المبادرة الفرنسية.. وبدء العد العكسي للتخفيض الإيراني

المبادرة الفرنسية.. وبدء العد العكسي للتخفيض الإيراني
الأربعاء ٠٤ سبتمبر ٢٠١٩ - ٠٨:٢٢ بتوقيت غرينتش

ليس هناك ما يحول دون تنفيذ ايران المرحلة الثالثة لتخفيض التزاماتها بالاتفاق النووي، في حال بقيت اوروبا تراوح مكانها في دائرة الشعارات والبيانات المؤيدة للاتفاق النووي، والمنددة بالانسحاب الاميركي منه، دون ان تنتقل الى دائرة الفعل واتخاذ الاجراءات العملية، التي تعيد الاعتبار لدولها، كقوى كبرى، كما تدعي، على الساحة الدولية.

العالم - قضية اليوم

للاسف اوروبا لم تستغل الفرصة التي منحتها ايران لها ، والتي استمرت اكثر من عام، بعد انسحاب الرئيس الاميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي وفرضه حظر احادي الجانب على الشعب الايراني، حيث بقيت ايران ملتزمة بالاتفاق النووي بشهادة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، على أمل ان تتخذ اوروبا ، لاسيما فرنسا وبريطانيا والمانيا التي وقعت على الاتفاق، اجراءات عملية ، تقلل من الخسائر التي لحقت بايران جراء القرار الاميركي.

اوروبا التي اتخذت موقف المتفرج امام "عربدة" ترامب، التي اتت على ما تبقى لدولها من هيبة على المستوى الدولي، افاقت متأخرة على تداعيات موقفها السلبي من الاتفاق النووي، ليس استشعارا بمسؤوليتها ازاء الاتفاق، او ردا على اهانات ترامب المتكررة لها، بل بسبب اعلان ايران ، ليس خروجها من الاتفاق النووي، بل بتخفيض التزاماتها به، مادامت اوروبا غير ملتزمة.

الجدية التي تعاملت بها ايران خلال المرحلتين الاولى والثانية ، والتي خفضت خلالها بعض التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق، دفعت اوروبا الى تفويض فرنسا للتفاوض مع ايران ، لايجاد ما من شأنه ان يحول دون ان تنفذ ايران المرحلة الثالثة من تخفيض التزاماتها ، والتي لا يفصلنا عن موعدها سوى يوم واحد.

زيارة المسؤولين الفرنسيين الى طهران وزيارة وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الى فرنسا خلال قمة الدول السبع، وزيارة مساعد وزير الخارجية عباس عراقجي الى فرنسا على راس وفد اقتصادي ومالي ، واجتماعه مع الفرنسيين على مدى عشر ساعات، تأتي لمناقشة ما قيل انها مبادرة فرنسية ترمي الى انقاذ الاتفاق النووي، عبر منح ايران خط ائتماني بمبلغ 15 مليار دولار في مقابل عدم تنفيذ ايران لخطوتها الثالثة بتخفيض التزاماتها النووية.

عراقجي الذي قاد المفاوضات الماراثونية مع الجانب الفرنسي اعلن في سلوفينيا التي وصلها الثلاثاء قادما من باريس، أن المفاوضات التي تخوضها طهران مع باريس تتمحور حول تلبية المطالب الايرانية بخصوص مبيعات النفط وآلية تحصيل العوائد، فالتطبيق الكامل للاتفاق النووي من جانب ايران يقترن بامكانية بيع النفط والوصول الى مستحقاته بالكامل دون قيود.

موقف عراقجي هذا سمعه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون من الرئيس الايراني حسن روحاني خلال الاتصال الهاتفي الاخير معه، فلا طريق امام اوروبا الا ان تشتري النفط من ايران او منحها خط ائتمان بواقع ما يعادل مبيعاتها النفطية، وتكون ايرادات النفط هي الضمان، اي بعبارة اخرى تُمنح ايران آلية البيع المسبق.

خط الائتمان المقترح يبلغ نحو 15 مليار دولار، تُمنح لايران في مدة زمنية لا تتجاوز 4 شهور ، اي حتى نهاية سنة 2019، وفي حال التوصل الى اتفاق مع باريس، فان ايران ستحصل خلال 4 شهور، على ما يعادل 100 بالمئة من مستحقاتها النفطية.

كواليس فرنسية ذكرت ان الاقتراح الفرنسي بحاجة الى موافقة من الرئيس الاميركي دونالد ترامب، ولهذا السبب قد يرسل ماكرون وزير ماليته الى واشنطن لاقناع ترامب بالموافقة على الاقتراح الفرنسي، وهو مسعى يأتي في اطار العلاقة الاوروبية الاميركية، وهو شأن لا يخص ايران التي اعلنت وبشكل قاطع أن العدول عن خفض الالتزامات النووية يرتبط باستلام 15 مليار دولار في جدول زمني مدته 4 شهور، في اطار بيع نفطها فقط ، وليس في اطار اي شيء آخر.

ماجد حاتمي / العالم