بن سلمان سيعصف بترامب لهذا السبب!!

بن سلمان سيعصف بترامب لهذا السبب!!
السبت ٢٤ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠٥:٢٩ بتوقيت غرينتش

مما لاشك فيه ان جريمة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي لن تقتصر تداعياتها على السعودية والمنطقة فحسب، بل ستكون جلية على الرئيس الاميركي دونالد ترامب نفسه الذي يواجه اعتراضا داخليا واسعا بسبب محاولته للتستر على هذه الجريمة.

العالم - السعودية

بالرغم من الاعتراض الكامل على سياسات اميركا التوسعية والاستعمارية في العالم لكن هناك شيئا قد يتفق عليه الجميع وهو ان هذه الدولة هي دولة مؤسسات ينبغي ان تكون أحد أهم أسسها التوازن بين السلطات، لكن ما قاله الرئيس ترامب حول تقييم وكالة الاستخبارات الاميركية (سي اي اي) لمقتل خاشقجي، عصف بهذا الاساس ولن يكون تأثيره سعيدا عليه شخصيا عندما أعلن، الثلاثاء الماضي، عدم وجود تأكيد أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان هو من أمر بقتل خاشقجي، مبيّناً: "ربما فعل أو لم يفعل"، مخالفاً بذلك التقييم النهائي لوكالة الاستخبارات الأميركية، التي أعلنت في تسريبات صحفية أن بن سلمان هو من أمر بقتل خاشقجي.

تداعيات تستر ترامب على ابن سلمان

فمن المؤكد الان، ان عبارة "ربما فعل أو لم يفعل" ستتحول الى غطاء جديد في دبلوماسية الرئيس الأميركي سوف يمنحه لأي ديكتاتور آخر يكون قادراً على منح ترامب شعوراً بأنه "يحبّه".

ومن تداعيات هذه الجملة على الاوضاع التي تمر بها المنطقة وربما أهمها تأثيرها في تصفية القضية الفلسطينية حيث يعتبر بن سلمان عراب التطبيع مع الاحتلال الاسرائيلي وخاصة ان دولا عربية اخرى حذت حذو النظام السعودي وقامت باستقبال وفود هذا الكيان على اراضيها، في حين ان السعودية تواصل عدوانها على الشعب اليمني أمام مرأى ومسمع العالم وسمسار البيت الابيض هو من يحدّد وليس اي تقرير استخباراتي او حتى أممي آخر انه اذا ما ارتكبت السعودية جرائم حرب ضد اليمنيين أو لا، فبحسب رؤية ترامب الاستثنائية ربما ارتكبت أو لم ترتكب. وليس هذا فحسب بل الكل يعرف الدور الذي يلعبه النظام السعودي في توسعة رقعة التوترات في المنطقة وحتى في خارجها، وتشكيل الحكومة الجديدة في ماليزيا خير دليل على ذلك، وقس على هذا..

وفي هذا السياق قال الكاتب الاميركي جاكسون ديهل إن "ما فعله ترامب سوف يُفاقم وضع النشطاء والصحفيين المنشقّين عن أنظمتهم التي اعتادت أن تنظر بقلق إلى رد فعل الولايات المتحدة، وهي الرسالة الثانية لترامب بتجنيب تحميل بن سلمان مسؤولية قتل خاشقجي".

وينبّه الكاتب إلى أنه "لا ينبغي بعد الآن أن نُفاجأ إذا اختفى منفيون أو منشقّون أو ماتوا، ومن ضمن ذلك مَن هم في العواصم الغربية. اليوم هناك المئات من المصريين المغتربين في واشنطن، أخبرني بعضهم أنهم تعرّضوا للمضايقة والمراقبة، مثل تلك التي حصلت مع خاشقجي قبل مقتله".

ترامب يتعرض للتحقيق من اجل عيون ابن سلمان

وحول تداعيات جريمة مقتل خاشقجی على مستقبل ترامب نفسه، يمكن التطرق الى ما صرحت به صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية التي قالت ان الولايات المتحدة ستعض أصابع الندم لرفض رئيسها دونالد ترامب الوقوف في وجه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي تحمله الاستخبارات الأميركية مسؤولية إصدار الأمر بقتل الصحفي السعودي في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

ويبدو ان الصحيفة البريطانية استشرفت المستقبل حيث قال الرئيس القادم للجنة المخابرات بمجلس النواب الأميركي إن الديمقراطيين في اللجنة سيفتحون تحقيقا بشأن تعامل الرئيس دونالد ترامب مع السعودية.

وقال النائب أدام شيف لصحيفة واشنطن بوست؛ إن التحقيق سيجري في إطار مراجعة دقيقة للعلاقات الأميركية-السعودية العام المقبل.

وأوضح بان اللجنة ستحقق في تقييم الاستخبارات الأميركية لمقتل خاشقجي، وأيضا الحرب في اليمن، واستقرار الأسرة السعودية الحاكمة، وتعامل المملكة مع منتقديها ومع الصحافة، بالإضافة إلى قضايا أخرى.

وأشار شيف إن اللجنة ستراجع ما خلصت إليه الـ"سي.آي.إيه" وأيضا ما إذا كانت العلاقات المالية الخاصة لترامب مع السعوديين أثرت في تعامله مع القضية كرئيس.

وفي سياق متصل، ذكر السيناتور الديمقراطي جاك ريد، أن الرئيس ترامب، كذب بخصوص المعلومات التي توصلت إليها وكالة “CIA”، حول جريمة مقتل خاشقجي، قائلا: "نعم، فـCIA، وصلت إلى نتيجة تفيد بارتباط ولي العهد السعودي محمد بن سليمان، بشكل مباشر بجريمة خاشقجي".

وأكد ريد، ما ذكرته الصحف الأمريكية بشأن "توصل CIA إلى نتيجة بأن محمد بن سلمان، من أعطى أمر قتل خاشقجي"، مضيفا "وهذا استند إلى حقائق وتحليلات، فليس من الصواب الاعتقاد بأن CIA لم تصل إلى نتيجة". 

ولفت ريد، إلى أن ترامب، فكّر بالمصالح المالية فيما يتعلق بالعلاقات مع السعودية، مشيرا الى أن "الرئيس الأمريكي يبدو كأنه أسير السعوديين".

هذا فيما قال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام إن قرار الإبقاء على ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أو استبداله يعود للسعوديين، لكنه شدد على أنه سيتعين عليهم تحمل التبعات.

وخلال مقابلة له مع قناة فوكس نيوز الأميركية، انتقد غراهام ولي العهد السعودي، وحذر من تداعيات تصرفاته وجدد التأكيد على أنه لن يغض الطرف عما فعله محمد بن سلمان. 

كما علق على جريمة مقتل الصحفي جمال خاشقجي "أعتقد أنه (بن سلمان) هو من فعلها وأعتقد أنه مجنون حتما بعد كل ما فعله بالشرق الأوسط".

وعموما يتساءل الخبراء انه كيف لترامب ان يدعي بأن تقرير وكالة الاستخبارات الاميركية يعتبر تقريرا استنباطيا وبناء عليه قد يكون بن سلمان ارتكب الجريمة وقد يكون لم يرتكبها ولهذا سيبقى على علاقته بالسعودية بينما اتخذت اميركا قبل ذلك سياسات خارجية مهمة بل وقامت بشن حروب استنادا على مثل هذه النوعية من التقارير كغزو العراق؟.

إن عدم الاكتراث للرؤية المؤسسية والذي تبناه الرئيس الأميركي في تعاطيه الاخير مع جريمة "مقتل خاشقجي" أثار حنق العالم، وهو يوجز نهج تعامله التجاري "الفج" إزاء السياسة الخارجية والامر ليس مستبعدا عن رجل اعمال لم يُخف يوما إعجابه بالحكام المستبدين حتى لو كانت أياديهم ملطخة بالدماء وكلما كان هؤلاء الطغاة أكثر ثراء، سعى ترامب لاحتضانهم.

والسؤال الذي يطرح نفسه الان هو هل سيصر ترامب على دعمه المفتوح لابن سلمان ام انه سيتمادى في الحماية ويخضع للتحقيق؟