حكومة اشتية.. هل تنجز المصالحة او تعمق الانقسام؟

حكومة اشتية.. هل تنجز المصالحة او تعمق الانقسام؟
الإثنين ١١ مارس ٢٠١٩ - ٠١:٤٩ بتوقيت غرينتش

بعدما كلف رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، القيادي في حركة فتح محمد اشتية تشكيل حكومة جديدة، اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن تشكيل الحكومة الجديدة دون توافق وطني، سلوك تفرد وإقصاء، وهروب من استحقاقات المصالحة وتحقيق الوحدة.

العالم- تقارير

كلف رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، الوزير السابق عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، محمد اشتية، بتشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة.

واشتية (61 عاما) هو سياسي واقتصادي فلسطيني، انتخب عضواً للجنة المركزية لحركة فتح عام 2009 واعيد انتخابه في المؤتمر السابع عام 2016، وعمل وزيراً للاشغال العامة والإسكان، ووزيراً للمجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار.

ويواجه اشتية عدة ازمات خلال تولّيه الحكومة الفلسطينية اهمُها ازمة الرواتب المتأخرة. اضافة الى الازمة المالية التي فرضها الاحتلال الاسرائيلي بقطع اموال السلطة الفلسطينية. وذلك الى جانب مواجهة حالة الانقسام الفلسطيني لا سيما أن الحكومة التي سيشكلها هي حكومة لون واحد.

وكان عباس قد قَبِلَ استقالة حكومة رامي الحمد الله، وكلفها بتسيير الأعمال حتى تشكيل الحكومة الجديدة، في 29 كانون الثاني/يناير الماضي.

وعلى اثر تكليف رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس محمد اشتيه بتشكيل الحكومة الجديدة، قال الناطق باسم الحركة فوزي برهوم، ذلك عملية لفصل الضفة الغربية عن قطاع غزة وترسيخ الانقسام.

وأفاد برهوم بأن حركة حماس لا تعترف بهذه الحكومة كونها خارج التوافق الوطني.

ولفت إلى أن المدخل الأمثل لتصحيح الوضع الفلسطيني هو بتشكيل حكومة وحدة، وإجراء انتخابات عامة شاملة "رئاسية وتشريعية ومجلس وطني".

كما اعتبر المتحدث باسم حماس عبد اللطيف القانوع، أن الحديث عن تشكيل الحكومة دليل على عدم جدية السلطة ويتناقض تماما مع الحديث عن الانتخابات التشريعية والرئاسية التي وافقت عليها الحركة.

من جهته، وصف القيادي في "حماس" رأفت مرة، إقدام رئيس السلطة الفلسطينية على تعيين اشتية رئيسا لحكومة السلطة هي عملية استبدال وجوه وتغيير أشخاص فقط، ويشير إلى انصياع عباس لصراعات حركة فتح الداخلية.

وقال مرّة، إن طريقة تعيين اشتية تدل على تفرد عباس، وتجاوزه لمطالب القوى والهيئات الفلسطينية، ومطالب الفلسطينيين.

وأكد مرة أن خطوة تعيين اشتية هي استكمال لسياسة رئيس السلطة، واستمرار لنهج رامي الحمد الله الذي فشل على مستوى الحكومة كما فشل على المستوى الوطني، وعجز عن معالجة الملفات السياسية والاقتصادية.

وكانت اللجنة المركزية لـ"فتح"، قد أوصت نهاية يناير/كانون ثاني الماضي، بتشكيل حكومة من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وأن يكون رئيسها أحد أعضاء اللجنة، مبررة الدعوة بـ"تعثر ملف المصالحة مع حركة حماس.

واعتبر خبراء سياسيون أن تكليف محمد اشتية، بتشكيل حكومة فلسطينية جديدة يمثل خطوة نحو تعميق الانقسام الداخلي، لأن الحكومة "تتجاهل الأطراف الأخرى"، و"لن تخرج عن برنامج عباس"، و"لن تشمل قطاع غزة"، مما يمثل تعميقا لحالة الانقسام، في وقت يواجه فيه الفلسطينيون "صفقة القرن والاحتلال الإسرائيلي".

وانتقد طلال عوكل، كاتب وخبير سياسي، تشكيل حكومة جديدة برئاسة اشتية قائلا إن "هذا تشكيل سياسي يعني تعميق لحالة الانقسام مرة أخرى، وتجاهل الأطراف الأخرى، سواء حماس أو الجهاد الإسلامي أو من يرفض المشاركة في الحكومة من الفصائل الأخرى".

ووصف المحلل الفلسطيني، مصطفى إبراهيم، الحكومة المقبلة بـ"حكومة الانقسام".

ورأى أنها "لن تخرج عن برنامج الرئيس عباس، لذلك لن تغيّر بشكل إيجابي في مجريات ما يحدث في الساحة الفلسطينية".

وحذر من أن الحكومة المقبلة "يمكن أن تكون أسوأ من سابقتها؛ فهي لن تكون حكومة فصائلية بالمعنى الوطني".

كما وصف إبراهيم المدهون، كاتب سياسي، حكومة اشتية بـ"حكومة الأمر الواقع"، معتبرا أنها "غير دستورية".

لكنه رأى في الوقت نفسه أن "اشتية أمامه فرصة كي يقنع حماس بأنه عنصر حل وليس عنصر خلاف، من خلال فتح ملف المصالحة واتخاذ قرارات جريئة، خاصة ما يتعلق بملف موظفي غزة".

وبالمقابل، ذهب يحيى رباح، القيادي في "فتح"، إلى أن "الحكومة الجديدة سيكون فيها من الكفاءة ما يمكنها من تطبيق أولوياتها الوطنية الأولى، وهي إنهاء الانقسام".

وأضاف أن "الحكومة الجديدة ستتولى العديد من المهام الكبيرة على طريق إسقاط صفقة القرن، ووقف التغول الإسرائيلي".

من هو اشتية؟

اشتية، وهو من مواليد عام 1958، لا ينحدر من عائلة كبيرة، وليس محسوباً على محافظة ثقيلة سياسياً واقتصادياً، ويشغل اشتية حالياً منصب رئيس "المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار" (بكدار)، وكان شغل منصب وزير الأشغال العامة والإسكان. انتخب عضواً للجنة المركزية لحركة "فتح" عامي 2009 و2016.

ولعل أهم ما يشغله اشتية حالياً هو منصب المفوض المالي لحركة "فتح"، وذلك منذ المؤتمر السادس للحركة عام 2009. أي إنه لا يتم صرف أي مبلغ مالي في إطار الحركة من انتخابات أو مصاريف أقاليم وغيره، إلا بموافقته.

ويعتبر اشتية أول مسؤول فلسطيني وعضواً في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية يقدّم استقالته، إذ شارك في مفاوضات التسعة شهور التي كانت برعاية وزير الخارجية الأميركي الأسبق جون كيري، وكانت بدأت عام 2013، لكنها سرعان ما انهارت في ربيع 2014، بعد تراجع حكومة الاحتلال الإسرائيلي عن إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين المعتقلين قبل اتفاق أوسلو، رغم أن الاتفاق غير المكتوب كان بضمانات ورعاية كيري.

مهمة صعبة..

ويرى المحلّلون والمراقبون أنّ مهمة اشتية ستكون شائكة وبالغة الصعوبة، خصوصاً أنه تم تكليفه في ظلّ أزمة اقتصادية ومالية تعصف بالسلطة الفلسطينية، التي قررت عدم تسلّم جميع أموال عائدات الضرائب التي تجمعها حكومة الاحتلال بموجب اتفاق "باريس الاقتصادي"، بعد قيام الأخيرة بقرصنة ملايين الدولارات بذريعة أنها تذهب مخصصات لأسر الشهداء والأسرى والجرحى. وهو الأمر الذي وضع السلطة الفلسطينية في مأزق مالي انعكس بالتأخّر نحو أسبوعين في صرف رواتب شهر فبراير/ شباط الماضي، فضلاً عن صرف 50 في المائة من رواتب الموظفين الحكوميين، واتخاذ تدابير مالية تقشفية.

وإلى جانب الأزمة المالية والاقتصادية التي لا يبدو أنّ هناك حلاً قريباً لها، يواجه اشتية ملفات سياسية خارجية وداخلية، وأبرزها ملف المصالحة.

وفي هذا السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري، إنّ "تشكيل فتح للحكومة يعني أنّ باب المصالحة أغلق حتى إشعار آخر".

ولعل أبرز الأزمات التي تنتظر حكومة اشتية، كما يرى المصري، تتمثّل "بأنّ هذه الحكومة ستؤجّج معركة خلافة محمود عباس، وتجعل رئيس الحكومة الفتحاوي يؤدي دوراً في هذه المعركة المقبلة"، قائلاً: "أهمية هذه الحكومة إذا استمرت لوقت طويل، هي في أنها ستؤدي دوراً في الخلافة، وهذا سيذكّي التنافس داخل فتح والسلطة، ولا سيما أنّ هذه الحكومة ستتحوّل إلى مركز ثقل، وهذا ما يعطي أهمية لها في هذا الوقت".