منطقة آمنة.. طمعاً في مكاسب وهمية لن تتحقق

منطقة آمنة.. طمعاً في مكاسب وهمية لن تتحقق
الخميس ٢٩ أغسطس ٢٠١٩ - ٠٧:٥٢ بتوقيت غرينتش

في موقف قد يترجم الحراك الميداني لخصوم دمشق، أعلن التحالف الذي تقوده وحدات حماية الشعب الكردية أنه بدأ سحب قواته وأسلحته الثقيلة من الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا بموجب الاتفاق بين واشنطن وانقرة. هذا وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن أنقرة لن تسمح بتأجيل الاتفاق الموقع مع واشنطن لإقامة ما يسمى "منطقة آمنة" في شمال شرق سوريا، واصفاً الأمر بالتحرك الصائب.

العالم - تقارير

قالت تركيا والولايات المتحدة الشهر الجاري إنهما اتفقتا على المرحلة الأولى لاتفاق أمني على امتداد الحدود التركية السورية دون اعطاء تفاصيل تذكر بشأن الاتفاق على ما تصفه تركيا "بالمنطقة الآمنة" داخل سوريا.

وجاء ذلك عقب شهور من الجمود بشأن مدى عمق هذه المنطقة في شمال شرق سوريا، مع رغبة تركيا في التوغل لمسافة 32 كيلومترا داخل سوريا، والذي لا يزال نقطة خلاف رئيسية بين الجانبين ومن يجب أن يقود القوات التي تسير دوريات مشتركة فيها.

وفي آخر تصريح له بشأن الاتفاق، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن أنقرة لن تسمح بتأجيل الاتفاق الموقع مع واشنطن لإقامة "منطقة آمنة" في شمال شرق سوريا، واصفاً الأمر بالتحرك الصائب.

وأشار إلى أن القوات التركية على أهبة الاستعداد على الحدود مع سوريا، مؤكداً أن "كل القوات على الحدود جاهزة لفعل كل شيء في أي لحظة".

من جهته قال المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية مصطفى بالي إن عرض الشريط الحدودي على الجانب السوري سيتفاوت بين 5 كيلومترات و14 كيلومترا ويشمل مناطق ريفية أو مواقع عسكرية وليس مدنا أو بلدات.

وأضاف أن وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية ستفكك حواجز وصفها بأنها ذات طبيعة دفاعية هناك، وستسلم السيطرة للمجالس العسكرية المحلية، مشيرا إلى أن الاتفاق يقضي بتشكيل "آلية أمنية" وليس "منطقة آمنة" للتقليل من مخاوف تركيا على أمنها القومي. وقال بالي إن القوات التركية وقوات التحالف الامريكي ستحرس القطاع الحدودي لكنها ستتمركز داخل تركيا.

وبحسب مصادر ميدانية، فقد بدأت الوحدات الكردية الانسحاب من موقعي تل أبيض ورأس العين الحدوديين في الأيام القليلة الماضية، الامر الذي يبرهن بحسب هذه الوحدات على مدى جديتها بشأن المحادثات الجارية.

أما المسؤول الكردي البارز بدران جياكرد، فقد أكد هو الآخر أن تحرك وحدات حماية الشعب الكردية من مناطق سيطرتها يؤكد التزامها بالاتفاقات المبرمة وأضاف في الوقت ذاته أنه لم يتم التوصل لإتفاق نهائي الى الآن والمحادثات مازالت جارية والتهديد مستمر.

الموقف الكردي هذا، يؤكد تناقضاً كبيراً في سياسات أنقرة وواشنطن وخلافاتهما بشأن ما يسمى المنطقة الآمنة والذي كان في جدول مباحثات الطرفين للوصول الى حل بهذا الشأن.

وقبل الاعلان عن الاتفاق، كانت واشنطن قدمت تصوراً لما يسمى المنطقة الآمنة يضمن بأن يكون تواجدها الميداني في مسافة تبلغ 140 كيلومتراً وبعمق 3 الى 7 كيلومترات وهو ما رفضته أنقرة بشدة. أما الأخيرة ومن أجل الحفاظ على موقعها ووزنها السياسي في المنطقة لا تزال تصر على ان يكون توغلها في داخل الاراضي السورية بعمق 32 كيلومتراً في مسافة تبلغ 460 كيلومتراً ، الأمر الذي دفعت السلطات التركية الى التهديد بضرب وحدات حماية الشعب الكردية للمرة الثالثة.

أما الوحدات الكردية التي تعمل على الإعداد للمرحلة القادمة عبر السعي لإرضاء حليفها واشنطن وتنفيذ أوامرها هي الأخرى تقول ان الاتفاق الاخير يقضي بأن تكون المنطقة الآمنة بعمق 5 الى 14 كيلومتراً.

اتفاق اعتبرته وزارة الخارجية السورية بأنه يشكل اعتداء فاضحاً على سيادة ووحدة الاراضي السورية ويعتبر انتهاكاً سافراً لمبادئ القانون الدولي وميثاق الامم المتحدة.

وفي هذا السياق، لفت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، في موسكو، فبل يومين، أنه اتفق مع أردوغان على ضرورة اتخاذ الترتيبات اللازمة لإزالة بؤر الإهابيين في سوريا، فضلاً عن الاتفاق على الالتزام بوحدة سوريا وسلامة أراضيها.

ويرى المتابعون للشأن السوري أن الخلاف التركي الأميركي بشأن ما يسمى "المنطقة الآمنة" في شمال شرق سوريا، يكرس محاولةً لاستنساخ الأجواء التي أفضت إلى عدم استقرار هذا البلد، بهدف السيطرة على حقول النفط والغاز الواقعة في تلك المنطقة ونهب ثرواتها، بيد ان الجيش السوري وعبر انتصاراته المتواصلة والقضاء على الإرهابيين استحضر الأمن في معظم الأراضي السورية كخطوة ميدانية وهو الآن يواصل تقدمه لتحرير محافظة ادلب وشرق الفرات لبسط سيطرة الدولة على كامل الاراضي السورية. واما دبلوماسيا فان المباحثات التي تقام بين الفينة والأخرى برعاية الامم المتحدة فتؤكد فيها دمشق والدول الحليفة لها على ضرورة حسم الازمة في سوريا باحترام سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها.

* ماجد اصل شرهاني