إلى أين يتجه السودان بعد اندلاع الاحتجاجات وعودة زعيم المعارضة؟

إلى أين يتجه السودان بعد اندلاع الاحتجاجات وعودة زعيم المعارضة؟
الخميس ٢٠ ديسمبر ٢٠١٨ - ١١:٤٥ بتوقيت غرينتش

شهدت عدة مدن سودانية منذ امس الأربعاء مظاهرات احتجاجية ضد غلاء المعيشة والاوضاع الاقتصادية المتردية اذ طلب عدد من المحتجين باسقاط الرئيس السوداني عمر البشير وذلك بالتزامن مع عودة زعيم المعارضة السودانية الصادق المهدي من المنفى الامر الذي قد يدخل هذا البلد الى مرحلة اخرى من التطورات السياسية والاجتماعية.

العالم - السودان

واندلعت احتجاجات عارمة في مدن سودانية متفرقة، امس الأربعاء تندد بالغلاء وتدعو لرحيل النظام الحاكم في أعقاب استفحال الأزمة الاقتصادية، واشتدت المظاهرات في عطبرة وبورتسودان التي وصلها الرئيس السوداني عمر البشير لحضور مران عسكري جوي.

وحرق متظاهرون في مدينة عطبرة شمالي السودان، دار المؤتمر الوطني، الحزب الحاكم للسودان، بولاية نهر النيل، فيما اندلعت مظاهرات بحي الامتداد الشمالي قادتها نساء الحي تردد شعارات «شرقت شرقت عطبرة مرقت، والشعب يريد إسقاط النظام».

وقال شهود عيان إن الاحتجاجات تفجرت وسط المدينة بعد خروج طلاب المدرسة الصناعية.

وأفاد موقع "سودان تريبيون" بأن الاحتجاجات في عطبرة بولاية نهر النيل شمال السودان بدأ بعد تردي الوضع المعيشية ووصول سعر الخبز لثلاثة جنيهات.

وقال شهود عيان إن الشرطة لم تستطع احتواء المظاهرات باستثناء محاولات تفريق محدودة قرب مواقع محددة في المدينة. وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع دون احتكاك مباشر مع المتظاهرين، في حين أغلق سوق عطبرة أبوابه.

وطبقا للتفاصيل التي نشرها "سودان تريبيون" فإن المحتجين حطموا مقر "حزب المؤتمر الوطني" وأحرقوه، وكانوا في طريقهم لمبان محلية لكن الشرطة حالت دون وصولهم.

وفي تطور لاحق أفادت أنباء بأن المتظاهرين تمكنوا من الوصول الى مبنى المحلية وأضرموا فيه النيران بينما انسحبت قوات الشرطة التي كانت تتولى حراسته.

ومع ازدياد حدة الاحتجاجات قررت لجنة الأمن في الولاية امس الاربعاء فرض حظر التجوال في عطبرة اعتبارا من السادسة مساء وحتى السادسة صباحا، كما تقرر تعليق الدراسة إلى أجل غير مسمى.

واحتفى ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي بصور أظهرت جنودا يتبعون للقوات المسلحة وهم يحيون المتظاهرين.

وكذلك شهدت مدينتا بورتسودان عاصمة ولاية البحر الأحمر، والنهود في ولاية شمال كردفان، غضبا شعبيا مماثلا.

وشهدت مدن السودان خلال الشهور الأخيرة أزمة خبز طاحنة في أعقاب تراجع الجنيه السوداني مقابل الدولار.

وأودع وزير المالية الأربعاء مشروع موازنة عام 2019 بإيرادات قدرت بـ 162.8 مليار جنيه (الدولار الواحد يساوي 47.6 جنيها سودانيا) ومصروفات تبلغ 194.8 مليار جنيه، مما يعني أن العجز المتوقع يصل 32 مليار جنيه.

ويشهد السودان أزمات اقتصادية حادة في الوقود والخبز والدواء، وسط تطبيق سياسات مصرفية جففت السيولة في البنوك.

ولم تفلح السياسات الاقتصادية في احتواء الأزمة الاقتصادية، وارتفع معدل التضخم في السودان مسجلا 68.93% لشهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي مقارنة بـ 68.44% لشهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وكان السودان شهد احتجاجات واسعة في سبتمبر/أيلول 2013 عقب قرارات اقتصادية قضت برفع الدعم عن الوقود، وواجهتها السلطات باستخدام القوة المفرطة ما أدى إلى مقتل العشرات.

هذا واندلعت الاحتجاجات في المدن السودانية أمس بالتزامن مع عودة زعيم حزب الأمة القومي السوداني المعارض الصادق المهدي إلى الخرطوم اثر غياب نحو عام بعد أن وجهت له الحكومة تهمة محاولة إسقاط نظام الحكم. وأكد المهدي امام أنصار حزبه ضرورة انشاء حكومة قومية بعيدة عن الحزبية.

ويعتبر التاسع عشر من شهر ديسمبر من العام 1955 اعلان استقلال السودان من داخل البرلمان السوداني والخلاص من الاستعمار البريطاني. الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي اختار هذا التاريخ متزامنا مع عودته للسودان بعد قرابة العام مابين القاهرة ولندن للخلاص من كل هذه الأزمات.

وقال رئيس حزب الأمة القومي السوداني، الصادق المهدي، ان "الة التمكين الحزبي نعم للوفاق القومي، الشعب يريد نظام جديد".

لم ينس الصادق المهدي وهو يخاطب أنصاره من العاصمة الوطنية امدرمان لم ينس الأوضاع المتشظية للدول العربية وضرورة قيام تحالف إسلامي يقيها شر التسلط الغربي.

واضاف الصادق المهدي" تبرم معاهدة امن وسلام وتعايش عربية ايرانية تركية للتعايش والتعاون وعدم التدخل في الشئون الداخلية".

تطرق الامام الصادق المهدي للعديد من القضايا التي يعاني منها الوطن في هذه الفترة خاصة الضائقة المعيشية التي يعيشها المواطن السوداني .

ولم تتضح بشكل فوري الأسباب وراء عودة رئيس الوزراء السابق الذي تنقل بين عدة دول حين كان في المنفى من بينها مصر وبريطانيا.

والمهدي الحاضر دائما في السياسية السودانية منذ الستينات تولى رئاسة الحكومة بين عامي 1966 و1967 ومرة ثانية بين عامي 1986 1989.

وكانت حكومته الثانية هي آخر حكومة يتم انتخابها ديموقراطيا في السودان، قبل ان يطيح بها انقلاب عام 1989 نفذه الرئيس الحالي عمر البشير.

وعاد المهدي لفترة وجيزة الى الخرطوم في كانون الثاني/يناير عام 2017 بعد أكثر من عامين على منفاه في القاهرة، لكنه منذ ذلك الحين آثر العودة الى العاصمة المصرية.

وفي نيسان/أبريل نقل الاعلام السوداني أن مدعي عام الدولة اتهم المهدي بالتآمر للاطاحة بالبشير بعد لقاء في باريس للمعارض السوداني مع أحد زعماء المتمردين.

هذا وقال المحلل السياسي، طلال اسماعيل لمراسل قناة العالم، " اعتقد ان عودة الصادق المهدي للخرطوم هي ايضا يمكن ان تعطي دفعة للعمل الجماهيري والمواكب السلمية الاحتجاجية خصوصا وان لديه مواقف مشهوده ضد سياسات الحكومة السودانية سواء كانت الاقتصادية او السياسات الاخرى التي تمس نظام الحكم والانتخابات القادمة ووضع الدستور".

ومنذ الانقلاب الذي أطاح بآخر حكومة مدنية، بات حزب الأمة الذي يتزعمه الصادق المهدي هو أبرز أحزاب المعارضة ضد سياسات حكومة البشير

وتفاقم الأوضاع الاقتصادية في السودان والرؤية الضبابية لعلاقاته مع الدول الآخري يحتاج لمعارضة قوية في الداخل حسب مراقبين.