العالم - السودان
وبرغم أن الإفطارات الجماعية ظلت موجودة في المساجد وبعض الساحات العامة في المدن، إلا أن طقس الإفطار الذي بدأ مع أول يوم من رمضان في ساحة الاعتصام بالخرطوم، رسم لوحة مختلفة تماماً عن المألوف.
تقاليد راسخة يرثها جيل جديد
منذ القدم ارتبطت الحياة السودانية بتقاليد راسخة كالتكافل الاجتماعي والنفير الذي يقوم على خدمة جماعية لتنفيذ عمل أو تقديم مساعدة أو عون معين لشخص كبناء بيته مثلاً.
وفي رمضان بالتحديد، فالواقع السوداني منذ القدم ظلّ ديدنه ذلك التعايش الأخوي والتشارك وتبادل الأطعمة بين الجيران، انتهاء بالإفطار في الساحات بين البيوت والشارع العام وإيقاف الناس وإنزالهم من المركبات العامة بعد سد الطريق وذلك لكي يتناولوا الإفطار الرمضاني.
وقد برزت روح التعاضد والتكاتف بوضوح مع دخول شهر رمضان الذي أصبح مختلفاً بالنسبة للمحتجين الذين يواصلون اعتصاماً منذ السادس من إبريل إلى إسقاط حكم البشير في 11 إبريل، ومستمر لتحقيق بقية مطالب التغيير في ظل الشعار المرفوع "حرية.. سلام وعدالة".
إعداد مسبق بمشاركة جماعية
قبيل دخول الشهر الكريم كان قد أعدت الخيام وجهزت في حين تم ترتيب مسائل الطعام والشراب التي يشرف عليها المعتصمون أنفسهم من الشباب و"الكنداكات"، وحيث تحقق النجاح في تدبير الأمور بعناية فائقة وعمل جماعي تشاركي.
ووصف الصحفي السوداني عيسى جديد الذي شارك في الإفطار الجماعي بالساحات، المشهد قائلاً بأنه "إفطار الاعتصام الأكبر في تاريخ السودان"؛ وكتب جديد على صفحته بالفيسبوك: "يا لجمال الثورة ونبل السودانيين".
وامتدت طقوس الصيام والإفطار والصلاة الجماعية في ليل رمضان، ممتزجة بالشعارات سريعة التأليف مواكبة للحدث، والأشعار التي تصور هذه المناسبة التي لا تتكرر.
وبرغم ارتفاع حرارة الجو التي تراوحت ما بين 45 و50 درجة مئوية إلا أن الحضور كانوا في غاية الحماس وهم يرددون الشعار "رمضان أحلى في القيادة".
وتقوم لجان الاعتصام بالعمل على تنسيق الجهود في توفير كافة الاحتياجات وحيث تحول المشهد إلى حراك دائب في الليل ومتنفس للقاء الناس، رسم صورة مختلفة لرمضان في الخرطوم، عن كافة السنين الماضية، في أول رمضان بعد سقوط النظام.