كيف تنظر قيادات العراق والحشد لانسحاب اميركا من سوريا؟

كيف تنظر قيادات العراق والحشد لانسحاب اميركا من سوريا؟
السبت ٢٢ ديسمبر ٢٠١٨ - ٠٥:٤٤ بتوقيت غرينتش

قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب قوات بلاده من سوريا، وقال في تغريدة له على "تويتر"، إن قواته "هزمت" جماعة "داعش" الوهابية في سوريا، و"كان ذلك السبب الوحيد لوجود قواتنا هناك خلال فترة رئاستي"، ما اثار ردود فعل محلية ودولية ازاء هذا القرار.

العالم - تقارير

ولاقى القرار الأمريكي "الانسحاب" من سوريا تساؤلات كثيرة حول ماهية المرحلة المقبلة، خاصة في ظل تعقيدات عسكرية وسياسية تشهدها المنطقة، كما أن جماعة داعش الوهابية لا تزال تنشط في الجيب الأخير شرق الفرات، والقريب من الحدود السورية العراقية.

بالاضافة الى ذلك فان انسحاب اعداد كبيرة من القوات الاميركية من هذا البلد، خاصة وانها تتواجد في مناطق تواجد جماعة داعش، سيخلق فراغا قد يؤدي الى زعزعة استقرار المنطقة، خاصة سوريا والعراق، والاخير شعر بالتوجس من هذا الاجراء وصدرت عنه ردود افعال عدة.

رسميا اعتبر رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي خلال اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ان تطور الأمن في سوريا له علاقة مباشرة بأمن العراق واستقرار المنطقة.

وذكر بيان صدر عن مكتبه الإعلامي أن "عبد المهدي تلقى اتصالا هاتفيا من وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو شرح خلاله الأخير حيثيات الانسحاب المرتقب من سوريا، وأكد أن الولايات المتحدة مستمرة بالتزاماتها في محاربة داعش والإرهاب في العراق وبقية المناطق".

وأكد عبد المهدي أن "تطور الأمن في سوريا والوصول إلى تسوية سياسية له علاقة مباشرة بالأمن العراقي واستقرار المنطقة، وأن العراقيين هم الأكثر حرصا على ترسيخ الوحدة الوطنية والدفاع عن سيادة بلادهم ومنع التدخل في شؤونها الداخلية".

من جهته كشف مصدر برلماني عراقي اليوم السبت ان لجنة الامن والدفاع النيابية ستستضيف مسؤولين في الحكومة وقادة عسكريين ميدانيين لمناقشة تداعيات الانسحاب الامريكي من سوريا على الوضع في العراق.

وأفاد المصدر ان هناك مخاوف من محاولات تسلل لعناصر داعش عبر الحدود العراقية السورية التي تشهد توترا من فترة الى اخرى بين فصائل في الحشد الشعبي الرافضة لوجود قوات امريكية في الانبار وتحديدا عند الحدود.

ميدانيا أعلن القيادي في عمليات الجزيرة والبادية النقيب نجم عبد اللطيف في تصريحات تلفزيونية اليوم السبت، أن قوات مشتركة عززت تواجدها في بعض المناطق الحدودية مع سوريا، والتي تشهد تواجدا لعناصر جماعة داعش في الجانب الآخر من الحدود.

وأضاف أن الإجراءات العسكرية التي اتخذتها قوات الجيش العراقي، تأتي لإحباط أي محاولة لعناصر داعش للتعرض إلى القوات الأمنية أو محاولة اختراق الحدود.

فيما اكد امس الجمعة قائد عمليات قاطع غرب الانبار بالحشد الشعبي قاسم محمود مصلح ان قواتنا تمسك الحدود العراقية السورية وتمنع اي احد من الاقتراب منها، محذرا من التحرك الاميركي على الحدود.

وقال مصلح في تصريح لموقع "الحشد الشعبي"، انه "نطمئن اهلنا في العراق بان قواتنا تمسك الحدود ونحن متكاتفون ويوجد تنسيق عالٍ مع القوات الامنية ونمنع اي شخص ان يمس الحدود او يقترب منها"، مضيفا "كنا في السابق نحارب الدواعش واليوم نقول لهم مرحبا بكم اذا كنتم تريديون الحرب".

واضاف "نلاحظ تحرك القوات الاميريكية والدواعش على الشريط الحدودي بين العراق وسوريا لكن التحرك الاميريكي وخصوصا في القائم ملفت للنظر خصوصا وانهم يعملون على انشاء قواعد في المنطقة"، معتبرا ان "ذلك يدل على ان هناك عملية مبيتة ضد العراق او سوريا، سيما بعد قرار انسحابهم من سوريا".

صحيفة الاخبار نقلت عن مصدر من داخل تحالف الفتح، الذي يمثل الحشد الشعبي في البرلمان، انه يرى في الخطوة الأميركية "سعياً للتخلص من الضغط التركي في ما يتعلق بقسد"، معتبراً في الوقت نفسه، أن "واشنطن تعمل على توريط موسكو وطهران في صراع طويل ضد داعش وأخواتها"، وذلك بعد الانتهاء من إعادة توزيع قواتها "داخل المنطقة الساخنة"، المقصود بها المنطقة الحدودية بين العراق وسوريا.

وتضيف الصحيفة، نقلا عن مصادر مطلعة من داخل الحشد، بأن "الأميركيين، على عكس ما يروّجون، يعيدون انتشارهم في المنطقة الحدودية، من محيط مدينة حديثة الغربية، وصولاً إلى محيط مدينة القائم الحدودية، مروراً بعانه وراوة، حيث يعملون على توسيع رقعة تواجدهم، إضافة إلى رفع المستوى الدفاعي تحسّباً لأي هجوم محتمل".

وترى الصحيفة ان قيادة الحشد تنظر بعين الريبة إلى "الخطوة الأميركية غير المفهومة"، خصوصاً أنها تأتي "في لحظة حساسة من عمر الصراع ضد داعش، ومع اقتراب انتهاء الحرب في سوريا"، كما يعبّر أحد القادة البارزين في الحشد، لافتاً إلى أن "الحشد، بالتعاون مع القوات الأمنية، بدأ بتعزيز قطعاته المنتشرة، تحسّباً لأي عمل عسكري مفاجئ من داعش أو غيره".

ويشير القيادي نفسه إلى أن "نقاط انتشارنا في المنطقة الحدودية استُهدفت أكثر من مرة من قِبَل القوات الأميركية، وبطريقة متعمّدة. وأمام سيناريو الانسحاب، فإن إمكانية توجيه ضربة عسكرية لنا من قِبَل الأميركيين ليست بالأمر المستبعد". وانطلاقاً من ذلك، تؤكد مصادر الحشد أن "الحالة الدفاعية لقواتنا في المرحلة المقبلة ستكون على درجة عالية، وقد نضطر إلى الانتقال إلى حالة هجومية، نجتاز بموجبها الحدود مع سوريا، بالتنسيق مع دمشق، حفاظاً على أراضينا، ومنعاً لأي تهديد قد يطرأ مستقبلاً".

دوليا، علقت إيران على إعلان أمريكا الانسحاب من سوريا عبر المتحدث باسم الخارجية، بهرام قاسمي، الذي قال ان تواجد القوات الامريكية في المنطقة كان اجراء خاطئا ومثيرا للازمة منذ البداية وكان ضمن الاسباب التي ادت الى انعدام الامن في المنطقة.

وتابع قائلا ان دراسة تاريخ تطورات المنطقة على مر العقود الاخيرة حتى يومنا هذا تبين ان تواجد القوات الاجنبية في هذه المنطقة المهمة والحساسة تحت ذرائع مختلفة لم يحقق نتيجة سوى انعدام الامن وتعميق الخلافات.

أما الكرملين الروسي فقد أعلن أنه من غير الواضح حتى الآن الطريقة التي ستسحب فيها الولايات المتحدة الأمريكية قواتها من سوريا ولا أين ولا متى سيتم ذلك.

هذا ورحّبت تركيا، بالقرار الأميركي، حيث قال مسؤول تركي رفيع المستوى إن تلك الخطوة "تتفق مع الخطوط العريضة التي خرجت من محادثة هاتفية جرت مؤخراً بين ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان".

وفي اول تعليق من جانب سوريا اعتبر عضو مجلس الشعب السوري بطرس مرجانة أن "الفعل هو الأساس لا الأقوال"، مشيراً بهذا الخصوص إلى أن تصريحات واشنطن حول سحب القوات الأميركية من سوريا لا يعوّل عليها.

يُذكر أنه بموجب القرار الأميركي المفاجئ، فإن إجلاء كل موظفي وزارة الخارجية الأميركية من سوريا سيتم خلال 24 ساعة، كما من المتوقع أن يكون الإطار الزمني لسحب القوات الأميركية من سوريا بين 60 و100 يوم "عند اكتمال المراحل الأخيرة من العمليات" ضد "داعش"، بحسب ما أكد مسؤول أميركي لوكالة "رويترز" للانباء.