى تسحب القانون، وإلا سينظم مجلس النقباء وقفة احتجاجية ثانية، وإضرابًا آخر يوم الأربعاء المقبل، هذه المرة للمُطالبة بـ«إسقاط الحكومة» إذا لم تستجب الحكومة للمطالبات النقابية والشعبية بسحب القانون، وقال العبوس إنه سيدعو الملتقى الوطني للنقابات المهنية والأحزاب السياسية والفعاليات الوطنية خلال الأسبوع القادم لبحث الإجراءات القادمة، مُعربًا عن أمله في استجابة الحكومة «لمطالب الشعب الأردني وتجنب المزيد من التصعيد» على حد تعبير العبوس.

«إضراب» على مواقع التواصل الاجتماعي

ولم تتوقف الاحتجاجات ودعوات الإضراب على الشارع الأردني، وإنما كانت وسائل التواصل الاجتماعي ساحةً إلكترونية للحديث عن إضراب الأردن، والدعوة له، ونشر صور الاحتجاجات ومظاهر الإضراب، وقد تصدر وسم إضرابالأردن صدارة الوسوم الأكثر انتشارًا في الأردن على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، بعدما تعدى عدد تدويناته أكثر من 50 ألف تدوينة، ووصل إليه أكثر من مليون حساب، يليه وسم مجمع النقابات في إشارة إلى محل أكبر تجمع للاحتجاجات المعارضة للقانون بالأردن.

وبرزت على المواقع حملة تحمل اسم « معناش» لرفض قانون الضرائب، وقد دعّت الحملة لتنفيذ إضراب جزئي يوم السبت المقبل لرفض القانون، وكتبت في بيان لها على مواقع التواصل الاجتماعي: «استكمالًا لرفضنا لقانون الضريبة وتحذيرًا للحكومة من مغبة رفع أسعار المحروقات، نطلب من الأردنيين الالتزام بالبيوت وعدم الخروج إلى الشوارع، وذلك يوم السبت من الساعة الرابعة، وحتى الساعة السادسة مساءً، ورفع علم الأردن على بيوتكم بشكل واضح».

وبالإضافة إلى المشاركة الشعبية في الإضراب، فقد عبر عدد من الصحافيين والبرلمانيين والشخصيات العامة الأردنية عن مشاركتهم في الإضراب ودعمهم له، من بينهم البرلماني قيس زيادين، الذي اعتبر مشروع القانون الضريب «مسمارًا إضافيًا في نعش الاقتصاد الوطني» معلنًا تضامنه مع الإضراب ومشاركته فيه والدعوة لإسقاط القانون. والنائب خالد رمضان عواد الذي دعا للمشاركة في الإضراب من خلال فيديو بثه على صفحته على «فيسبوك».

آراء وحلول!!!... 

وأجمع المحللون على أن البديل هو تغيير النهج، وليس فقط تغيير الحكومات، حيث يرى الناشط والحراكي ليث أبو جليل، أن البديل بات متداولا على نطاق واسع بين النخب السياسية و الفاعلين في هذا الحراك الإصلاحي وهو تغيير نهج الحكم.

وأردف قائلا: "التغيير يتم بعدة نقاط، أولها تعديلات دستورية تنص على الحكومات البرلمانية، وتعديل قانون الانتخاب بشكل جذري ليكون على القائمة الوطنية ويعكس كتلا وبرامج، و كف يد الأجهزة الأمنية وبعض مؤسسات الدولة مثل الديوان الملكي عن التدخل في الحياة العامة وأعمال الحكومة، وأخيرا إعادة النظر في طريقة تشكيل مجلس الأعيان".



وأشار إلى أنه "على المستوى الاقتصادي هناك أيضا مجموعة من الأفكار التي تتعلق بقانون الضريبة وغيره من القوانين، ولكن بالنهاية فإن الشأن الاقتصادي هو قرار سياسي بامتياز".

وقال: "لا يمكن المضي قدما في إنقاذ البلد من وضعها الاقتصادي دون توافق على الإصلاحات السياسية ونهج الحكم، وبرأيي علينا أن نكون منطقيين وأصحاب نفس طويل في مشروع الإصلاح السياسي في الأردن، خاصة أن معظم الناس غير منخرطين في هذا المشروع".

من جهته أكد جواد دويدار على أن البديل هو حكومة وحدة وطنية تقوم بالقطع مع صندوق النقد الدولي، وتعمل على برنامج اقتصادي وطني يضع مصلحة الأردن بعمقها العروبي أولاً.

ووافق القضاة دويدار في طرحه وقال: "البديل الذي نطلبه هو تغيير النهج الحكومي ككل، ومحاسبة الفاسدين وإيجاد حلول جذرية للمشاكل الاقتصادية بطريقة تحفظ حق المواطن بعيش حياة كريمة، وعدم اعتماد الحل الاقتصادي على جيب المواطن".

وآخر الكلام  ....

هل تبقى الحكومة الأردنية على ما وافقت عليه في سحب مشروع قانون ضريبة الدخل في الأردن حسبما أعلنه رئيس الوزراء الأردني قبل شهرين أو ثلاثة بعد تصاعد الاوضاع في  الشوارع الاردنية، استجابة لمطالب المواطنين، وما أكد عليه من حق المواطن في حرية الاحتجاج؟!!!... 

هذا ما سيقرره الشعب الأردني.