ما وراء هجمات التحالف الاميركي الاخيرة على دير الزور؟

ما وراء هجمات التحالف الاميركي الاخيرة على دير الزور؟
الأحد ٠٤ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠١:٠٨ بتوقيت غرينتش

في الوقت الذي يشن فيه تنظيم "داعش" الارهابي سلسلة هجمات على دير الزور، لاستعادة مواقع كان قد خسرها لمصلحة ما يسمى التحالف الدولي بقيادة واشنطن، أفادت وكالة "سانا" السورية باستشهاد 15 مدنيا معظمهم من الأطفال والنساء، جراء ضربات طيران التحالف الأميركي على بلدة هجين في المحافظة الواقعة شرقي سوريا. من جانب آخر اعلنت وزارة الدفاع الروسية عن استشهاد 4 عسكريين سوريين جراء هجمات شنتها جماعات مسلحة في إدلب في خرق واضح لاتفاق وقف اطلاق النار.

العالم - تقارير

وأوضحت "سانا"، نقلا عن مصادر أهلية وإعلامية، أن قوات التحالف نفذت عمليات قصف هي الأعنف منذ شهور على الأحياء السكنية في هجين شرق مدينة دير الزور بنحو 110 كيلومترا، ما أسفر عن استشهاد 15 مدنيا معظمهم من الأطفال والنساء كانوا موجودين في المنازل القريبة من مسجد خالد بن الوليد في المدينة بالإضافة إلى جرح آخرين.

من جانبه، أكد مدير ما يسمى "المرصد السوري لحقوق الإنسان" المعارض، رامي عبد الرحمن، أن "14 مدنيا بينهم 5 أطفال و5 نساء قتلوا في غارات لطائرات التحالف على بلدات هجين والسوسة والشفعة"، الواقعة في محافظة دير الزور شرق سوريا على الضفاف الشرقية لنهر الفرات.

وأضاف عبد الرحمن أن عدد الضحايا مرشح للارتفاع "بسبب وجود جرحى بحالات خطرة"، كما أوضح أن "9 عناصر من تنظيم داعش قتلوا في قصف لطائرات التحالف على مناطق أخرى من الجيب نفسه".

وأعلن عبد الرحمن أيضا أن "القصف مستمر واشتد بعد الهجوم الفاشل للتنظيم على قاعدة البحرة" التابعة لقوات التحالف، وغير البعيدة عن الجيب الذي يسيطر عليه المسلحون.

وسبق أن أعلنت دمشق أن التحالف الدولي قصف بلدة هجين 3 مرات على الأقل في أكتوبر الماضي باستخدام القنابل المحتوية على الفسفور الأبيض المحظور دوليا. 

وتقود الولايات المتحدة في سوريا قوات "التحالف الدولي" ضد "داعش" منذ صيف عام 2014 دون أي دعوة أو موافقة من قبل السلطات السورية، التي تتهم الجيش الأمريكي وحلفاءه بانتهاك سيادة الدولة وارتكاب مجازر متكررة بحق المدنيين الأبرياء.

والرابط التالي يوثق لحظة القصف الاميركي لبلدتي هجين والبحرة في دير الزور:

http://media.alalam.ir/uploads/org/2018/11/04/154132349303440000.mp4

هجمات داعش مخطط أميركي أم قوة متجدّدة؟

وشنَّ تنظيم داعش الارهابي سلسلة هجمات على محافظة دير الزور، واستعاد مواقع كان قد خسرها لمصلحة قوات التحالف الأميركي.

وطرحت هذه الهجمات أسئلة حول أسباب ذلك، لا سيما أنّ المكاسب التي حققها داعش على حساب قوات التحالف الأميركي جاءت بعد إعلان قوات «قسد» المدعومة من الأميركيين، والتي تشكل جزءاً من التحالف الأميركي، أنها بدأت هجومها الأخير لطرد داعش من الجيب الذي لا يزال يسيطر عليه، وكانت النتيجة بدلاً من سيطرة التحالف الأميركي على هجين ومحيطها، شنّ داعش هجوماً واستعاد مناطق كان قد خسرها.

هناك أكثر من تفسير للمكاسب التي حققها داعش على حساب التحالف الأميركي. تفسير شائع دأبت على الحديث عنه "قوات سوريا الديمقراطية" ويتمثل بأنّ داعش استغلّ الأحوال الجوية والعاصفة الرملية التي أثرت على عمل سلاح الجو الأميركي، وبالتالي حقق التقدّم الذي يجري الحديث عنه.

لكن هذا التفسير تدحضه بعض الوقائع، أولاً، الأميركيون يقولون إنّ لديهم سلاحاً جوياً متطوّراً قادراً على العمل في كلّ الظروف، وحتى لو كانت هناك عاصفة غبارية، فإنها لا تؤثر على الدعم الجوي، لا سيما أنّ الدعم الجوي ليس عبر الطائرات المروحية، بل الطائرات الحربية. كما أنّ سلاح الجو الأميركي استطاع صدّ هجوم داعش على حقل عمر النفطي على الرغم من وجود العاصفة الغبارية، ولم تحل العاصفة دون تقديم المساندة الجوية، إذن الولايات المتحدة تعمّدت ألا تقدّم الدعم الجوي المطلوب ومكّنت داعش من تحقيق التقدّم الذي تحقق، فما هي الأهداف الأميركية من وراء ذلك؟

وفي الإجابة على هذا السؤال يأتي التفسير الثاني للتقدّم الذي حققه داعش. القوات الجوية الأميركية لم تقدّم الدّعم الجوي لأنها لا تريد القضاء على داعش في هذا الجيب، لأنها تستخدمه للضغط على العراق، وتستخدمه أيضاً لتبرير بقاء قواتها في سوريا لفترة طويلة بذريعة أنّ خطر داعش لا زال قائماً، ويمكن أن يتجدّد في أيّ لحظة، وبالتالي من غير الصائب الإسراع في سحب القوات الأميركية من سوريا.

لا شك أنّ هذا التفسير هو الوحيد والمنطقي الذي ينسجم مع واقع الحال. أما القول إنّ الهجوم الذي شنّه داعش ونجاحه في استعادة مواقع قد خسرها يعبّر عن تجدّد في قوة هذا التنظيم واستعادته لزمام المبادرة، فهو أقرب إلى الشائعة منه إلى الحقيقة. داعش اليوم محاصر في هذا الجيب، وليس له منفذ للخارج، فكيف له أن يعيد بناء قوته من جديد، لا سيما إذا كان صحيحاً، ولم يكن شائعة، هجوم «قسد» المدعومة من القوات الأميركية على معقله الأخير. إنّ قدرة داعش على التجدّد والانتعاش تحتاج إلى الحصول على أسلحة إضافية ومقاتلين جدد، وإذا كان داعش محاصر في منطقة صغيرة كيف له تحقيق كلّ ذلك؟

داعش لا يزال له وظيفة من قبل الولايات المتحدة والدول الغربية، وهجومه الأخير وما حققه من مكاسب يعبّر عن هذا الواقع وليس أيّ شيء آخر.

استشهاد 4 عسكريين سوريين جراء هجمات بإدلب 

من جهة اخرى قال مدير مركز حميميم لمصالحة الأطراف المتناحرة في سوريا والتابع لوزارة الدفاع الروسية، اللواء فلاديمير سافتشينكو: "على الرغم من النظام المعلن لوقف الأعمال القتالية إلا أن انتهاكاته لا تزال مستمرة من قبل التشكيلات المسلحة غير الشرعية الناشطة في منطقة خفض التصعيد بإدلب".

وأوضح سافتشينكو أن المسلحين في إدلب نفذوا خلال الساعات الـ24 الماضية عدة عمليات قصف استهدفت بلدة الدجاج في محافظة إدلب وقرية أبو دالي في محافظة حماة، مشيرا إلى أن هذه الهجمات أسفرت عن مقتل 4 عسكريين سوريين بالإضافة إلى إصابة واحد آخر.

ودعا مدير مركز حميميم الروسي "كل قادة التشكيلات المسلحة غير الشرعية للتخلي عن الاستفزازات المسلحة وسلك سبيل التسوية السلمية للأوضاع في مناطق سيطرتهم".

خرق اتفاق ادلب سيؤدي الى تصعيد دولي 

منذ أن توصل الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان في 17 أيلول/سبتمبر إلى اتفاق بوقف إطلاق النار وإقامة منطقة منزوعة السلاح في محافظة إدلب ومحيطها والجماعات المسلحة تخرق هذا الاتفاق من خلال قصف واستهداف مناطق سيطرة الجش السوري، الأمر الذي يعتبره مراقبون من شأنه أن يؤدي إلى تجدد القتال في المنطقة وتصعيد دولي بين الدول الداعمة للطرفين، وهو تصعيد لا أحد يريده الآن ولا في المستقبل.

وقال الأستاذ الجامعي والباحث في الشأن السوري جوليان تيرون إن "أي مواجهة اليوم بين القوى المحلية في إدلب ستفضي غالبا إلى مواجهة أو رد من الدول التي ترعاها". وبالتالي "لا يمكن لأحد أن يحقق الاستقرار او إعادة إعمار البلد من دون مساندة أو موافقة الجهات الأخرى. ولذلك، فإن الخيار الدبلوماسي يبدو حتميا".