"مفاوضات اليمن".. خطة سلام أو تقسيم؟!

الخميس ٠١ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠٧:٤٩ بتوقيت غرينتش

اطلق وزيرا خارجية ودفاع الولايات المتحدة وفي موقف مشترك دعوة أكدا فيها وجوب انطلاق المفاوضات لوقف الحرب في اليمن خلال شهر من الزمن، الدعوة التي جلبت الكثير من ردود الفعل الدولية والمحلية وحملت ايضا الكثير من الاسئلة حول السبب الحقيقي في انطلاق هذه الدعوة الان، وآثارها علي الشعب اليمني.

العالم - تقارير

السبب الحقيقي لانطلاق الدعوة الامرييكة الان..

هناك تفسيرات عدة حول السبب الحقيقي للموقف الامريكي الجديد بشان اليمن لان انطلاق مثل تلك الدعوة يأتي في الوقت الذي تتجه في انظار المجتمع الدولي والراي العام العالمي الى السعودية.

التفسير الاول: ((الامريكان يحسنوا من صورة بن سلمان))

لا احد يستطيع الانكار بان فضيحة اغتيال خاشقجي القت بظلالها على القضية اليمنية واججت المواقف الدولية ضد السعودية حيث اعلنت عدة دول ومنها المانيا وعلى لسان المستشارة انجيلا ميركل وقف تصدير الاسلحة للسعودية.

فخرج الامريكي بهذه الدعوة لانقاذ حليفته السعودية لان وقف بيع السلاح يعني وقف الحرب اوتوماتيكيا وبدونه لا توجد معركة وبذلك سيفشل العدوان وبالاضافة الى ان الجميع يرى ان نظام آل سعود ارتكب جريمة قتل بطريقة وحشية فحاول ان يحسن هذه الصورة بانهاء الحرب استعطافا للغرب. فتكون هذه الدعوة بمثابة طوق نجاة لنظام مهدد بالفشل والزوال.

التفسير الثاني: ((نوايا غير بريئة للامريكان))

ان دعوة وزير الدفاع الاميركي جيمس ماتيس التي طرحت خلال المؤتمر الذي عقد في البحرين ترتكز على تقسيم البلاد الى مناطق حكم ذاتي.

حيث قال ماتيس: "أعتقد أن نزع السلاح وفق جدول تدريجي طويل. أنا أقول إننا لسنا بحاجة الى صواريخ توجه في أي مكان في اليمن بعد الآن. لا أحد سيغزو اليمن. سوف نعود إلى الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة، وبحيث تعطي المناطق التقليدية لسكانها الأصليين، لكي يكون الجميع في مناطقهم، ولا حاجة للسيطرة على أجزاء أخرى من البلاد، ولنترك الدبلوماسيين يعملون على إضفاء لمساتهم السحرية الآن. لكن ذلك يجب أن يبدأ كما أرى على طول هذين الخطين".

فبذلك سيكون ثمن وقف الحرب على اليمن هو تقسيمه، وقد يؤيد البعض صحة هذا التفسير على اساس ان الحرب شنت من البداية للاستيلاء على خيرات اليمن وعندما طال امد الحرب وتكبد العدوان خسائر فادحة سوق من خلال شريكه الامريكي لهذه الفكرة ليستولى بطريقة اكثر "اناقة" ومرضية للمجتمع الدولي على خيراته.

ولكن ما قد يعطل هذه الخطة هو الموقف اليمني، حيث رفض عضو المكتب السياسي لحركة أنصارالله اليمنية، عبدالملك العجري، تصريحات وزير الدفاع الأمريكي وأوضح أن حديث ماتيس عن إمكانية حصول انصار الله على منطقة حكم ذاتي، كما لو أن أنصار الله يمثلون قومية عرقية أو أن اليمن بلد إثني متعدد العرقيات أو أن الصراع في اليمن اجتماعي وليس سياسي، ونسي أن اليمن بلد واحد متجانس ثقافيا وأنصار الله مكون وطني والصراع سياسي.

الدعوة الامريكية اصداء في كل البلاد..

((رد الفعل الخارجي))

فمهما كان الهدف والسيناريو الحقيقي لهذه الدعوة فانها لاقت ترحيبا دوليا وتاييدا كبيرا حيث رحب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، بالدعوات الأخيرة للاستئناف الفوري للعملية السياسية والتدابير للتوصل لوقف الأعمال العدائية في اليمن.

من جانبهم دعت كل من روسيا الاتحادية وأمريكا وفرنسا والاتحاد الأوروبي، إلى دعم جهود إحلال السلام في اليمن، من خلال مساندة مساعي المبعوث الأممي من أجل إيقاف الحرب والتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية.

اذ صرحت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي أنه "حان الوقت لتتوقف هذه الحرب" .

وقالت رئيسة وزراء البريطانية تيريزا ماي لأعضاء البرلمان "بالتأكيد... ندعم الدعوة الأمريكية لوقف التصعيد في اليمن... لن يكون لوقف إطلاق النار في أنحاء البلاد تأثير على الأرض إن لم يرتكز على اتفاق سياسي بين الأطراف المتحاربة".

ردود الفعل الغربية التي قد يكون كما ذكرنا خاشقجي وصور الاطفال الذين راحوا ضحية العدوان هي المحرك الاساسي والطبيعي لها. فبحسب الخبراء فان تصرفات المسؤولين السعوديين والاماراتيين ولاسيما خلال السنة الماضية وبعد فشل الهجوم على الحديدة كشفت عن رغبتهما في النجاة والخروج باسرع مايمكن من مستنقع اليمن من خلال الوساطات التي تقوم بها المنظمات الدولية مع حفظ ماء الوجه، ولهذا يعتقد انهما سيستفيدان من الظروف التي وفرتها الولايات المتحدة لهما لتحقيق ذلك.

((رد الفعل اليمني))

أما بالمقابل، شكك القيادي في حركة أنصار الله محمد على الحوثي في جدية الولايات المتحدة الأمريكية بشأن إيقاف الحرب في اليمن.

وقال الحوثي وهو رئيس اللجنة الثورية العليا، في تغريدة على موقع تويتر: "الأمريكيون هم قادة التحالف، لذا فمطالبتهم بإيقاف العدوان يجب أن يترجموها هم، مع حلفائهم من هم تحت إمرتهم ويسيرون وفق الأهداف التي يحددونها لهم، نحن نعتبرها مطالبة شكلية".

بدوره قال المتحدث باسم انصار الله في اليمن محمد عبدالسلام: اننا مستعدون للتفاعل الايجابي مع اي جهود دولية وأممية تتسم بالجدية لوقف العدوان. متابعا "انه بالنظر إلى دعوات مماثلة صدرت في مراحل ماضية سرعان ما أعقبها تصعيد ميداني فإننا نؤكد جاهزية شعبنا والجيش واللجان الشعبية لمواجهة أي تصعيد، وفي الوقت نفسه نحن أهل للتعاطي الجدي مع أي خطوات عملية، وليس الدعوات الشكلية والتي تطلق للمواسم الانتخابية وللاستهلاك الإعلامي".

وقال عضو المكتب السياسي لحركة انصار الله، حزام الاسد في حديث لقناة العالم: "اذا ارادت أمريكا وقف الحرب في الیمن فعلیها ان توقف عدوانها علی اليمن، وليس علیها استخدام مصطلحات تجعلها كوسيط محايد في هذا العدوان".

الحرب على اليمن جريمة لن تموت وعجلة ضحايا لا تتوقف..

فاذا افترضنا حسن النية وان الامريكان يريدون ان يحلق حمام السلام في سماء اليمن مرة اخرى فهل ستاتي بثمارها؟!

فقد أكد خِيرت كابيلاري المدير الإقليمي لليونيسف ان “اليوم، يواجه 1,8 مليون طفل تحت سن الخامسة سوء التغذية الحاد، و400 ألف سوء التغذية الحاد الوخيم”.

وأضاف ان “إنهاء الحرب ليس كافيا. ما نحتاج إليه هو وقف الحرب و(وضع) آلية حكومية محورها الناس والأطفال”. محذرا كايبلاري من أن حتى إنهاء الحرب يأتي متأخرا للغاية لإنقاذ أطفال البلاد.

البعض قد يرى ان من الافضل هو استغلال هذه الفرصة حتى وان كانت نوايا امريكا هي حرف النظار عن اغتيال خاشقجي. و قد يرى اخرون ان من لا تأمن مكره لن تأمن شره لذلك يحملون نظرة غير متفائلة للوضع.

لكن الحقيقة التي تدعو للتفاؤل هي ان المجتمع الغربي واخيرا احس بالحرج من دعمه لآل سعود وعدوانهم الجائر على اليمن، والاهم هو ان جهد الشعب اليمني وصبره وتحمله لافظع وابشع اشكال العدوان والمجازر لم يذهب هباء واستطاع ان يسطر بحروف من نور اسمه في لوحه الشرفاء ليجبر كل العالم على الاستماع لصوته ويجعل العدوان بهذه الدعوه يعترف بفشله وانهزامه.

ندا قاسمي