زيارة عسيري لـ"اسرائيل".. رسالة سعودية للمنطقة وهذا مضمونها؟

زيارة عسيري لـ
الأربعاء ١٩ ديسمبر ٢٠١٨ - ٠٣:٣٢ بتوقيت غرينتش

في إطار تبادل الزيارات السرية بين الحكومات الخليجية وكيان الاحتلال الإسرائيلي تمهيدا للتطبيع العلني، كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، أن اللواء أحمد عسيري، نائب رئيس المخابرات السعودية المُقال، قام مؤخرا بعدة زيارات سرية الى فلسطين المحتلة، قبل إعفائه من منصبه بتهمة تدبير جريمة إغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي.

العالم- تقارير

ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال"، عن مسؤول سعودي رفيع المستوى أن "سعود القحطاني.. المقرب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان هو من بين المسؤولين عن تطبيع العلاقات بين السعودية و"إسرائيل"، مشيراً إلى أنه "كان قد أعطى توجيهات لوسائل الإعلام ومحركي الرأي العام السعودي، من أجل تهيئة الأجواء بين المواطنين السعوديين لعملية التطبيع مع الكيان الإسرائيلي".

وبحسب عدة أشخاص عارفين بالوضع فقد سافر العسيري سرا إلى "إسرائيل" عدة مرات بشكل يجعله من أكثر المسؤولين السعوديين الذين وطأت أقدامهم البلد. وركزت زياراته على بحث الإمكانيات التي تستفيد منها المملكة من أنظمة التجسس المتقدمة التي طورتها الشركات الإسرائيلية.

وتابعت صحيفة "وول ستريت جورنال"، أن المستشارين الاثنين المقربين من ولي العهد واللذين لعبا الدور الأهم وراء الكواليس بين السعودية وتل أبيب، فقدا وظائفهما بسبب التورط في ملف خاشقي، كما أن الضجة الدولية التي أعقبت أغتيال الصحفي السعودي افقدت محمد بن سلمان القدرة على المناورة.

وبحسب المصادر، فأن اللواء أحمد عسيري كان حلقة الوصل الأبرز بين الإحتلال الصهيوني والسعودية، في تبادل المعلومات الاستخباراتية.

ولعب القحطاني دورا في تخفيف صورة "إسرائيل" بالمملكة حيث تعرف بالعدو الصهيوني. وشارك القحطاني في شراء السعودية نظام تجسس متقدم من شركات تكنولوجية إسرائيلية بعد توقيع عقد بـ55 مليون دولار. واستخدمه للتجسس على النقاد وتكميم المعارضة في السعودية بما في ذلك التنصت على اتصالاتهم الإلكترونية.

وتعتقد الصحيفة أن العلاقات لم تكن مجرد عقود بل رسالة من السعودية للمنطقة أنها جاهزة لرفع مستوى علاقاتها الثنائية مع "إسرائيل" ولو بحذر.

ضرر في العلاقات بين الرياض وتل أبيب؟

وأشارت "وول ستريت جورنال"، إلى وقوع ضرر في العلاقات بين الرياض وتل أبيب بعد مقتل خاشقجي، ما أثار شكوكاً حول التحالف الجديد في المنطقة والذي يرى فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه ضروري لاستراتيجيتها في الشرق الأوسط، التي تتعلق بالضغط على إيران.

وتقول الصحيفة، إن طرد عسيري والقحطاني من وظائفهما، يسلط الضوء أكثر على تراجع دور ولي العهد في أعقاب مقتل خاشقجي، مشيرة في الوقت ذاته إلى أنه رغم النكسة التي قد تصيب العلاقة السعودية الإسرائيلية، فإنه من المرجح أن تستمر هذه العلاقات بسبب المصالح التجارية والأمنية المشتركة، إضافة الى طلب أميركي.

لقاءات بين رئيس جهاز الموساد والسعوديين

في سياق متصل، أشار تقرير صحيفة "وول ستريت جورنال" أيضاً إلى أن رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي يوسي كوهين التقى مسؤولين سعوديين عدة مرات خلال السنة الجارية، ومن ضمن اللقاءات كان لقاء مع مسؤولين سعوديين رفيعي المستوى بمبادرة أمريكية ضم أيضا مسؤولين استخباراتيين مصريين، أردنيين، وفلسطينيين.

كما كشفت الصحيفة في تقريرها، بأن "إسرائيل" والإمارات والسعودية تشاركوا باستمرار معلومات استخباراتية تتعلق بتهديدات أمنية مشتركة، وخصوصاً بكل ما يتعلق بالملاحة في البحر الأحمر، وقضايا تتعلق بإيران.

وهذه المعلومات تثبت تصريحات القادة والمسؤولين الإيرانيين، بتورط إستخبارات دول المنطقة في إيجاد الفتن وزعزعة الأمن والاستقرار في إيران.

وبينت الصحيفة الأميركية أن السعودية سمحت لرجال الأعمال الإسرائيليين، بدخول أراضيها بوثائق خاصة ودون إظهار جوازات سفرهم.

كما كشفت "وول ستريت جورنال" عن أن السعودية كانت تفكر باستمرار في الاستثمار بنحو 100 مليون دولار في الشركات التكنولوجية المتقدمة في "إسرائيل".

وتعتبر الشركات الصهيونية، السعودية، سوقاً مربحة لمنتجاتها في مجال الأمن السيبراني، وخاصة في مدينة "نيوم" التي أعلن عنها بن سلمان.

يشار إلى أن العلاقات السعودية - الإسرائيلية الاستخباراتية، ورغم معارضة الشعوب العربية والإسلامية، شهدت في الفترة الأخيرة، تطوراً غير مسبوق وواضح؛ إذ تباهى رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بتلك العلاقات، بالقول: "إن إسرائيل لم تكن تحلم بهذه الصداقة مع دول عربية"، في تلميح إلى السعودية، التي توالت تسريبات بحصول لقاءات سرية بين استخباراتهما.

ولم تقتصر إشادة نتنياهو بهذا التطور على هذا التصريح؛ بل أكد أن "دولاً كثيرة (لم يسمّها) أصبحت تقدّر العلاقات مع "إسرائيل"، معتبراً أن "هذا التقارب سيثمر تطبيعاً، وفي النهاية اتفاقيات سلام".

وأخفى القادة السعوديون علاقاتهم السرية خوفا من الثمن الباهض الذي سيدفعونه حالة كشف علاقات مفتوحة مع عدو الأمة.

الركض الخليجي وراء السراب!

ولم تقتصر الهرولة، نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني بالسعودية، بل هناك عدد من الدول العربية المطلة على الخليج الفارسي وبرعاية سيدها واشنطن، تركض وراء السراب بهدف نسيان قضية فلسطين.

وكشف رئيس لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (أيباك)، مورت فريدمان، في اجتماع عقد قبل أيام مع أعضاء كنيسة مسيحية صهيونية، في مدينة تينت بولاية نيوجيرسي الأمريكية عن زيارة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال غادي آزينكوت، الى الإمارات، مرتين وبشكل سري في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي حيث التقى ولي عهد أبوظبي الشيخ "محمد بن زايد".

وفي شهر أكتوبر الماضي وفي زيارة هي الأولى من نوعها، زارت وزيرة الثقافة والرياضة في الكيان الصهيوني “ميري ريغيف”، العاصمة الإماراتية أبو ظبي.

وخلال 24 ساعة من زيارة الوزيرة، وصل وزير الاتصالات الإسرائيلي، أيوب قرا، الإمارات بزيارة رسمية والقى خطابأ في مؤتمر بدبي.

كما زار رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، في 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، سلطنة عُمان والتقى السلطان قابوس بن سعيد، في أول زيارة له إلى بلد عربي لا تربطه علاقات بكيان الإحتلال.

ويرى المراقبون، أن الأنظمة الخليجية التي تسعى وراء التطبيع العلني مع الكيان الاسرائيلي تظن ان حبل نجاتها بيد الإسرائيليين والأمريكان، في حين أن جوهر المشروع الصهيوني داخل الأمة، يقوم على بقاء البلدان العربية والإسلامية ضعيفة تابعة مفككة ومتخلفة.

(قناة العالم+وكالات)