مسار آستانة.. وفرص تحقيق السلام في سوريا

مسار آستانة.. وفرص تحقيق السلام في سوريا
الثلاثاء ٢٧ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠١:٢٢ بتوقيت غرينتش

جولة جديدة من المفاوضات الرامية الى الحل السلمي في سوريا ستبدأ يوم غد الاربعاء، ولمدة يومين في العاصمة الكازاخية آستانة، بمشاركة اطراف محلية ودولية وسط تطلعات بأن تسفر الاجتماعات عن نقلة نوعية لحلحة الازمة في سوريا. وتعقد مفاوضات آستانة بالتزامن مع اوضاع متشابكة تشهدها عدة مناطق في سوريا ومنها حلب التي تعرضت لهجوم كيمياوي من قبل الجماعات المسلحة.

العالم - تقارير

وحققت مفاوضات آستانة منذ أن أطلقتها الدول الضامنة روسيا وإيران وتركيا عام 2017، مكاسب على الأرض أبرزها إنشاء مناطق خفض التصعيد في سوريا الذي انتهى بإجراء مصالحات في جميع مناطق تخفيف التصعيد، غير أن الجهود الرامية الى التوجه نحو حل سلمي للأزمة في سوريا لم تحقق اهدافها بعد.

واعلن وزير الخارجية الكازاخستاني "خيرت عبد الرحمنوف" إن الجولة الحادية عشر من مسار آستانة التفاوضي بشأن عملية السلام في سوريا ستعقد في موعدها المحدد يومي الثامن والعشرين والتاسع والعشرين من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، وذلك في بيان رسمي صدر باسمه عن وزارة خارجية بلاده التي تستضيف الاجتماعات منذ بدايتها مطلع العام الماضي.

كما أكد عبد الرحمنوف أن جميع الوفود سوف تشارك في الجولة الجديدة ماعدا الولايات المتحدة الأمريكية فانها لن تشارك فى الجولة المقبلة من مباحثات أستانة.

واوضح وزير الخارجية الكازاخي، بأن ممثلي الدول الضامنة لعملية آستانة، روسيا وتركيا وإيران، اتفقوا على عقد الاجتماع الدولي المقبل والـ11 رفيع المستوى حول التسوية السلمية فى سوريا فى إطار عملية أستانة يومى 28 و29 نوفمبر واضاف "تم توجيه دعوة لكل من الأمم المتحدة والأردن؛ للمشاركة فى الاجتماع كمراقبين".

وحول المواضيع التي سيتم بحثها خلال مفاوضات يوم غد أوضح وزير الخارجية الكازاخي أنه من بين المواضيع التى سيتم بحثها فى جولة أستانة المقبلة الوضع فى إدلب وعودة اللاجئين وإعادة إعمار سوريا.

كما كشف الوزير عبد الرحمنوف أن “فريق العمل الخاص بقضايا تحرير الرهائن والأسرى وتسليم جثث القتلى لذويهم والبحث عن المفقودين سيعقد جلسته السادسة بمشاركة ممثلين عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين واللجنة الدولية للصليب الأحمر”.

ويشارك المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، ستافان دي ميستورا، في محادثات أستانا، حيث يترأس اجتماع كبار ممثلي الدول الثلاث الضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار وخفض التصعيد في سوريا.

وقال مكتب دي ميستورا في بيان، اليوم الثلاثاء: "المبعوث الأممي الخاص يشارك في محادثات أستانا حول سوريا، هذا الأسبوع، غدا وبعد غد".

وأوضح أن "المبعوث الأممي وبعد مشاورات مع الأمين العام للأمم المتحدة، وافق على حضور محادثات أستانا".

وأضاف البيان: "سوف يترأس المبعوث الأمميالاجتماع رفيع المستوى لممثلي الدول الضامنة روسيا، وتركيا، وإيران".

وتابع: "يناشد المبعوث الأممي الدول الثلاث الضامنة لبذل كل الجهد المطلوب لدعم الجهود الأممية المبذولة من أجل دفع العملية السياسية" للتوصل لحل للأزمة في سوريا".

هذا وتوجه كبير مساعدي الخارجية الايرانية في الشؤون السياسية الخاصة حسين جابري انصاري الى العاصمة الكازاخية آستانا للمشاركة في محادثات السلام السورية.

وكان كبير المفاوضين الايرانيين لمحادثات السلام السورية قد زار سويسرا الاسبوع الماضي والتقى المندوب الخاص للامين العام للامم المتحدة في الشان السوري وعددا من شخصيات المعارضة السورية.

وتم في هذه اللقاءات البحث حول حل المشاكل القائمة امام تاسيس وبدء عمل اللجنة الدستورية وبرامج الجولة الجديدة للاجتماع الدولي للسلام في سوريا بآستانا.

وكان جابري انصاري قد زار دمشق قبل ذلك والتقى الرئيس بشار الاسد ووزير الخارجية وليد المعلم وبعض المسؤولين السياسيين والامنيين حيث بحث معهم حول التطورات في سوريا والقضايا المتعلقة بلجنة الدستور.

وحول سبل انجاح مسار آستانة التقى السفير الايراني لدى موسكو مهدي سنائي الاثنين مساعد وزير الخارجية الروسي سيرغي ورشنين وبحث معه تفاصيل الاجتماع الحادي عشر للمباحثات وضرورة التعاون بين البلدين في هذا الخصوص.

من جهته أعلن يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي أنه لا يجري التحضير حاليا لعقد قمة رؤساء للدول الضامنة (روسيا وتركيا وإيران) في إطار محادثات آستانة حول سوريا.

وكان الأمين العام لاتحاد القوى السورية، فجر زيدان، قد قال إن الجولة الجديدة من محادثات أستانا، يمكن أن تقدم جديدا بشأن التسوية السياسية في سوريا.

وأضاف زيدان، في تصريحات لـ"سبوتنيك"، في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني، أن الجميع ينتظرون من اجتماع أستانا المقبل، أن يضع اللمسات النهائية لتفكيك تنظيم "جبهة النصرة" الإرهابي، بجانب رسم خارطة طريق لمرحلة ما بعد الانتهاء من التنظيمات الإرهابية في سوريا، في ظل وجود تهديدات أخرى.

واتهم الأمين العام لاتحاد القوى السورية، من يسمون أنفسهم بـ"المعارضة المعتدلة"، بمحاولة جر البلاد إلى إشكاليات جديدة، لا تعبر عن الواقع الذي يعيشه الشعب السوري، مؤكدا أن هذه الأزمات المحتملة ليست سوى رغبات أمريكية تسعى بعض تيارات المعارضة إلى تحقيقها، بينما ترفضها تيارات معارضة أخرى، ما زالت تختلف بشرف.

وأوضح زيدان أن الاجتماع القادم في العاصمة الكازاخستانية، أستانا، بين الدول الضامنة للمحادثات والراعية لها، وهي تركيا وروسيا وإيران، من المحتمل أن يؤدي إلى اتفاق بشأن تخلي المعارضة عن كل الحلول العسكرية، خاصة بعد التوصل إلى اتفاق بشأن إدلب ودرعا، وأيضا بعدما ثبت ضعف المعارضة، وعدم قدرتها على تحمل مسؤولية اتخاذ قرار.

ولفت السياسي السوري إلى أن الاجتماع سوف يركز على كيفية وضع اللمسات الأخيرة في إدلب، وتفكيك جبهة النصرة، لاسيما في ظل الرفض الروسي لوجود ما يقرب من أكثر من 20 آلف مسلح في إدلب ينتمون للتنظيم الإرهابي.

من جهته، أكد رئيس وفد المعارضة السورية إلى آستانة، أحمد طعمة، مشاركة وفده الذي يضم 13 عشر شخصية في الجولة الـ11 من المحادثات التي تجري في العاصمة الكازاخية.

وعن توقعات المعارضة من الجولة المقبلة من المحادثات، قال طعمة: "نعتقد أن مسار أستانة حاليا، هو المسار الوحيد الفعال، والذي يمكن أن يؤدي إلى نتائج، بخلاف المسارات الأخرى" التي وصفها بـ"المعطلة والمغلقة"، دون ان يذكرها، مؤكدا بالقول: "كل ذلك يعطي أهمية كبيرة لمسار أستانة، ونأمل أن نتوصل لانفتاح نسبي في الجولة القادمة".

وبرغم الاتجاه الدولي والاقليمي لمصلحة الحل السلمي في سوريا غير ان الجماعات المسلحة اتخذت مسار التصعيد والمواجهة المسلحة من خلال الهجوم الكيماوي الذي نفذته مؤخرا على حلب وكذلك تهديدها بقطع طريق حلب – دمشق الدولي.

فقد كشفت مصادر مطلعة أن “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة) الارهابية تسعى للسيطرة الكاملة على طريق حلب – دمشق، الدولي والّذي يمر من مدينة معرة النعمان بريف إدلب بينما أكدت تنسيقيات الجماعات الإرهابية، أنّ حالة التوتر تسود بين جماعتي ما يسمى بـ “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة) و“حركة أحرار الشام -الجبهة الوطنية للتحرير” في ريف معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي، على خلفية نوايا “الهيئة” لشن عملية عسكرية واسعة في المنطقة.

وأشارت التنسيقيات الى أنَّ “الهيئة” تخطط للسيطرة على الأوتوستراد الدولي الّذي يمر من مدينة معرة النعمان، ليكون لها السيطرة الكاملة على الجزء الذي تسيطر عليه الجماعات المسلَّحة من الطريق الدولي “حلب -دمشق” على اعتبار أنه سيفتح قريباً أمام حركة المرور التجارية والمدنية وفق اتفاق سوتشي، وكانت الجماعات الارهابية قد قصفت مساء السبت الماضي مدينة حلب بقذائف صاروخية تحتوي على مواد سامة  وقد ارتفع عدد الاصابات بحالات الاختناق في المدينة الى مئة وسبعة مدنيين بينهم اطفال بعدما تعرضت احياء الخالدية وشارع النيل وجمعية الزهراء بالمدينة لقذائف صاروخية تحتوي على غازات سامة.

ومع استمرار الجماعات المسلحة بهجماتها المسلحة على نقاط الجيش السوري وكذلك هجماتها على المناطق السكنية يتبادر الى الذهن سؤال مهم وهو: هل ستسمح هذه الجماعات التي امتهنت اعمال القتل والاجرام في سوريا ان يمضي مسار آستانة الى محطته الاخيرة من تحقيق السلام والاستقرار في سوريا ام انها ستعطل هذا المسار لعدم انسجامها مع طبيعتها الاجرامية؟

*محمد طاهر