ضياع اتفاق ادلب.. والتوقعات من اجتماع أستانا حول سوريا

ضياع اتفاق ادلب.. والتوقعات من اجتماع أستانا حول سوريا
الأربعاء ٢٨ نوفمبر ٢٠١٨ - ١٠:٤٥ بتوقيت غرينتش

بالرغم من أن توقيع اتفاق سوتشي لم يقنع الجانب الإيراني بحيويته وإمكانية تطبيقه على ارض الواقع، إلا أن طهران إتخذت جانب الصمت حياله إحتراما للحليفين الآخرين. وقد ثبت منذ إنتهاء الإجتماع بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب اردوغان في سوتشي، أن الجماعات الإرهابية في ادلب لن تخضع للإتفاق ولن تلتزم به.

العالم- تقارير

وكان من المعروف ان فحوى الإتفاق يهدف الى تعليق العمليات العسكرية التي كان الجيش السوري، مستعدا لإطلاقها لتحرير ادلب وطرد الإرهابيين منها وبأقل الخسائر الممكنة، إلا أن أهدافا غير معلنة ومنها محاولة ادخال اليأس على الجيش السوري وحرمانه من تذوق الإنتصار على الجماعات المسلحة الدخيلة على سوريا. لكن عدة اسباب حالت دون تحقيق اتفاق سوتشي على الارض نحاول التطرق الى اهمها حسب ما يسمح المقام.

أولا يرى مراقبون ان تركيا التي كانت تحاول فرض إستمرار حضورها في الشمال السوري من خلال الجماعات المسلحة الدخيلة على سوريا، بُليت بقضية مقتل جمال خاشقجي الصحافي السعودي المنتقد لسياسات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وقد يكون احد اسباب فشل اتفاق سوتشي هو ان تركيا لم تتمكن من متابعة تطبيق الإتفاق بسبب إنشغالها بقضية مقتل خاشقجي وتداعياتها التي شغلت الحكومة التركية، وجعلتها تدخل في معادلات ومساومات اقليمية ودولية، لتبقى بعيدة بعض الشيئ عن الساحة السورية، وقضاياها.

ثانيا إن بعض الجماعات المسلحة الدخيلة على سوريا ومنذ توقيع اتفاق سوتشي، هي الأخرى رفضت التفاوض والتخلي عن اسلحتها، حتى ان بعضها قام وكأنه يتحدى الموقعين على الاتفاق بنشر معداته المتوسطة والثقيلة في مجمل ارياف محافظة إدلب إستعدادا للمعركة التي قد يدخلوها مع الجيش السوري، او الدوريات التي كان من المقرر ان تصيرها القوات الروسية التركية المشتركة في المحافظة التي مازالت ترزح تحت وطأة إحتلال الجماعات المسلحة الإرهابية.

ثالثا استمرار الحضور غير الشرعي للقوات الأمريكية في الشمال السوري والجماعات العميلة لها امثال ما يسمى بـ"قوات سوريا الديمقراطية" والميليشيات الكردية المعارضة للحكومة السورية، هي الاخرى كان تشكل عقبة كأداء لتطبيق إتفاق سوتشي، وتنسف أي جهود لإيجاد مناطق خفض التوتر، الذي كان من شأنها ان تمهد لإيجاد مناطق منزوعة السلاح، في الشمال السوري. بل ان هذه القوات باتت تراهن على توسيع رقعة سيطرتها على الارض، الامر الذي ادى الى وقوع اشتباكات غير متوقعة زادت من حدة الأزمة في الشمال السوري، وبالتحديد منطقة "شرق الفرات".

رابعا وأخيرا، تمادي الجماعات المسلحة في فرض سيطرتها على الأرض وضرب كل من يتعاون مع الجيش والقوات الشعبية السورية، الأمر الذي ادى الى استخدام المسلحين للغازات الكيمياوية السامة ضد سكان أرياف محافظة حلب مطلع الاسبوع الجاري على مرأى ومسمع الأوساط الدولية والجهات الداعمة للجماعات المسلحة الدخيلة على سوريا، رغم التحذيرات المكررة التي أطلقها الجيش السوري، من إحتمال استخدام الجماعات الإرهابية هذه الاسلحة الفتاكة والمحرمة دوليا.

وفي ظل هذه الظروف دعا وزير الخارجية الكازاخي وبعيد استخدام الجماعات المسلحة للغازات السامة ضد سكان الأرياف الحلبية، دعا الى إجتماع ممثلي الدول الضامنة في أستانا، وقد بدأ الإجتماع الحادي عشر لأستانا أعماله قبيل ظهر اليوم الأربعاء على ان تستمر المشاورات والتنسيقات حتى يوم غد الخميس على أن يتضمن  الإجتماع ثلاثة محاور رئيسية يمكن اختصارها كالتالي:

  • أن تكون اوضاع إدلب على رأس الاولويات وأن يتم التوصل لصيغة وقف سريع لإطلاق النار فيها.
  • على الوفود المشاركة في الإجتماع الجاري ان تهتم بقضية الإنتهاء من تشكيل لجنة الدستور.
  • أن يتم الإستمرار في التفاوض من أجل إستمرار عملية اطلاق سراح المعتقلين لدى الطرفين.

ويرى المراقبون ان المبعوث الأممي لسوريا والمنتهية ولايته استيفان ديمستورا سيحاول بذل قصارى جهده لتشكيل لجنة الدستور قبيل رحيله عن مسؤوليته الحالية، الأمر الذي لم يتم الإتفاق عليه بين الأطراف السورية المتفاوضة، لكن هناك من يعتقد ان فرض هدنة حتى لو كانت هشة، قد تساعد ديمستورا على تحقيق ما يصبو اليه في المفاوضات الجارية لوفود الدول الضامنة في العاصمة الكازاخية استانا.

*عبدالهادي الضيغمي