قضية خاشقجي نحو التدويل...هل ستكون تركيا جادة بترجمة ما روجته اعلاميا؟

قضية خاشقجي نحو التدويل...هل ستكون تركيا جادة بترجمة ما روجته اعلاميا؟
الخميس ٢٤ يناير ٢٠١٩ - ٠٧:٠٦ بتوقيت غرينتش

منذ مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي بسفارة بلاده في إسطنبول في 2 من أكتوبر/تشرين الأول 2018، لوّحت تركيا أكثر من مرة بتحويل القضية إلى تحقيق دولي وذلك بعد رفض الرياض تسليم مواطنيها المشتبه بهم في قضية مقتل خاشقجي لأي طرف خارجي، وفي الوقت الذي كانت تدفع فيه الرياض للتعاون معها بشكل أكبر في القضية، إلا أن الأخيرة لم تفعل ذلك.

العالم - السعودية

لكن الجديد أن أنقرة حولت تهديداتها هذه التي ظلت تطلقها منذ أشهر، إلى عزم يبدو أنه جدّي، بالشروع في تحقيق دولي. إذ نسبت وسائل إعلام تركية، الإثنين 21 يناير/ كانون الثاني 2018، تصريحات إلى وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، قال فيها إن خطوات جديدة ستتخذها أنقرة خلال الأيام القادمة، فيما يتعلق بتدويل القضية التي طال حلها.

وأثار مقتل خاشقجي على يد عملاء سعوديين حالة من الاشمئزاز واسعة النطاق ولطخ صورة ولي العهد السعودي، الذي كان في السابق محط إعجاب الغرب بسبب دفعه لإجراء تغييرات عميقة بما في ذلك تطبيق إصلاحات ضريبية وتنفيذ مشاريع بنية تحتية والسماح للمرأة بقيادة السيارات.

واعتبر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو اليوم الخميس أن الوقت حان لإجراء تحقيق دولي في مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، مؤكدا أن الرئيس رجب طيب أردوغان أمر بنقل القضية إلى مستوى دولي.

وقال جاويش أوغلو في مقابلة مع قناة الخبر التركية إن أردوغان أمر باتخاذ الاستعدادات اللازمة لنقل القضية إلى مستوى دولي، وإن مقررا خاصا من الأمم المتحدة سوف يزور تركيا الأحد المقبل في إطار بحث قضية خاشقجي.

وتابع الوزير "حان الوقت لفتح تحقيق دولي، ويجب أن يصدر القرار بفتح تحقيق أممي عن مجلس الأمن الدولي ولكننا لا نعتقد أن هذا المجلس من الممكن أن يصدر قرارا كهذا، لذا الخيار الآخر هو تشكيل لجنة خاصة بكشف الحقائق من قبل الأمين العام للأمم المتحدة أو المفوض العام لحقوق الإنسان".

وأضاف جاويش أوغلو أنه يمكن أن يشمل نطاق عمل هذه اللجنة كلا من السعودية وتركيا ودولة ثالثة إذا دعا الأمر.

وقد سبق تصريحاته اليوم ، اتهام الوزير التركي يوم الاثنين الماضى، بعض "الدول الغربية تحاول التستر على مقتل خاشقجي"، مضيفاً: "أعرف الأسباب، نعرف ونرى ما هي أنواع الصفقات التي يتم إبرامها، ونرى كيف أن الذين تحدثوا عن حرية الصحافة يتسترون الآن على هذا الأمر بعد رؤية الأموال".

وهذا ما يدلل بالطبع على حراك سعودي واسع وبشتى الوسائل والطرق الممكنة، لقتل القضية التي تطارد الرياض في جميع المحافل حتى اللحظة، وسببت لها كابوساً مزعجاً أرّقها وهز ثقة المجتمع الدولي بها.

وكانت تركيا أطلعت الولايات المتحدة في أواخر العام الماضي ، على ما توصلت إليها تحقيقات النيابة العامة التركية، وأكدت أنقرة مرارا أن الأمر صدر عن أعلى المستويات من السلطات السعودية، وأن فريق الاغتيال السعودي لم يتصرف من تلقاء نفسه.

كما طالبت تركيا السعودية بتسلميها المتهمين باغتيال خاشقجي كي يمثلوا أمام المحاكم التركية ، وكررت السلطات التركية هذا الطلب بعد إعلان الرياض مطلع الشهر الحالي بدء محاكمة 11 متهما، بينهم خمسة طلبت النيابة العامة السعودية الحكم بإعدامهم، بيد أن المحاكمة قوبلت بالطعن في نزاهتها من دول ومنظمات.

وكررت السلطات التركية هذا الطلب بعد إعلان الرياض مطلع الشهر الحالي بدء محاكمة 11 متهما، بينهم خمسة طلبت النيابة العامة السعودية الحكم بإعدامهم، بيد أن المحاكمة قوبلت بالطعن في نزاهتها من دول ومنظمات.

ومنذ الثاني من أكتوبر الماضي، باتت قضية مقتل خاشقجي من بين الأبرز والأكثر تداولًا على الأجندة الدولية.

من جانبها قالت محققة بالأمم المتحدة، اليوم الخميس، إنها ستذهب إلى تركيا الأسبوع المقبل لرئاسة تحقيق دولي مستقل في مقتل خاشقجي.

وتابعت المحققة"أجنيس كالامارد"، مقررة الأمم المتحدة المعنية بالقتل خارج نطاق القضاء والإعدام الفوري والتعسفي، أنها ستقيم خطوات الحكومات ردا على مقتل خاشقجي ودرجة مسؤولية الدول والأفراد عن الجريمة، وفقا لرويترز.

وأضافت، أنها ستنقل نتائج تحقيقها في مقتل خاشقجي لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في يونيو/حزيران المقبل.

وزادت المحققة بأنها "ستقيم خطوات الحكومات، ردا على مقتل خاشقجي، ودرجة مسؤولية الدول والأفراد عن الجريمة" .

وسبق أن رفضت الرياض بشدةٍ أي مطالب بتحقيق دولي في القضية المثيرة، إذ أعرب تركي الفيصل، رئيس الاستخبارات السعودية السابق، عن "فخر بلاده" بنظامها القضائي، مؤكداً رفضها إجراء أي تحقيق دولي معها أو اتهام ولي العهد في قضية مقتل جمال خاشقجي بناء على "التكهنات".

وأضاف الفيصل في مرات عديدة، أن "السعودية لن تقبل بأي محاكمة دولية للنظر في أمر مواطن سعودي، والنظام القضائي السعودي سليم ويعمل بوضوح"، مشدداً على أن "المملكة لن تقبل أبداً التدخل الأجنبي في نظامها القضائي".

وعن شكل استقبال السعودية قرار تدويل القضية إن تم، فمن المتوقع أنها ستستخدم كل نفوذها لوقفه وإعاقته، وهنا يجب أن نستذكر أنها هددت ذات مرةبانسحاب الدول العربية من الأمم المتحدة بعد أن اتُّهمت بقتل أعدادٍ كبيرةٍ من الأطفال في اليمن (ردّت الأمم المتحدة حينها بحذف اسم التحالف الذي تقوده السعودية من القائمة السوداء لأسماء الكيانات التي تقوم بقتل الأطفال).

ويرى مراقبون أن قضية خاشقجي لا يمكن النظر إليها على أنها قضية سعودية-تركية، فبغض النظر عن العلاقة المشحونة بين الطرفين، فإن الخلاف في هذا الملف الآن هو بين القيادة السعودية والرأي العام الدولي بأكمله.

إذ إن الكونغرس الأمريكي يستعد أيضاً للمطالبة بتحقيق دولي في القضية، وذلك بحسب ما ذكرته مجلة فورين بوليسي قبل أيام، نقلاً عن مصدر في الحزب الديمقراطي، قال: من المرجح أننا سنشهد صيغةً ما لمشروع قانون يعبّر على الأقل عن إحساس الكونغرس بأنه يجب أن يكون ثمة تحقيقٌ دولي من قبل الأمم المتحدة في قضية مقتل خاشقجي، أو شيء بهذا المعنى.

ورغم تأييد أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيِّين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي تحقيقاً مستقلاً من قبل الأمم المتحدة، فإن البيت الأبيض ما زال يعيق مساعيهم، لأنه يدعم وبشكل كامل، ولي العهد السعودي.

وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، الأسبوع الماضي، أنه لا يستطيع فتح تحقيق من تلقاء نفسه في جريمة مقتل خاشقجي، وأضاف غوتيريش في مؤتمر صحفي بالأمم المتحدة: ليس لدي الحق في فتح تحقيق، هناك التباس كبير بين ما يمكن أن يفعله الأمين العام وما لا يستطيع أن يفعله.

وأردف بالقول: الأمين العام لا يمكنه إطلاق تحقيق جنائي، أستطيع القيام بذلك بطلب من مجلس الأمن إذا وجد أنه يوجد تهديد للأمن، وفي بعض الحالات الأخرى بطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة.

لكن، في 23 من أكتوبر/تشرين الأول 2018، أكد ديفيد كاي، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعنيّ بالتمتع بحرية الرأي والتعبير، ضرورة إجراء تحقيق دولي في جريمة مقتل خاشقجي، ولم يخفِ كاي إحباطه حينها من عدم الاستجابة لتلك الدعوة.

إذ صرح المقرر الأممي بالقول: أشعر بخيبة أمل بالغة لعدم استجابة الدول بعد لتلك الدعوة، مضيفاً أن «التحقيق الدولي يجب أن يتم من خلال مجلس الأمن الدولي أو مجلس حقوق الإنسان، وأنه يجب إقناع الأمين العام للأمم المتحدة بفعل ذلك.

وعن شكل التحقيق المقترح، قال كاي: يتعين تشكيل جهة تحقيق مستقلة، يمكن أن تتكون من 5 أشخاص، كحد أقصى، لتقييم المعلومات التي شاركتها السلطات التركية، ويجب أن تقدم للمجتمع الدولي تقريراً ذا مصداقية حول ما جرى.

والمقرر الأممي ديفيد كاي لم يكن هو الوحيد الذي طالب غوتيريش بفتح تحقيق، إذ طالبت هيومن رايتس ووتش السلطات التركية بتقديم طلب رسمي إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، لإجراء تحقيق دولي ومستقل في القضية.

وأشارت إلى أن تحقيقاً دولياً تحت سلطة الأمين العام سيكون له التفويض والمصداقية والحيثية من أجل الضغط على المسؤولين والشهود والمشتبه بهم في السعودية.

كما شاركت منظمة العفو الدولية هذا المطلب مطلع يناير/كانون الثاني 2019، من أمام القنصلية السعودية في إسطنبول، في ذكرى مرور 100 يوم على مقتل خاشقجي.

وسيلحق تشكيل لجنة تحقيق وعقد محكمة دولية في القضية سيلحقان ضرراً كبيراً سياسياً واقتصادياً بالسعودية لانه حينها على الرياض التزام نتائج التحقيق، وإذا حاولت معارضة قرارات المحكمة فستجد نفسها في مقاطعة دولية كبيرة، وربما سيتم اعتبارها دولة خارجة عن القانون.