العالم - ايران
اعترف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الاحد، في مقابلة مع محطة "إن.بي.سي"، بأنه لم يحذر إيران من أي هجوم وأنه لا يسعى للحرب، وذلك بعد ساعات من زعمه أنه لم يلغ الضربة لإيران بل أوقف تنفيذها، وإعلانه عن فرض اجراءات حظر وشيكة ضد طهران.
واضاف ترامب: "لا أتطلع إلى الحرب مع إيران، ولم أرسل إليها أي رسالة تحذير من هجوم وشيك"، وذلك بعدما ادعت وسائل إعلام أن ترامب حذر طهران عبر سلطنة عُمان من هجوم وشيك وأنه يريد إجراء محادثات.
وكان ترامب قد أعلن أن واشنطن كانت على وشك توجيه ضربة عسكرية لإيران ليلة الجمعة الماضية، لكنه قرر إيقافها قبل موعدها بعشر دقائق، مواصلاً في الوقت نفسه تهديده بالرد على طهران التي أسقطت طائرة التجسس الاميركية.
وقال ترامب في تغريدة سابقة على "تويتر": "لم أقل إنني تراجعت عن توجيه ضربة لإيران، لكنني أوقفت تنفيذها في الوقت الحالي"!!.
وسبق أن، أشاد ترامب بإيران، التي أسقطت الطائرة الأميركية، قائلاً إنها تصرفت "بحكمة شديدة" كونها لم تسقط طائرة ركاب حلقت في الوقت ذاته وعلى متنها 38 شخصاً.
وأعلن الرئيس الأمريكي السبت الماضي أنّ "عقوبات جديدة مشددة" ستفرض على إيران الاثنين، وذلك بعد ساعات من تأكيده أنه في حال تخلى الإيرانيون عن برنامجهم النووي، فإنه سيكونون "أفضل أصدقائهم"!.
وأسقطت الدفاعات الجوية الايرانية طائرة تجسس أميركية من طراز "MQ-4C" يوم الخميس الماضي فوق محافظة هرمزغان جنوبي غرب البلاد، فيما عرض حرس الثورة الاسلامية اجزاء من حطام الطائرة الاميركية لتبطل الرواية الاميركية التي تزعم انها اُستهدفت فوق المياه الدولية في مضيق هرمز.
واعلن قائد القوة الجو فضائية بالحرس الثوري العميد امير علي حاجي زادة، انه كان بامكان الدفاعات الجوية الايرانية إسقاط طائرة من طراز P-8 تقل 35 عسكريا اميركيا كانت بالقرب من طائرة التجسس المسيرة، لكنها امتنعت عن ذلك.
وأضاف: لم نسقط تلك الطائرة لأن هدفنا من إسقاط طائرة التجسس كان توجيه إنذار للإرهابيين الأميركيين.
وأوضح العميد حاجي زاده أنه إذا كررت الولايات المتحدة اختراق الأجواء الإيرانية فسترد طهران بالطريقة ذاتها التي تعاملت بها مع الاختراق السابق.
وأضاف حاجي زاده أن واشنطن خرقت القانون الدولي، وأن بلاده ردت عليها بما تقتضيه القوانين المعمول بها.
وفي إطار رد طهران على التهديدات الأميركية، وجه اللواء غلام علي رشيد قائد مركز خاتم الأنبياء التابع للحرس الثوري تحذيرا للإدارة الأميركية من تداعيات أي اعتداء على إيران.
وأكد أن الولايات المتحدة ستعرض حياة قواتها للخطر إذا اتخذت قرارات خاطئة في المنطقة.
وحذر اللواء رشيد من أن أحدا لن يستطيع احتواء أي حرب في المنطقة، مؤكدا أن إيران لا تسعى للحرب لكنها ستدافع بكل قوة عن مصالح الشعب الإيراني وستواجه أي اعتداء على أراضيها.
من جهته قال المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية العميد أبو الفضل شكارجي إن "إطلاق رصاصة واحدة باتجاه إيران سيشعل مصالح أميركا وحلفائها" في المنطقة.
وأضاف العميد شكارجي: "إذا قام العدو وخصوصا الولايات المتحدة وحلفاؤها في المنطقة بخطأ إطلاق النار على البارود الذي تقف عليه الولايات المتحدة، فإن مصالحها ستشتعل".
وأكد أن إيران لن تبدأ أي حرب، وأن أي خطأ يرتكبه العدو سيواجه برد قوي. وتابع أن واشنطن لا تحترم تعهداتها، وأن المفاوضات مع هذا العدو تهديد حقيقي لإيران.
الى ذلك، وصف الرئيس الايراني حسن روحاني، التدخل والتواجد الامريكي بانها مصدر المشاكل الراهنة في المنطقة، مؤكدا ان واشنطن افتعلت خلال الفترة مشاكل جديدة.
واشار الرئيس روحاني خلال استقباله، الاحد، رئيسة الاتحاد البرلماني الدولي غابريلا كويفاس بارون، الى ان الاجراءات التدخلية الاميركية على مدى 17 عاما مضت في كل من افغانستان والعراق وسوريا واليوم في اليمن، اسفرت عن مشاكل ومعضلات كثيرة.
واردف قائلا: لقد كانت منصاتنا النفطية وباخرات النقل وطائرات نقل الركاب خلال السنوات الماضية عرضة لاستهداف الاسطول الاميركي، وفي الفترة الاخيرة ايضا عمد هؤلاء الى اختراق المجال الجوي الايراني باستخدام طائرة من دون طيار تجاهلت الانذارات المتكررة، وعليه فقد تم اسقاطها بواسطة القوات الدفاعية الايرانية.
وفي السياق أكد وزير الخارجية محمد جواد ظريف في تغريدة له على "تويتر"، على محاولات فريق "باء" (بنيامين، نتنياهو، بولتون، بن زايد وبن سلمان) لتصعيد التوتر بين أميركا وإيران؛ قائلا إن ترامب كان على شفا التورط بالحرب بفعل فريق "باء".
واضاف أن المزيد من الادلة (منها اعتداء طائرة التجسس المسيرة MQ9، شراء الزوارق السريعة والاتصالات الهاتفية التي كان هدفها التخطيط لاتهام ايران بالهجوم على ناقلات النفط)، تثبت بان فريق "باء" كان على أعتاب جر ترامب الى ورطة الحرب.
ويقول عبد الباري عطوان، رئيس تحرير صحيفة رأي اليوم الإلكترونية اللندنية، إن أمريكا "خسرت الجولة الأولى في الحرب ضد إيران ومحورها، وخرجت محطمة نفسياً ومعنوياً، وباتت قوة عظمى لا يمكن الاعتماد عليها في أعين حلفائها الإسرائيليين والعرب الخليجيين".
ويؤكد عطوان أن "الرئيس ترامب رفع راية الاستسلام البيضاء في أول مواجهة حقيقية تمثلت في إسقاط طائرة التجسس العملاقة 'غلوبال هوك' التي تعتبر درة تاج الصناعة التجسسية الأمريكية بصاروخ إيراني الصنع، وليس روسياً أو صينياً أو أمريكياً، وجَبُن عن الإقدام على أي ضربة انتقامية خوفاً ورعباً".
ويرى الكاتب أن ظهور ترامب "بمظهر الرئيس الكاذب الجبان المتردد، في عيون أصدقائه قبل خصومه، هو أكبر خسارة لأمريكا كقوة عظمى، وقبل أن تبدأ الحرب الحقيقية الكبرى أو الصغرى".
ويعتبر المحللون ان الرئيس الأميركي دونالد ترامب يدلي بتصريحات متناقضة بين الحين والآخر بسبب الضغوط التي يمارسها أركان إدارته وعلى رأسهم جون بولتون مستشار الأمن القومي الأميركي، فهو مرة يدعي بأنه يريد التفاوض مع إيران ومرة أخرى يصعد من نبرته ضد ايران ويقوم بفرض حظر جديد عليها في اجراء يتعارض تماما مع تصريحه السابق برغبته في التفاوض، مع الإشارة إلى أن إيران أعلنت عن رفضها التفاوض مع الولايات المتحدة.
ويرى العديد من المراقبين ان اسقاط طائرة التجسس الاميركية المتطورة يحمل رسالتين مهمتين وهما أن اميركا ليست بمستوى القوة التي تظهرها وأن الجمهورية الاسلامية الايرانية هي أكثر قوة من المتصوّر.