الهذلول وفتيحي وخاشقجي و.. ضحايا السيف السلماني على رقبة الحرية

الثلاثاء ٠٥ مارس ٢٠١٩ - ٠٦:٥٩ بتوقيت غرينتش

قال خبراء في حقوق الإنسان بالأمم المتحدة إن السعودية تستغل قوانين مكافحة الإرهاب لإسكات النشطاء، ومنهم النساء، في انتهاك للقانون الدولي الذي يكفل حرية التعبير داعين الرياض إلى إطلاق سراح مدافعين عن حقوق الإنسان، احتجزتهم دون وجه حق، منهم وليد أبو الخير وأشرف فياض، ولجين الهذلول ووليد فتيحي وغيرهم.

ودعا الخبراء في ندوة دولية نظمت بجنيف على هامش مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة السعودية بإعادة تعريف الإرهاب المعتمد لديها، لأن هذا التعريف أصبح يتخذ ذريعة لانتهاك حقوق الإنسان في ظل الخلط بين جرائم الإرهاب والنشاط السياسي للمعارضين في المملكة.

وقالت فيزمزلاني ألوين، المقررة الأممية الخاصة المعنيّة بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، إن الذين يمارسون حقهم في التعبير بطريقة سلمية في السعودية يتعرضون بشكل مباشر للقمع، في وقت يقبع فيه عدد كبير منهم في السجن منذ سنوات.

ورأت ألوين أن منتهكي حقوق الإنسان في السعودية يُفلتون بشكل كامل من العقاب، وشددت على مطالبة الرياض بشكل عاجل بإعادة تعريف مفهوم الإرهاب، ليتناسب مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.

كما طالبت المقررة الأممية بضمان عدم تذرع السلطات السعودية بمكافحة الإرهاب لقمع نشطاء حقوق الإنسان.

وضمن توصيات ألوين للسلطات السعودية ضمانُ استقلالية القضاء في المملكة، وإنشاء آليات لمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان وآليات لإيصال صوت ضحايا هذه الانتهاكات.

بدوره، قال مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان ميشيل فورست إنه كان على اتصال بالحكومة السعودية خلال العام الماضي منذ "حملتها القمعية".

وأضاف "المزعج بالنسبة لي هو استهداف مدافعات عن حقوق المرأة"، وأن المعنيات لسن فقط نساء شاركن في حركة الحق في قيادة النساء للسيارة، "بل كل فئات النساء أيضا"، وأكد أن "كل حالات الاعتقال شملت احتجازا بمعزل عن العالم في أماكن غير معلنة".

وقالت زينب الخواجة المسؤولة في مركز الخليج (الفارسي) لحقوق الإنسان إن "بعضهم زعماء حملات شهيرة مثل حق المرأة في قيادة السيارة وإلغاء وصاية الرجل"، وإن "تلك الهجمات تهدف إلى تكميم أفواههم وتفكيك الحركات في البلد".

وفي معرض حديثها عن تقرير للمركز بشأن التعذيب في السعودية، قالت إن المركز سلط الضوء على بعض طرق التعذيب التي تُستخدم في السعودية، مثل الصعق بالكهرباء والجلد أحيانا بالسوط على الفخذين على سبيل المثال، والاعتداء الجنسي والتعرية والتحرش بهن وتصويرهن عرايا، وبعضهن مقيدات الأيدي أو معصوبات الأعين.

هذا ورشّح أساتذة في جامعة السوربون الفرنسية الناشطة الحقوقية المعتقلة في سجون السلطات السعودية لجين الهذلول التي اعتقلت في مايو/ أيار 2018، مع 10 ناشطات أخريات في المملكة.

ونشرت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، مقالاً يحمل توقيع العشرات من أساتذة السوربون الذين يدعمون ترشيح الهذلول، تحت عنوان "ثمن الحرية".

وقال الأساتذة الموقعون على المقال المنشور في "ليبراسيون" إنه سيكون بإمكان لجنة نوبل في عام 2019 استثمار الأضواء التي تسلط على الجائزة للاحتفاء بـ"أعمال أولئك الذين يحاربون نظام القمع والصمت السعودي"، مشيرين إلى أنه "لا يزال العديد من النساء والرجال يدفعون ثمن التزامهم بالحرية والمساواة".

وفي قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي كشف تحقيق تلفزيوني بثته قناة الجزيرة بعنوان "ما خفي أعظم" عن صور تعرض لأول مرة، لفرن من بيت القنصل السعودي في إسطنبول محمد العتيبي، خلصت التحقيقات التركية إلى أنه استخدم لإحراق أجزاء جثة خاشقجي.

وجاء في التحقيق أن السلطات التركية رصدت اشتعال الفرن لفترات طويلة على مدار ثلاثة أيام بعد إدخال فريق الاغتيال الحقائب التي نُقلت فيها أجزاء جثة خاشقجي إلى منزل القنصل السعودي.

في تطور جديد لمجريات قضية اغتيال خاشقجي، وكشف التحقيق أن أول اتصال بين السلطات التركية والسعودية بعد اختفاء خاشقجي كان بين مدير المخابرات التركية وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. ولم يستجب ولي العهد السعودي للمطالب التركية واعتبر مطالبة مدير المخابرات التركي بكشف حقيقة وضع خاشقجي تهديدا غير مقبول.

من جهته، قال الناشط السعودي في حقوق الإنسان يحيى عسيري إن الجميع يعلمون جيدا أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان هو الذي يقف وراء مقتل الإعلامي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

واعتبر أنه لا يمكن اتخاذ قرار في المملكة دون علم ولي العهد، وقال إن الجناة في جريمة قتل خاشقجي لا يزالون طلقاء، وإن المملكة لم تتعاون مع مقررة الأمم المتحدة أنييس كالامار.

ودعا عسيري في حديث للأناضول إلى تحقيق دولي مستقل بشأن جريمة قتل خاشقجي، مشددا على أنه "لا يمكن الكشف عن ملابسات الجريمة دون هذا التحقيق، وإلا فإن النظام السعودي سيشعر بالحرية في ارتكاب مثل هذه الجرائم".

وتساءل الصحفي المغدور خاشقجي قبل اغتياله عن السبب في قيام السعودية باحتجاز طبيب سعودي أمريكي بارز يُدعى وليد فتيحي، الأمريكي من أصل سعودي، خلال حملة الاعتقالات التي نفّذها ولي العهد محمد بن سلمان، في نوفمبر 2017، حيث احتُجز مع مجموعة من رجال الأعمال البارزين في فندق الريتز كارلتون في إطار حملة ضد الفساد.

اليوم، لم يعد خاشقجي قادراً على طرح مثل هذه الأسئلة الصعبة ولكن سؤال خاشقجي لا يزال قائماً؛ فوليد فتيحي ما يزال في السجن ولا أحد يعرف سبب اعتقاله على وجه التحديد.

ورغم نفي المسؤولين السعوديين تعرض السجناء الذين ينتظرون المحاكمة لـ"سوء المعاملة"، أكد المحامي أنه "يُعتقد أن الطبيب فتيحي يتعرض للتعذيب على المستوى النفسي على أقل تقدير خلال فترة سجنه".

وأطلقت عائلة وليد فتيحي، حملة تطالب السلطات بالمملكة وإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والكونغرس بإطلاق سراحه فوراً.

وتداول ناشطون وسم "#الحرية_لفتيحي"، و"#freefitaihi" على "تويتر"، مطالبين بالإفراج عنه وعن جميع النشطاء السعوديين والسياسيين.

واشتهر فتيحي بتقديمه البرنامج التلفزيوني "ومحياي" على قناة "إم بي سي"، والذي يهدف إلى تغيير الأخطاء والسلوكيات والأفكار السيئة المنتشرة في المجتمعات العربية.

من جانبه، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون بولتون، في برنامج "State of the Union" عبر CNN: "ما فهمته حتى هذه اللحظة أن فريقاً دبلوماسياً سعودياً زاره في السعودية، ولا أملك معلومات عن الأمر غير ذلك".