بيوت من بقايا الصفيح.. معاناة تتجدد كل شتاء في المغرب

 بيوت من بقايا الصفيح.. معاناة تتجدد كل شتاء في المغرب
الأربعاء ٠٢ يناير ٢٠١٩ - ٠٥:٢٥ بتوقيت غرينتش

"العشوائيات" أو "البراريك" أو"الكريان" أو"دور القصدير" أو"أحياء الصفيح"، تسميات مختلفة لفضاء جغرافي واحد، يجمع بيوتا ومساكنا لا تتوفر فيها ظروف العيش الآدمي، في أطراف العديد من المدن المغربية الكبرى، وعلى رأسها العاصمة الرباط، والدار البيضاء.

العالم - المغرب

مع بداية كل عام، وحلول فصل الشتاء والأمطار، يتساءل المغاربة عن نتائج حملة "مدن بلا صفيح" التي أطلقتها الحكومة قبل 15 عاما، وعن مصير سكان تلك المدن.

يعيش مئات الآلاف من المغاربة في بيوت مصنوعة من بقايا الصفيح والقصدير والبلاستيك، بسبب تدني مستوى معيشتهم، و"غلاء العقارات" و"الهجرة القروية للحضر"، و"وجود أهداف انتخابية" لبعض المسؤولين عن الأحياء والمدن المغربية، يقول الدكتور رشيد لزرق أستاذ القانون الدستوري والخبير البرلماني لـ"سبوتنيك"، موضحا أن آلاف الأسر المغربية تنزح سنويا من قراهم إلى الرباط و الدار البيضاء بحثا عن العمل والعيش الكريم، و يتمركزون فيما يعرف بـ"البراريك" أو "أحياء الصفيح"، ولفت لزرق إلى أن أشهر وأقدم أحياء الصفيح في المغرب هو "كريان سنطرال"، و"كريان لوزازنة".

وبحسب إحصائيات المندوبية السامية للإحصاء في المملكة، تعيش 388 ألف و400 أسرة في مساكن من صفيح في المملكة، وقد خصصت الحكومة المغربية منذ عام 2004 أكثر من 32 مليار، للقضاء على الظاهرة، وأطلقت برنامجا بعنوان "مدن بدون صفيح" من أجل القضاء كليا على مساكن الصفيح في المدن والمراكز الحضرية المعنية، وتوفير السكن اللائق للمتضررين من هذه الظاهرة، وكانت الحكومة قد أعلنت في ديسمبر 2015 عن 55 مدينة بدون صفيح من بين 85 مدينة.

وأشار الخبير المغربي إلى أن المملكة تتبنى استراتيجية حكومية قديمة، للقضاء على تلك المدن، لكونها تشكل حاضنة للجرائم والإرهاب بفعل عوامل سيسيو اقتصادية، خاصة بعد أحداث 16 مايو/ أيار 2003 الإرهابية، التي كان منفذوها من حي سيدي مون بمدينة الدار البيضاء، وكان منفذوها قادمين من هذه الأحياء المهمشة والفقيرة، التي غدت في الأعوام الأخيرة منبتا خصبا للجريمة والدعارة والإدمان، والتطرف بكل أنواعه.

وشدد لزرق على أن السلطات المغربية مؤخرا لم تعد تتساهل مع بناء دور الصفيح بفعل توجهات ملكية صارمة في هذا المجال، خصوصا بعدما شهدت السنوات الماضية تسهيل بعض المسؤولين لنزوح سكان الريف إلى أحياء الصفيح للاستفادة منهم في أغراض انتخابية.

وكانت فيدرالية الجمعيات المحلية للتنمية والمواطنة قد انتقدت، مؤخرا، وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان، وقالت إن سياستها تجاه مدن الصفيح تعزز لاستمرار معاناة سكانها، مبررة بأن الوزارة تقوم بهدم البراريك "أحياء الصفيح" وتعريض قاطنيها للتشريد، قبل تحديد الأماكن التي سيتم تسكينهم فيها،وهو ما يجعلهم يلجؤون إلى استئجار منازل، وهو ما يفاقم وضعيتهم الاجتماعية، خصوصا في ظل عدم قدرتهم على دفع الإيجارات لمدد طويلة.

ومن جانبه أيد الخبير البرلماني المغربي مسؤولية وزارة التراب الوطني والتعمير والإسكان عن تفاقم الظاهرة، غير أنه زاد بأن كثير من الجهات الحكومية تتحمل مسؤولية استمرار أزمة أحياء الصفيح في المغرب، التي يرجع تاريخها إلى ما بعد استقلال المغرب عام 1956، مضيفا أن وزير التراب الوطني السابق محمد بن عبد القادر يتحمل المسؤولية الأكبر مقارنة، بالوزير الجديد عبد الأحد الفاسي الفهري، خصوصا بعد أن أقاله الملك بسبب البطئ الشديد في تنفيذ مشروعات تنمية منطقة الحسيمة.