لوبوان: السترات الصفراء في باريس.. يبدو أنها الثورة

الأحد ٠٢ ديسمبر ٢٠١٨ - ١١:٠٤ بتوقيت غرينتش

بعدما خرجت منها قبل نحو عام، تدرس السلطات الفرنسية مرة أخرى إعادة فرض حالة الطوارئ في البلاد، بسبب احتجاجات "السترات الصفراء". وأعلن المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، بنجامين جريفو، أن باريس تدرس فعليا، فرض الطوارئ، في مواجهة الاحتجاجات التي بدأت منذ حوالي أسبوعين بسبب تدهور الاوضاع الاقتصادية وزيادة أسعار المحروقات.

العالم- تقارير

واندلعت أمس السبت بالعاصمة الفرنسية باريس مواجهات عنيفة بين قوات الشرطة ومحتجي السترات الصفراء الرافضين لزيادة أسعار المحروقات، بينما شدد الرئيس إيمانويل ماكرون على أن الحكومة لن ترضخ للفوضى والتخريب.

وأفادت تقديرات وزارة الداخلية أن عدد المتظاهرين في عموم البلاد بلغ 75 ألفا عند الظهر، وتحدثت التقارير عن سقوط 100 مصاب بينهم 20 شرطيا. 

وقد أضرم محتجون النار في عدد من السيارات بجادة الشانزليزيه والمناطق المحيطة بها وسط العاصمة باريس.

وحشدت الشرطة آلافا من عناصرها في باريس، لكنها لم تتمكن من إخماد الاحتجاجات. وقالت إنها أوقفت أكثر من 220 شخصا.

وأقر نائب وزير الداخلية الفرنسي بأن قوات الأمن تواجه صعوبة في وقف عنف من سماها الجماعات المتطرفة بسبب تنقلهم المستمر.

وأعرب رئيس الوزراء إدوار فيليب عن "صدمته" لما شهدته باريس من أعمال عنف.

ومع أولى ساعات المساء شهدت مناطق من العاصمة الفرنسية حرائق وتصاعد دخان وإقامة متاريس "وأجواء تمرّد".

وفي غرب باريس، تشبّع الهواء بالغاز المسيل للدموع، كما أحرقت سيارات وممتلكات عامة وسط كر وفر بين محتجي السترات الصفراء وقوات الأمن في مناطق تشهد إقبالا للسياح والمتسوقين في موسم الأعياد.

وكتب أحدهم على قوس النصر "السترات الصفراء ستنتصر"، وكتب آخر على دار الأوبرا "ماكرون = لويس السادس عشر"، آخر ملوك فرنسا قبل الثورة.

ومن جهتها، عنونت صحيفة "لوبوان"، الواسعة الانتشار في فرنسا، في تغطية أحداث السبت، "السترات الصفراء في باريس.. يبدو أنها الثورة"، في إشارة إلى المنعطف الأخير للأحداث وعدم بروز أفق للحل عما قريب.

ماكرون يجب أن ينزل من برجه 

قالت المتظاهرة المتقاعدة شانتال إن على ماكرون "النزول من برجه لكي يفهم أن المشكلة ليست الضريبة بل القدرة الشرائية، أنا مضطرة للاستعانة بمدّخراتي طوال الشهر".

وسيطر متظاهرون على مركز تسديد رسم المرور في بيرتوس عند الحدود بين فرنسا وإسبانيا.
 
وقُطعت الطريق السريعة التي تربط بين باريس وليون بالاتجاهين من وإلى ماكون (وسط) بسبب تحرك محتجي السترات الصفراء.
 
وتواجه إدارة ماكرون موجة من الغضب الشعبي بدأ إثر زيادة الرسوم على الوقود، لكنها اتسعت لتشمل مطالب تتعلق بارتفاع تكاليف المعيشة بشكل عام.

ماكرون يتوعد..

وردا على الاحتجاجات أكد الرئيس ماكرون أنه لن يرضى "أبدا بالعنف" بينما كان يشارك في قمة مجموعة العشرين المنعقدة في الأرجنتين.

وقال "أي قضية لا تبرر مهاجمة قوات الأمن ونهب محال تجارية وتهديد مارة أو صحافيين وتشويه قوس النصر".

وأضاف "مرتكبو أعمال العنف هذه لا يريدون التغيير، لا يريدون أي تحسن، إنهم يريدون الفوضى، إنهم يخونون القضايا التي يدعون خدمتها ويستغلونها. ستحدد هوياتهم وسيحاسبون على أفعالهم أمام القضاء".
 
وأعلن أنه دعا إلى اجتماع وزاري مع الأجهزة المعنية صباح الاثنين. وأضاف "سأحترم الاحتجاج على الدوام، سأستمع إلى المعارضة على الدوام، لكنني لن أرضى أبدا بالعنف".

وتبدي الغالبية الداعمة للرئاسة قلقا متزايدا إزاء ردود الفعل على الموقف الرئاسي، وبدأ البعض يطرح وقف زيادة الضرائب.

أما من جهة المعارضة، سواء اليمينية أو اليسارية، فتراوحت المواقف بين داعم ومتوجّس.

حراك "السترات الصفراء" يمتد إلى هولندا

في سياق متصل، امتد حراك "السترات الصفراء" يوم السبت إلى هولندا، بالتزامن مع تنظيم الحراك ذاته في فرنسا.

وتجمع متظاهرون في شوارع عدد من المدن الهولندية، على رأسها لاهاي ونيميغن، ماستريخت، وألكمار، ويوفاردن إن غرونينغنو، استجابة للدعوات التي تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي للاحتجاج على سياسات الحكومة.

وتظاهر نحو 200 شخصا من أنصار "السترات الصفراء" أمام البرلمان الهولندي في مدينة لاهاي، ما دفع الشرطة الهولندية إلى إغلاق مبنى البرلمان.

وفي السياق، تداولت وسائل إعلام محلية أنباء تفيد بتوقيف الشرطة متظاهرين اثنين في مدينة لاهاي، وثالث كان يقود مظاهرة في مدينة ماستريخت، جنوبي البلاد. 

السترات الصفراء تظهر في شوارع بلجيكا

كما اعتقلت السلطات البلجيكية، يوم الجمعة، قرابة ستين متظاهرا من حركة "السترات الصفراء" في بروكسل، على خلفية احتجاجات غير مرخصة ضد سياسات الحكومة البلجيكية.

وفي الأول من نوفمبر 2017، انتهت في فرنسا رسميا حالة الطوارئ، بعد عامين من هجمات منسقة في أنحاء متفرقة من العاصمة باريس، راح ضحيتها 130 شخصا.