الحريري وسياسة اللعب على الحبال!

الأربعاء ٣٠ أكتوبر ٢٠١٩ - ١١:٤٩ بتوقيت غرينتش

بينما كان الحديث قائما حول حصول تعديل وزاري كبير أو الحصول على إجماع سياسي يخرج لبنان من المأزق الذي تعيشه، جاءت استقالة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري لتقطع فصل كل خطيب وتفتح الباب على مجهول لا يعرفه أحد.

العالم_لبنان

إستقالة الحريري زادت في أزمة سياسية ومالية للبلاد غير مسبوقة، رأى فيها مراقبون أنها جاءت نتيجة ضغوط خارجية، وأنها ستخلف عواقب مالية ستترجم مزيدا من التدهور ومن فقدان الثقة، ولا سيما بعد كلام حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لشبكة "سي أن أن" عن أن لبنان في صدد الانهيار خلال أيام، ثم أعاد توضيحه أن لبنان يحتاج إلى حل خلال أيام لتفادي الانهيار في المستقبل، وهما أمران نتيجتهما واحدة.

مراقبون رأوا أن الحريري لم يكُن يعمل على خط واحد، بل اعتمد سياسة اللعب على الحبال. ففي وقت واصل فيه عقد لجان وزارية، رافضاً كل تمنيات القوى السياسية عقد جلسة للحكومة، أقله لإظهار جدية في تنفيذ بنود الورقة المالية الإصلاحية بهدف تنفيس الإحتقان في الشارع، كانَ يعقد اجتماعات سرّية يومية مع مجموعات في الحراك للبحث في خيار حكومة التكنوقراط والطلب إليها وضع أسماء مقبولة في الشارع. ويتهم خصوم الحريري رئيس الحكومة بأنه كان يسعى إلى مد جسور مع الناشطين على الأرض، بقصد الظهور أنه إلى جانبهم وأنه يؤيّد مطالبهم تمهيداً لاستقالة تجعله خارج شعار "كلن يعني كلن". لكن الاخطر، اعتبار قوى التسوية أن الحريري عمل على تلبية رغبة خارجية لتغيير موازين القوى في السلطة.

مصادر قريبة من الحريري رفضت ما يشاع ويقال من اتهامات مؤكدة أنّ الحريري جهد في الآونة الأخيرة في محاولة تدوير الزوايا، وبَلورة مخارج للأزمة الحالية، إلا أنها اصطدمت بالاعتراض عليها، فكان لا بد له من أن يُبادر إلى هذه الصدمة، التي ينبغي لسائر المكونات السياسية أن تقاربها على أنها صدمة إيجابية، يُصار من خلالها إلى بلورة حلول سريعة، وتشكيل حكومة جديدة بحجم الأزمة، وهذه مسؤولية الجميع من دون استثناء.

وفي تقدير مصادر سياسية، أن النتيجة الأولى والسريعة لقرار الحريري بالاستقالة، كانت في سقوط التسوية السياسية التي جاءت بالرئيس ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، بخروج الحريري من رئاسة الحكومة، لكن هذه النتيجة تبقى ملتبسة أو مرتهنة لاحتمالات عودته إلى رئاسة الحكومة، علماً أن أجواء بعبدا (القصر الجمهوري) لا توحي أنها متمسكة بعودة الحريري أو حريصة على استمرار علاقتها به، بل بالعكس، كشفت عن استيائها لأن خروج الحريري من هذه التسوية جاء في أصعب الأوقات اقتصاديا وماليا واجتماعيا.

على كل حال، الاستقالة حصلت وباتت حقيقة، واليوم تتولى تصريف الأعمال فقط، ويبقى السؤال: كيف سيكون تعاطي العهد مع هذه المعطيات الملحّة كونه هو المستهدف؟