معركة تشكيل الحكومة العراقية في ظل احتدام الخلافات

معركة تشكيل الحكومة العراقية في ظل احتدام الخلافات
السبت ٠١ ديسمبر ٢٠١٨ - ٠٦:٠٢ بتوقيت غرينتش

يحتدم الصراع بين القوى السياسية العراقية، على ما تبقى من وزارات في حكومة عادل عبد المهدي. ورغم بدء العد التنازلي لجلسة البرلمان العراقي لحسم جدل إكمال الحكومة، لا تزال حقيبتا الدفاع والداخلية تشكلان حجر عثرة فى طريق إتمام تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

العالم - تقارير

على الرغم من بدء العد التنازلي لجلسة البرلمان العراقي التي خُصصت لحسم جدل إكمال حكومة عادل عبد المهدي، والمقررة يوم الثلاثاء المقبل، إلا أن الخلافات لا تزال عميقة بين الكتل السياسية بشأن 8 وزارات متبقية في الحكومة العراقية.

سقف مطالب عال لا يمكن تلبيته

وقال عضو البرلمان العراقي، سالم طحيمر،إن "الخلافات العميقة بشأن الوزارات المتبقية جعلت مجلس النواب في موقف محرج أمام الشعب"، لافتاً إلى أن "بعض الكتل السياسية قدمت سقف مطالب عاليا لا يمكن تلبيته".

وأضاف أنه "كلما تم التوصل إلى اتفاق تقوم بعض القوى بنقضه"، مبيناً أنه "كان مقرراً أن تحسم تشكيلة الحكومة في جلسة برلمانية تُعقد يوم الثلاثاء الماضي، إلا أننا فوجئنا بتأجيل الجلسة في وقت متأخر من ليل الإثنين – الثلاثاء (الماضيين)".

 في السياق ذاته، قال مصدر مقرب من حوارات الكتل السياسية، إنّ "المفاوضات لم تتقدم أي خطوة"، مبيناً أنّ "المؤشرات ترجح أن البرلمان يسير باتجاه الذهاب إلى التصويت على مرشحي الوزارات بالأغلبية".

البرلمان نحو المزيد من الخلافات

وكان القيادي في "ائتلاف دولة القانون"، سعد المطلبي، قد توقع أن تشهد جلسات البرلمان المقبلة المزيد من الخلافات بشأن ما تبقى من وزارات، لافتاً إلى أن ائتلافه كان عازماً على حصد وزارة في التشكيلة الحكومية، إلا أن ذلك لم يحدث.

الدفاع والداخلية تعرقلان تشكيل الحكومة

ولا تزال وزارتا الدفاع والداخلية تشكلان حجر عثرة فى طريق إتمام تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، برئاسة عادل عبدالمهدي، إذ أعلنت كتلة المحور فى مجلس النواب العراقي، عدم التصويت على مرشحى حقيبتى الدفاع والداخلية، اللذين سيقدمهما رئيس الوزراء العراقى عادل عبدالمهدى للبرلمان.

وقال رئيس الكتلة، أحمد الجبورى فى بيان صحفي، إن كتلته لن تصوت على وزيرى الدفاع والداخلية بسبب عدم معرفة الأسماء حتى هذه اللحظة، مؤكدًا أن الكتلة ترفض سياسة الأمر الواقع والإملاءات التي تمارسها بعض الجهات، مضيفًا: "نؤكد أن حقيبتى وزارة الدفاع والداخلية، استحقاق وطني، مع حرصنا الشديد على تقديم شخصيات مهنية لوزارتى الدفاع والداخلية بعيدة عن الأحزاب السياسية".

أسباب عدم التوافق بشأن الوزارتين

وفى ظل الجدل الدائر حول تسمية وزيرى الدفاع والداخلية، توالت التصريحات التى تبرر هذا التأخير، وأسباب عدم التوافق بشأن الوزارتين، إذ أكد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية عن تحالف المحور الوطني، محمد الكربولي، أن سبب تأخر تسمية وزير الدفاع هو ضلوع بعض كبار قادة العمليات فى تعاملات فاسدة. وقال "الكربولي": "ليكن معلومًا للشعب أن سبب تأخير حسم وزارة الدفاع، هو ضلوع بعض كبار قادة العمليات والجيش فى تعاملات فاسدة، لعرقلة وصول الكفاءات العسكرية العراقية التي رشحناها للمنصب، خوفًا من توقف الإتاوات التي يجبونها من قواطع العمليات".

صراع التكتلات

أما المحلل السياسى العراقي، أنمار الدروبي، فيرى أن البرلمان العراقى تسيطر عليه كتلتان، هما الإصلاح والبناء، وداخل هاتين الكتلتين ينقسم النواب، ومنصب وزير الدفاع يخص "السنة"، وهنا القضية تحولت إلى صراع ما بين سنة البناء وسنة الإصلاح، مشيرًا إلى أن الأمر تحول إلى معارك ولا أحد يعمل من أجل الوطن والمواطن، تاركين مآسى الشعب من فقر وبطالة وسلاح خارج نطاق الدولة وإطار القانون، والنواب منغمسون فى معارك المناصب والشد والجذب فيما بينهم.

 وأوضح "الدروبي"، أن الكتل السنية رفضت مرشح وزارة الدفاع، لأنه كان مرشحًا من قبل إياد علاوي، وهم يقولون هذا المنصب من حق سنة كتلة البناء، لافتًا إلى أن من يقود "لوبي" الرفض هم جماعة آل الكربولي، لافتًا إلى أن إياد علاوي رئيس القائمة الوطنية، ومن خلال علاقاته القديمة مع رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، تمكن من ترشيح وزير الدفاع عن قائمته، ولكن سنة قائمة البناء يرفضون هذا الترشيح ويدعون أن هذا من حقهم.

السيستاني يتحدث عن تحديات الحكومة الجديدة

وتحدث المرجع الديني آية الله السيد علي السيستاني عن تحديات جسام تعترض الحكومة العراقية الجديدة، وذلك في إطلالة نادرة أمام عدسات الصحفيين.

وأكد السيد السيستاني،  أثناء استقباله الخميس رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق، يان كوبيتش، تطلعه إلى رؤية "ملامح نجاح" في عمل الحكومة الجديدة، قائلا إن أمام الحكومة مهمات كبيرة، لا سيما في مجال مكافحة الفساد وتوفير فرص العمل وإعادة إعمار المناطق المتضررة جراء الحرب وإعادة النازحين إلى ديارهم بصورة لائقة وتوفير الخدمات الضرورية للمواطنين بالشكل المناسب.

ضرورة تعاون الكتل البرلمانية مع الحكومة

وأشار المرجع السيستاني إلى ضرورة تعاون الكتل السياسية في مجلس النواب مع الحكومة في سبيل اتخاذ خطوات حقيقية نحو تحسين الأوضاع، لافتا إلى أهمية احترام سيادة الدولة وعدم التدخل الخارجي في شؤونها .

الصدر لن يرضى بتعيين وزيرين للدفاع والداخلية غير مستقلين

وأكد زعيم التيار الصدري وائتلاف "سائرون" العراقي مقتدى الصدر، أنه لن يوافق على تعيين وزيرين للدفاع والداخلية غير مستقلين، وتقدم بمقترح حول إكمال تشكيلة الحكومة.

وقال الصدر، في بيان نشره على "تويتر": "يا قومي مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى المحاصصة والفساد؟ ويا قومي مالي أدعوكم إلى عزة وكرامة الوطن وتدعونني إلى بيع البلاد؟ ويا قومي ما أردت إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله وبالشعب. ويا قومي أن ماكنة المحاصصة والرافضين للمجرب لا يجرب صاروا متحدين في ما بينهم لإعادة الوجوه الكالحة والفاسدة وهذا ما لم ترتضيه المرجعية بل ورفضه الشعب رفضا قاطعا".

مقترح حول إكمال تشكيلة الحكومة

واقترح الصدر على رئيس مجلس الوزراء، عادل عبد المهدي، "الإسراع في طرح كابينته الوزارية المتبقية عدا وزيري الداخلية والدفاع، وفتح باب الترشيح لهما من قبل القادة العظماء الذين حرروا الأراضي المغتصبة من أيادي داعش الأثيمة وبدون تدخل أي كتلة أو حزب أو جهة مطلقا.

تشكيلة عبد المهدي تستفز البصرة

ولم تكد فورة التظاهرات الساخطة تهدأ في محافظة البصرة، حتى بدأت بالإعداد لحراك سياسي شعبي ساخط على تشكيلة حكومة عادل عبد المهدي، معتبرين أنّها حكومة همّشت محافظتهم، التي لم تنل أي منصب وزاري.

ولا يبدو أنّ البصرة سترضخ هذه المرة لإرادة الحكومة بسهولة، إذ إنّ الحراك، الذي خطا أولى خطواته، مختلف عن السابق، من خلال التنسيق بين النواب والمسؤولين والأهالي، ما يضع حكومة عبد المهدي أمام مواجهة قد تكون غير محسوبة العواقب.

عبد المهدي وضع نفسه في مواجهة مع البصرة

ويرى مراقبون أنّ عبد المهدي وضع نفسه في مواجهة مع البصرة، مشككين في قدرة رئيس الحكومة على إيجاد حلول لتلافي الأزمة المقبلة في البصرة، في ظل توحد القوى السياسية في المحافظة مع الأهالي ضدّ حكومته.

حكومة مخيبة للآمال

وقال نائب عن تحالف "سائرون" في محافظة البصرة، في لقاء صحفي إنّ "حكومة عبد المهدي هي حكومة مخيبة للآمال، خصوصاً لأهالي محافظة البصرة"، معتبراً أنّ "عبد المهدي تجاهل المحافظة بشكل تام، ولم يراع أهالي المحافظة الذين عانوا على مدى سنوات طويلة من عدم الإنصاف، ولم يعين أي وزير من هذه المحافظة، على الرغم من أهميتها الاقتصادية للبلاد، من خلال الموانئ وتصدير النفط، الذي يعد من أساسيات موارد الدولة".

تهميش عبد المهدي للبصرة

وأشار النائب الى أنّ "تهميش عبد المهدي للبصرة وحّد الكتل السياسية في المحافظة، على الرغم من اختلاف توجهاتها، وبدأت مرحلة جمع ملفات الفساد على وزراء عبد المهدي".

وأكد أنّ "غالبية وزراء عبد المهدي معروفون لدينا، وهم متورطون بملفات فساد كبيرة خلال الفترة السابقة، خصوصاً الذين شغلوا مناصب مهمة في الدولة"، مشيراً إلى "أنّنا كنواب عن البصرة سنقدم خلال الفترة المقبلة ملفات الفساد، ونسحب الثقة عن وزراء عبد المهدي المتورطين بالفساد".

وراهن على "قدرة نواب المحافظة على تطهير هذه الحكومة من الفاسدين"، وشدّد على أنّ "عبد المهدي اختار لنفسه طريق المواجهة مع البصرة واستفزازها بشكل متعمد، الأمر الذي سيفقده الكثير".

ولم تضم حكومة عبد المهدي، التي حصلت على ثقة البرلمان، أي وزير من البصرة التي كانت تطمح بالحصول على وزارة النفط، ما تسبب باستفزاز المحافظة، وأعاد المطالبات إلى إعلانها إقليماً.

وقالت النائب عن المحافظة، زهرة البجّاري، إنّ "إعلان محافظة البصرة إقليماً، هو الحل الوحيد لأزماتها". وأضافت البجّاري، في تصريح صحافي، أنّ "الحل الوحيد لانتشال البصرة من محنتها هو إقامة إقليم البصرة، وإنهاء أزمة الخدمات والتهميش، الذي حصل ضدها في التشكيلة الحكومية الجديدة".

الغضب والامتعاض الشديد لدى الشارع البصري

 مؤكدة أنّ "70 في المائة من مؤسسات النقل والنفط تقع في البصرة، فضلاً عن أنها تعاني من سوء الخدمات والتقصير والتجاهل"، وطرح النائب عن البصرة، خلف عبد الصمد، تعيين نائب لرئيس الوزراء لشؤون محافظة البصرة. وقال في بيان صحافي إنّ "الإجحاف واللامبالاة باستحقاق البصرة في التشكيلة الوزارية الجديدة أنتجا حالة من الغضب والامتعاض الشديد لدى الشارع البصري".

أوضاع خدمية وبيئية مأساوية

ودعا عبد الصمد الرئاسات الثلاث إلى "إنصاف البصرة في التشكيلة الوزارية الجديدة"، موضحاً أنها "تشكل مصدر اقتصاد العراق وتطفو على بحر من النفط، وتعاني، في الوقت ذاته، من أوضاع خدمية وبيئية مأساوية".

هذا سيكلفه الكثير

وعلى ما يبدو، فإنّ البصرة لن تمهل حكومة عبد المهدي كثيراً من الوقت، ولن تنتظر الوعود التي قد يطلقها، كما أمهلت الحكومات السابقة، ما يضع عبد المهدي في مرمى المواجهة مع المحافظة، التي عرفت بقوتها الشعبية وتظاهراتها الواسعة.

 وقال الخبير السياسي، غالب الشمري إنّ "مواجهة عبد المهدي للبصرة تعني أنّ أول صراع له سيكون مع الشعب، وهذا سيكلفه الكثير".

توحيد الجهود لإكمال الحقيبة الوزارية

واكد رئيسا الجمهورية برهم صالح وتحالف النصر حيدر العبادي، على توحيد الجهود لإكمال الحقيبة الوزارية.

وذكر بيان لمكتب برهم صالح ان" صالح بحث خلال لقائه، اليوم السبت، العبادي أهم التطورات على الساحة السياسية في البلاد، لاسيما التشكيلة الوزارية".

وأضاف" حيث جرى التأكيد على أهمية اكمال الحقيبة الوزارية واختيار الوزراء على أسس الكفاءة والمهنية، فضلا عن ضرورة توحيد الجهود لإنجاز هذا الهدف بالسرعة الممكنة، داعياً الكتل السياسية إلى" دعم الحكومة وبرنامجها للإسراع بخدمة المواطن".

ومن جانبه شدد العبادي على" ضرورة تضافر الجهود وإيجاد آلية مشتركة لاختيار الوزراء واكمال الكابينة الوزارية"، مبينا" أهمية تذليل العقبات التي تقف امام انجاز هذه المهمة الوطنية".

عملية تشكيل الحكومة

ووفقا للدستور العراقي الذي يحدد مهلة 90 يوما للعملية تشكيل الحكومة يكون أمام رئيس الوزراء المكلف 30 يوما لتشكيل الحكومة وعرضها على البرلمان للموافقة عليها.

ويتعين على البرلمان الموافقة على برنامج الحكومة وعلى كل وزير على حدة في تصويت منفصل بالأغلبية المطلقة.

وإذا فشل رئيس الوزراء المكلف في تشكيل حكومة ائتلافية خلال 30 يوما أو إذا رفض البرلمان الحكومة التي اقترحها رئيس الوزراء المكلف يتعين على الرئيس تكليف مرشح آخر بتشكيل الحكومة خلال 15 يوماً أو إعادة تكليفه لمرة واحدة فقط.