مؤتمر وارسو.. التطبيع العلني تحت كذبة "البعبع" الايراني

مؤتمر وارسو.. التطبيع العلني تحت كذبة
الخميس ١٤ فبراير ٢٠١٩ - ٠٧:٥٥ بتوقيت غرينتش

تؤكد التقارير وتصريحات الخبراء والمراقبين ان مؤتمر وارسو الذي شاركت فيه دول عربية، جنبا إلى جنب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هدفه التخلي عن القضية الفلسطينية والمضي قدما في مسلسل التطبيع العربي مع "إسرائيل" وتحويل الأولويات في المنطقة من صراع فلسطيني -إسرائيلي، إلى إنشاء حلف إقليمي في المنطقة لمواجهة ما يسمي الخطر الإيراني المزعوم.

العالم- العالم الاسلامي

ولطالما حاولت أمريكا، ومن خلفها ربيبتها "إسرائيل" التمسك بذريعة "البعبع الإيراني" رغم أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومنذ التأسيس إلى ذكراها الأربعين لم تقم باي اعتداء على أي دولة عربية، بل على العكس كانت هذه الدول العربية هي الداعم الأكبر لصدّام ضد إيران، ولهذا السبب تحديداً وضعت واشنطن مؤتمر وارسو تحت عنواني "الموضوع الإيراني والقضية الفلسطينية".

وهذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى ومسؤولون عرب رفيعون في مؤتمر دولي حول الشرق الأوسط منذ مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، والذي مهد الطريق إلى معاهدة أوسلو بين "إسرائيل" والفلسطينيين.

واصطف رئيس الوزراء الإسرائيلي ومسؤولون عرب على منصة واحدة لالتقاط صورة جماعية للمشاركين في أعمال المؤتمر.

ومن على المقعد المجاور لوزير خارجية حكومة المستقيل الفار عبد ربه منصور هادي المدعوم من الرياض في مؤتمر وارسو حيث جلس نتنياهو، دخل التطبيع العربي الاسرائيلي برعاية امريكية مرحلة جديدة، حيث قال نتنياهو قبيل كلمته في المؤتمر ان حضور مؤتمر وارسو حول الشرق الأوسط الى جانب دول عربية يشكل "منعطفاً تاريخياً في علاقات الدول العربيه واسرائيل".

وفي خطوة تفضح علاقة حكومة هادي بالكيان الإسرائيلي وتطبيعها العلني من داخل قاعة مؤتمر وارسو أقدم وزير خارجية هادي خالد اليماني دون أي خجل وأمام الكاميرات، إلى إعارة مكبر الصوت لنتنياهو وذلك بسبب تعطل مكبر الصوت الموجود أمامه في سلوك يظهر الولاء والتبعية للكيان.

وأظهرت الصور تفاخر اليماني بالجلوس إلى جانب نتنياهو ويؤكد ما أقدم عليه علاقة حكومته كأدوات بكيان الاحتلال تماشياً مع أجندة السعودية والإمارات.

وأثار ظهور اليماني إلى جانب نتنياهو، جدلاً وردود فعل غاضبة في مواقع التواصل الاجتماعي، طالبت بتوضيح الموقف الحكومي من الواقعة.

وفي الوقت الذي لم يصدر على الفور توضيح من الجانب اليمني حول ملابسات جلوس الوزير في مؤتمر وارسو إلى جانب رئيس حكومة الاحتلال، أثارت الصورة جدلاً وتعليقات ساخطة في مواقع التواصل، وصلت إلى حد المطالبة بإقالته.

وقال محمد الحزمي، وهو نائب في البرلمان اليمني، في تغريدة على تويتر: "أطالب بإقالة وزير الخارجية فورًا، وإنه لا يمثل اليمن في مؤتمر وارسو"، وأضاف "ما دام العدو الصهيوني حاضراً، لا يتشرف أي يمني بهذه الصورة الخبيثة".

كما أكد محمد البخيتي عضو المكتب السياسي لأنصار الله أن "الشعب اليمني غير مسؤول عما تقوم به حكومة المرتزقة من تطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب لأنه يواجه في الواقع عدوان 17 دولة من بينها إسرائيل".

من جهته لفت عضو الوفد الوطني الحجري إلى أن لقاء اليماني بنتنياهو ليس مستغربا، مؤكدا أن العدوان على اليمن بتوجيه أمريكي صهيوني.

يأتي هذا في وقت أعلن فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه سيلتقي وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير، اليوم خلال اجتماعات مؤتمر وارسو وذلك بعد يوم واحد من لقاء جمعه مع وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي في وارسو في حلقة جديدة من مسلسل التطبيع.

وبعد لقائه وزير الخارجية العماني امس الاربعاء، قال نتيناهو أن اللقاءات باتت جلية مع ممثلي الدول العربية.. وليست بالخفية مشيدا بما وصفه "القرار الشجاع الذي اتخذه السلطان قابوس" بدعوته إلى زيارة سلطنة عمان الذي قال انه مهد الطريق أمام أطراف كثيرة أخرى للقيام بذلك.

ولا تعترف سلطنة عمان رسميًّا بـ"إسرائيل"، كما لا تعترف بها السعودية والإمارات وأرسلتا أيضًا مبعوثين إلى وارسو.

وفي تطور ملفت متعلق بتطبيع علاقات "إسرائيل "مع الدولة العربية، رد وزير خارجية البحرين، خالد بن أحمد آل خليفة، في القمة حين سئل متى ستقوم بلاده بإقامة العلاقات مع "إسرائيل"، بالقول "سيحدث ذلك في نهاية المطاف".

كما فجر نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، اليوم الخميس في كلمته التي ألقاها أمام مؤتمر وارسو، قنبلة عندما أكد على أن العلاقات الإسرائيلية بالدول الخليجية بدأت حقبة جديدة وقال: "بدأنا حقبة جديدة .. نتنياهو وقادة كل من البحرين والسعودية والإمارات يتقاسمون الخبز معاً".

واحتجاجا على لقاء نتنياهو ويوسف بن علوي عبر النشطاء في سلطنة عمان في وسم هاشتاق "عمانيون ضد التطبيع"، على موقع تويتر عن رفضهم لمثل تلك اللقاءات التي تفسر على إنها تطبيع مع محتل مازال يمارس كل انواع القمع بحق الشعب الفلسطيني، ومازال يحتل الأرض ويرفض السلام.

حيث قال الناشط احمد ما نصه: "عار .. أن يقف العلم العُماني بجانب العلم الصهيوني .. أن يقف التاريخ والحضارة والمروءة والشجاعة ونصرة الأمتين الإسلامية والعربية بجانب الجبن والانحطاط والارهاب والدناءة والخسة وأداة هدم الأمتين الإسلامية والعربية".

بينما قال الباحث مصطفى الشاعر رافضا اللقاء، ما نصه: "ما يقوم به معالي الوزير المسؤول عن الشؤون العمانية #يوسف_بن_علوي لا يرضي اي عماني غيور على امته وقضيته فلسطين، اسرائيل كيان مغتصب للاراضي العربية ونتنياهو مجرم حرب قاتل اطفال غزة ، لا نخجل وسنعبر بكل قوة اننا #عمانييون_ضد_التطبيع ونستنكر بشدة اي تواصل مع هذا الكيان ."

بينما طالب مغرد تحت اسم البيت الخليجي الواحد بتحدث القيادة مع الشعب والشرح لها بما تقوم به ولماذا، حيث قال في تغريدته ما نصه: "مشكله السياسين العرب لا يتحدثون مع شعوبهم ومادام لا نسمع سوى عبارة "نحن نرى" ستبقى الكثير من الأفعال في عالم المجهول ليس لها تفسير سوى الظن..نتياهو يخاطب شعبه يوميا بكل فعل اما لدينا فوزير او سياسي فلا يخاطب الا نفسه… رفعت الأقلام وجفت الصحف."

هذا واكد مسؤولون وشخصيات فلسطينية ان مؤتمر وارسو يهدف للقفز عن قضية فلسطين حيث أكد رمزي رباح، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، في لقاء متلفز "أن هناك محاولة لتمرير إحدى حلقات صفقة القرن من خلال هذا مؤتمر وارسو، موضحاً أن ما تسعى إليه الادارة الامريكية هو تحويل الأولويات في المنطقة من صراع فلسطيني -إسرائيلي، إلى إنشاء حلف إقليمي في المنطقة لمواجهة ما يسمي الخطر الإيراني المزعوم، وبالتالي هذا يعني أن الصراع وحل القضية الفلسطينية لم تعد أولوية".

من جهته أكد فتحي أبو العرادات، أمين سر حركة فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، "أن هذا المؤتمر هو أمريكي بامتياز ويسعي لتسويق صفقة القرن تحت عنوان السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، كما كانت كل هذه الاحتجاجات في منطقتنا تحت عناوين الامن والسلام".

واعتبر المؤتمر فيه الكثير من القضايا التي تمس القضية الفلسطينية ومحاولة جمع الدول العربية بنتنياهو وقادة الاحتلال، وهي محاولة للتطبيع مع هذه الدول في وقت يجري العمل فيه على تصفية القضية الفلسطينية من خلال موضوع القدس واللاجئين.

من ناحيته، قال وليد العوض عضو المكتب السياسي لحزب الشعب، أن هذه المحاولة تندرج لبحث الإدارة الامريكية عن مخارج تحاول أن تحُيي من خلالها ما يسمى صفقة القرن موضحا: "أن ترامب يريد أن يذهب للانتخابات القادمة وقد حقق انتصار في السياسة الخارجية وهو يجاهد بعدة اشكال، من اجل تحقيق نجاح قبل الانتخابات الامريكية القادمة، لكنه لن يستطع من تحقيق نا يريد بفضل صمود القيادة الفلسطينية رغم حجم الظروف التي مورست عليها".

وقال نبيل شعث مستشار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في مقال نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية: " تسعى (إدارة ترامب) بوقوفها كلياً في صفّ الحكومة الإسرائيلية، إلى تطبيع الاحتلال الإسرائيلي والإنكار المنهجي للحقّ الفلسطيني في تقرير المصير، ويدخل مؤتمر وارسو في هذا السياق".

وكان وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، وشخصيات فلسطينية اكدوا عقب إعلان عقد المؤتمر بأنه المؤامرة التي تهدف للقفز على القضية الفلسطينية والتطبيع العربي مع "إسرائيل"

كما اكد المراقبون والخبراء السياسيون إن الإدارة الأمريكية تريد توريط الدول العربية في صراعها العبثي مع إيران عبر تكوين تحالف عربي ضد إيران، ويريد أن تتكفل الدول الخليجية بدفع تكلفة هذه المواجهة.

وقالت أستاذة العلوم السياسية المتخصصة في الشأن الخليجي، أمل إبراهيم، في تصريحات لـ "عربي21"، إلى أن ترامب مأزوم داخليا، ويزداد الضغط الداخلي عليه يوما بعد يوم؛ بسبب قضية التعاون مع روسيا، ويريد استغلال هذه القصة من تطبيع مع "إسرائيل"، وتكوين تحالف إقليمي ضد إيران؛ بهدف إرضاء اللوبي اليهودي في أمريكا، حتى يسانده في مواجهة خصومه السياسيين في الكونجرس.

كما تساءل أمل إبراهيم: لماذا ينجر العرب إلى عداء دولة كبرى وذات ثقل إقليمي كبير مثل إيران إذا كانت لم تحاربنا ولم تناصبنا العداء؟

من جانبه، حذر أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، محمود حسن، من أن التحالف العربي الإسرائيلي الذي يدعو له ترامب سيكون بمثابة مصيبة كبرى ستحتل على المنطقة بأكملها، موضحا، أن إسرائيل لا يمكن أن تكون في يوما ما حليفا للعرب، لأنها ستطعن العرب من الظهر، حيث تعتبرهم أعداء إلى يوم الدين.

وحول موجة التطبيع المتزايدة بين العرب و"إسرائيل" في الفترة الأخيرة، خاصة من جانب الدول الخليجية قال حسن إن هذه التصرفات تقف وراءها واشنطن التي تدفع العرب إلى التطبيع مع تل أبيب؛ تمهيدا لإنشاء علاقات كاملة وطبيعية بين الجانبين، ما يعني موت القضية الفلسطينية تماما، كما تريد "إسرائيل".