العالم - مقالات
رغم ان الاعلام التركي والقطري وبعض من الإعلام الغربي لا زال يتابع تفاصيل الجريمة المروعة التي حصلت في القنصلية السعودية في مدينة إسطنبول التركية، الا ان القضية تراجعت بشكل ملموس عن الاهتمام الذي حظيت به من وقوعها حتى اعلان الرئيس الاميركي دونالد ترامب عن براءة الملك السعودية ونجله ولي العهد من قرار تصفية خاشقجي جسديا وبتلك المبالغة في التوحش والغباء الاستخباري.
الرئيس الأميركي اعلنها صريحة ان السعودية حليف قوي لبلاده في الشرق الاوسط ولولاها لكان كيان الاحتلال الاسرائيلي في ورطة كبيرة وان السعودية تدفع مليارات الدولارات لشراء الاسلحة الأميركية، وربما تخسر المليارات لتبقى اسعار النفط منخفضة حسبما يتطلب الاقتصاد الأميركي.
كذلك كانت اللوبيات الإسرائيلية تعمل بكل مثابرة للحفاظ على عرش من لولا مملكته لكان كيان الاحتلال في ورطة كبيرة كما اعلن ترامب بكل وضوح، وبالتالي كان الكثيرون يعلمون ان السعودية تحاول الاستفادة من الخبرات الاسرائيلية في التجسس والتقنيات الاستخبارية اما ان يكون الكيان الإسرائيلي هو المستفيد من السعودية فهذا امر يحتاج الى تفسير وتفصيل وتوضيح يبين حقيقة الحكم السعودي في عيون الشعوب العربية التي لازالت تدعم مقاومة الإحتلال وترفض التطبيع، فاذا بها تُصدم بان "اسرائيل" تستقوي بالسعودية!.
الامر اللافت الآخر، ان روسيا التي عادة ما تريد لها نفوذا في المنطقة مستفيدة من تناقضات القوى الفاعلة فيها، وقفت الى جانب الرواية الرسمية السعودية عن مقتل خاشقجي واراحت الرياض من امكانية مراوغتها في هذه القضية التي هزت العرش السعودي. كذلك كانت المواقف الاوربية غير جادة او ليس بالمستوى المطلوب، خاصة وأنها سكتت على جرائم السعودية في اليمن كما تبينه ارقام المنظمات الدولية من بشاعات وفظائع ومجاعات.
وبذلك بقيت تركيا وقطر بما يمثلانه من محور ثالث في المنطقة، لوحدهما في متابعة قضية خاشقجي والدور المحتمل لشخص ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في جريمة خاشقجي، ومحاولة دفع الرياض اثمان تراكم سياسات استهدفت قطر وتركيا وجماعة الإخوان المسلمين، وقد بدا واضحا كيف ان الخطاب الرسمي السعودي حاول جاهدا ان يبرد جبهاته مع قطر وكذلك مع تركيا لشراء مزيد من الوقت لتحصل الرياض على صك براءة من البيت الأبيض لتنتقل الى مرحلة تجاوز الازمة والتطبيع.
وهنا مرة أخرى، يتبين ان رجل البيت الابيض هو تاجر معياره الربح والخسارة وليس العدالة او الحقيقة، وان السعودية بكل ما عليها من مؤاخذات في نظامها السياسي ومذهبها الديني ودور اموالها وجمعياتها في دعم الجماعات الإرهابية تفلت من أية عقوبة او عقوبات، بل على العكس بادرت الرياض الى معاقبة دولة مثل كندا لان سفيرها فقط انتقد اعتقال ناشطين وناشطات مدنيين.
وهنا تتأكد مرة أخرى، حقيقة أن من يقرر لعب دور البقرة الحلوب او يسخر ظهره للركوب، ودور التابع للإرادات الغربية والصهيونية قد يكون في مأمن مهما ارتكب من جرائم او فضاعات، وللعالم مثال واضح في الكيان الإسرائيلي الذي يحتل ويغتصب ويقتل ويغتال ويدمر لكنه يحتمي بالفيتو الأميركي دون ان يغير هذا الامر من حقيقة اجرام هذا الكيان، فالضمير العالمي الحي يزداد كراهية ونفورا من هذا الكيان الغاصب، وكذلك هو الامر مع آل سعود مهما بذلوا من اموال واشتروا ذمم حكومات ودول، ستبقى صورتهم في الضمير العالمي وخاصة العربي والإسلامي هي هي بلا تغيير ولا تقبل اية رتوش...
احمد المقدادي / العالم