مقتل خاشقجي.. ادلة تركيا ومحاولة ترامب لإنقاذ بن سلمان

مقتل خاشقجي.. ادلة تركيا ومحاولة ترامب لإنقاذ بن سلمان
الثلاثاء ٢٠ نوفمبر ٢٠١٨ - ١٢:٣٠ بتوقيت غرينتش

على ضوء تقارير بأن وكالة المخابرات المركزية الامريكية (CIA) خلصت إلى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، هو من أمر باغتيال خاشقجي، يعتزم الرئيس دونالد ترامب اليوم تقديم تقرير عن تفاصيل جريمة مقتل خاشقجي.يأتي ذلك في وقت قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إن أنقرة تمتلك أدلة حول علاقة بن سلمان باغتيال خاشقجي، لا تعتمد فقط على التسجيلات الصوتية، رافضا بذلك تصريحات وزير  الخارجية السعودي عادل الجبير التي قال فيها إن الاتهامات التركية لا يُقصد بها ولي العهد.

العالم - تقارير

تورط بن سلمان بقتل خاشقجي واضح بشكل صارخ

في أحدث الردود الاميركية، وقبل أن يصدر الرئيس الاميركي نتائج التحقيقات بمسألة المتورطين بمقتل خاشقجي،المقررة اصدارها اليوم، أكد مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية -اطلع على تقييم وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي أي) بشأن مقتل خاشقجي- أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان هو من أصدر أوامر القتل.

وقال المسؤول -الذي لم يكشف عن هويته لشبكة "أي بي سي" الأميركية- إن ضلوع بن سلمان في اغتيال خاشقجي واضح بشكل صارخ، مؤكدا أن ثمة إجماعا على أن القيادة السعودية متورطة في عملية الاغتيال.

وأكد المسؤول أن التقرير الاستخباراتي للسي اي ايه يستند إلى اعتراض المكالمات الهاتفية بين فريق الاغتيال ومساعدين لبن سلمان، كما أكد أن من بين الأدلة المذكورة في التقرير هي العلاقة بين أعضاء فريق القتل وولي العهد. 

الجبير: الاتهامات التركية لا يُقصد بها ولي العهد

من جهته قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، عندما سئل عن تقارير إعلامية أفادت بأن المخابرات الأمريكية تعتقد أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هو من أمر بقتل خاشقجي، قال إن مثل هذه المزاعم "لا أساس لها من الصحة تماما ونرفضها بشكل قطعي".

وادعى الجبير، أن السلطات التركية أكدت للرياض، أن ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان ليس هو المقصود بالتصريحات التركية التي تتهم شخصية رفيعة بإصدار الأمر بتصفية المواطن السعودي جمال خاشقجي.

وكما أشار الجبير إلى أن السعودية ترفض بشكل قطعي أي مزاعم بشأن ولي العهد سواء كانت من خلال تسريبات أو غيره.

وأردف الجبير، أن "قيادة المملكة العربية السعودية، ممثلة بالملك سلمان وولي العهد، خط أحمر، ولن نسمح بمحاولات المساس بقيادتنا أو النيل منها، من أي طرف كان، وتحت أي ذريعة كانت، فالمساس بقيادة المملكة هو مساس بكل مواطن ومواطنة"، على حد تعبيره.

تركيا تملك أدلة على علاقة بن سلمان بقتل خاشقجي

بدوره أكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، الثلاثاء، أن بلاده تمتلك أدلة على علاقة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان باغتيال الصحفي خاشقجي.

وأوضح أكار، في مقابلة مع شبكة "بي بي سي ترك"، أن الأدلة التي تملكها تركيا "لا تعتمد فقط على التسجيلات الصوتية"، مشيرا إلى تقاسم هذه الأدلة مع دول عدة حول العالم.

وأضاف أن أنقرة طلبت من الرياض تسليم الـ18 شخصا المتهمين بالقضية لمحاكمتهم في تركيا، إلا أن السعودية لم تبد أي تجاوب.

وحول ما إذا كانت تركيا راضية عن مجريات التحقيق التي تقوم بها السعودية مع المتهمين، شدد أكار على أن بلاده تفضل أن يتم محاكمتهم والتحقيق معهم في المنطقة التي حدثت فيها الجريمة، قائلا: "هذا أفضل بكثير".

ولفت وزير الدفاع التركي إلى أنه سيتم الإعلان عن التسجيلات الصوتية لجريمة الاغتيال تباعا، بحسب التطورات، مشيرا إلى أن التحكم بذلك يتم بالتوافق مع المدعي العام بمدينة إسطنبول.

ترامب يبحث عن طوق نجاة لمحمد بن سلمان

نقلت صحيفة "واشنطن بوست" الاميركية عن مساعدين للرئيس الأمريكي، قولهم إن دونالد ترامب يبحث عن طرق لتجنب إلقاء اللوم على محمد بن سلمان، حليفه الوثيق الذي يلعب دورا مركزيا في سياسته بالشرق الأوسط.

وتابعت: لذلك أكد ترامب في مقابلة مع "فوكس نيوز صنداي" أن ولي العهد أخبره "ربما بخمس مرات مختلفة" و"في الآونة الأخيرة منذ بضعة أيام" أن لا علاقة له بعملية قتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي.

واعتبرت الصحيفة، أنه جرى تعقيد هدف ترامب إيجاد طوق نجاة لمحمد بن سلمان، من خلال نقل قصص متناقضة من العاصمة السعودية عن مقتل الصحفي، وظهور أدلة تشير إلى ولي العهد شخصيا، بما في ذلك التسجيل الذي قدمته تركيا ويلتقط حشرجات خاشقجي أثناء تعذيبه على يد فريق سعودي بعد لحظات من دخول قنصلية بلاده في اسطنبول يوم 2 أكتوبر الماضي.

وذكرت أن ترامب، اعترف بعدم استطاعته سماع تسجيل صوتي أسماه "شريط المعاناة" عن مقتل الصحفي جمال خاشقجي، لكنه رفض الاستجابة لطلب المشرعين فرض عواقب أكثر خطورة على السعودية ومواجهتها بالحقيقة.

وقالت الصحيفة، الاثنين، إنه استنادا إلى الشريط وغيره من الاتصالات التي تم اعتراضها، استنتجت وكالة الاستخبارات المركزية CIA، أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أمر الشهر الماضي بقتل خاشقجي، وهو أحد أبرز المنتقدين للزعماء السعوديين وكاتب عمود في صحيفة واشنطن بوست.

وقال ترامب في مقابلة مع فوكس نيوز، تم تسجيلها يوم الجمعة وأذيعت الأحد: "لدينا الشريط. لكني لا أريد سماعه.. لا يوجد سبب بالنسبة لي لسماع هذا الشريط".

ووصفه بأنه "شريط معاناة" وقال لصحفي فوكس كريس والاس: "أعرف كل ما حدث في الشريط دون الحاجة إلى سماعه.. لقد كان عنيفا للغاية وشريرا للغاية ورهيبا".

ورفض ترامب الإقرار بمسؤولية ولي عهد السعودية عن عملية القتل عندما سأله والاس عن دور محمد بن سلمان في القتل وما إذا كان ولي العهد قد كذب على ترامب حول عدم مشاركته؟:

"حسنا، هل سيعرف أي شخص حقا؟" قال ترامب. وأضاف: "لقد فرضنا عقوبات شديدة للغاية، عقوبات كبيرة على مجموعة كبيرة من الأشخاص من المملكة العربية السعودية. لكن في الوقت نفسه لدينا حليف، وأريد أن ألتزم بحليف كان في كثير من الأحوال جيدًا للغاية".

وقالت الصحيفة، إن ترامب جهد خلال المقابلة لأن يثير صراحة الشك في استنتاجات وكالات الاستخبارات الأمريكية القائلة إن محمد بن سلمان هو من أمر بالاغتيال.

ميدل إيست آي: بومبيو سلّم خطة لإنقاذ بن سلمان

من جهة اخرى سلّم وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، خطّة خريطة طريق تُرشده وتُنقذه من تداعيات قتل الصحفي جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده في إسطنبول التركية، بحسب الموقع البريطاني "ميدل إيست آي".

ونقل "ميدل إيست آي"، في تقرير للمحرر الاستقصائي الشهير به، ديفيد هيرست، عن مصدر سعودي رفيع، اليوم الثلاثاء، أن خريطة الطريق المقدَّمة من بومبيو كان فحواها العمل على إنقاذ بن سلمان من فضيحة قتل خاشقجي.

وبيّن المصدر أن الخطة سلّمها بومبيو خلال محادثات جمعته بالملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده، الشهر الماضي، بالرياض.

وتتضمّن الخطة خياراً يتمثّل في إلصاق تهمة مقتل الصحفي السعودي بعضو بريء من عائلة آل سعود الحاكمة في البلاد، لتبرئة من هم في أعلى هرم السلطة.

وبحسب المصدر نفسه كذلك، فإن ذلك الشخص لم يقع الاختيار عليه بعد، ولن يلجأ الزعماء السعوديون -بحسب قوله- لتلك الخطة إلا إذا أصبح الضغط أكثر مما يمكن أن يتحمّله بن سلمان.

وبومبيو قدّم خطته في 16 أكتوبر الماضي، عندما طار إلى الرياض للقاء الملك سلمان وولي عهده محمد، في ظل تكثيف الاهتمام الدولي بكشف ملابسات قضية خاشقجي.

وقال هيرست إن اجتماع بومبيو حينها مع ولي العهد في الرياض أثار دهشة جماعات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، والتي كانت تحثّ واشنطن على الضغط على السعوديين لكشف ملابسات ما حصل لخاشقجي بعدما دخل قنصلية بلاده، يوم الثاني من أكتوبر الماضي، لاستخراج وثائق، ولم يخرج.

وأضاف هيرست: إن "بومبيو أخبر الصحفيين بعد يوم من الاجتماع الرفيع المستوى الذي حضره في السعودية أن السعوديين لا يريدون التحدّث عن الحقائق في قضية خاشقجي، ولا بومبيو يريد ذلك أيضاً".

ولم ترد وزارة الخارجية الأمريكية على طلبات "ميدل إيست آي" المتكرّرة للتعليق على طبيعة زيارة بومبيو المذكورة للرياض، والنقاشات التي دارت.

أمراء يقطعون طريق العرش على بن سلمان

من جهة اخرى نقلت رويترز عن 3 مصادر مقربة من الديوان الملكي السعودي، أن أعضاء بالأسرة الحاكمة في المملكة يسعون لمنع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان من تسلم عرش البلاد، بعد قضية مقتل جمال خاشقجي.

وقالت المصادر المذكورة إن العشرات من الأمراء وأبناء العم من فروع قوية لأسرة آل سعود الحاكمة، يريدون أن يروا تغييرا في خط الخلافة، لكنهم لن يتصرفوا طالما لا يزال الملك سلمان، والد ولي العهد، البالغ 82 عاما على قيد الحياة. وهم يدركون أنه من غير المرجح أن ينقلب الملك ضد ابنه المفضل.

ومع ذلك، يناقش هؤلاء الأمراء مع أفراد العائلة الآخرين مرحلة ما بعد وفاة الملك الحالي، وإمكانية تنصيب شقيقه الأمير أحمد بن عبد العزيز، البالغ من العمر 76 عاماً، ملكا على عرش البلاد، وهو شقيق كامل للملك سلمان وعم ولي العهد الراهن، ويمكنه أن يتسلم العرش على نحو شرعي، بحسب المصادر.

وقال أحد المصادر السعودية لرويترز، إن الأمير أحمد، شقيق الملك سلمان الوحيد الباقي على قيد الحياة، سيحصل على دعم أفراد العائلة المالكة والأجهزة الأمنية وبعض القوى الغربية.

وعاد الأمير أحمد إلى الرياض في أكتوبر الماضي بعد قضائه شهرين ونصف الشهر في الخارج. وخلال رحلته خارج المملكة، بدا كما لو أنه ينتقد القيادة السعودية عندما كان يرد على المتظاهرين خارج مقر إقامته في لندن وهم يهتفون بسقوط أسرة آل سعود. وقد كان أحد ثلاثة أشخاص فقط في مجلس البيعة، المؤلف من كبار أعضاء العائلة الحاكمة، الذين عارضوا أن يصبح محمد بن سلمان ولياً للعهد في عام 2017، حسبما قال مصدران سعوديان في ذلك الوقت.

وأسرّ مسؤولون أمريكيون كبار إلى مستشارين سعوديين في الأسابيع الأخيرة، بأنهم سيؤيدون الأمير أحمد، الذي كان نائباً لوزير الداخلية لما يقرب من 40 عاماً، كخليفة محتمل للملك سلمان، وفقاً لمصادر سعودية على دراية مباشرة بالمشاورات.

وقالت هذه المصادر السعودية إنها واثقة من أن الأمير أحمد لن يغير أو ينقض أي إصلاحات اجتماعية أو اقتصادية اتخذها ولي العهد الحالي محمد بن سلمان، وسيحترم عقود المشتريات العسكرية الحالية وخصوصا من الولايات المتحدة، وسيعيد وحدة الأسرة الحاكمة.

لكن بحسب مسؤول أمريكي كبير، البيت الأبيض ليس في عجلة من أمره ليبعد نفسه عن ولي العهد الحالي، على الرغم من الضغوط التي يمارسها المشرعون، والتقييم الذي توصلت إليه وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA حول تورط محمد بن سلمان بإصدار أمر قتل الصحفي المعارض خاشقجي، رغم أن موقف أدارة دونالد ترامب هذا قد يتغير بمجرد أن يحصل الرئيس على تقرير نهائي حول عملية القتل من الاستخبارات.

وقال المسؤول أيضا، إن البيت الأبيض لاحظ وقوف الملك سلمان إلى جانب ابنه خلال الخطاب الذي ألقاه في الرياض يوم الاثنين أمام أعضاء مجلس الشورى، مما يعني أن الملك ما زال متمسكا بوراثة نجله لعرشه.

ومنذ مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول، قدم السعوديون روايات متعددة لما حدث في القنصلية. وفي الأسبوع الماضي، وألقى المدعي العام السعودي سعود بن عبد الله بن مبارك المعجب، باللوم على فريق الاغتيال الذي تم إرساله إلى اسطنبول لتنفيذ العملية. وأعلن عن توجيه الاتهامات ضد 11 شخصا معتبرا ان بلاده ستسعى إلى إنزال عقوبة الإعدام بحق خمسة منهم.

وادعى المدعي العام في المملكة، أن ولي العهد لم يعلم شيئاً عن عملية قتل خاشقجي ولا ضلع له فيها.

ورغم هذه التطورات، يبدو أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، يستعد للعودة إلى الواجهة، بعدما أرغمته الأزمة الناجمة عن تقارير وادلة كشفت تورطه باغتيال خاشقجي، على التراجع عن صدارة المشهد ريثما تنقضي العاصفة.

هذا ما أوحى به أمس إعلان المملكة أن ابن سلمان سيشارك في "قمة العشرين" المنتظرة أواخر الشهر الجاري في الأرجنتين، كجزء من جولة خارجية. إعلان يشي باطمئنان سعودي إلى فحوى "الخلاصة النهائية" المرتقب صدورها اليوم من واشنطن بشأن قضية خاشقجي، التي كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد وعد بها. وهو اطمئنان يؤشر عليه أيضاً مضيّ الملك سلمان في التسويق لنجله، بعدما تولّى بنفسه العمل على تحصينه داخلياً.