مسؤول سابق بالبنتاغون: لم يعد بإمكاننا الدفاع عن تركيا أمام الكونغرس

مسؤول سابق بالبنتاغون: لم يعد بإمكاننا الدفاع عن تركيا أمام الكونغرس
الجمعة ٠١ نوفمبر ٢٠١٩ - ٠١:١٠ بتوقيت غرينتش

تحدث مسؤول رفيع سابق بوزارة الدفاع الأميركية عن اتجاه علاقة بلاده بتركيا عقب تبني مجلس النواب الثلاثاء تشريعين ضد تركيا بأغلبية تقترب من الإجماع، الأول يتعلق بالاعتراف بما يعرف بإبادة الأرمن، والثاني يفرض عقوبات على أنقرة بسبب اعتدائها في شمال سوريا.

العالم- امريكا

ومرر مجلس النواب الاميركي في خطوة تاريخية قرارا بالاعتراف رسميا بـ"الإبادة الجماعية للأرمن" بأغلبية كبيرة بلغت 405 أعضاء مقابل اعتراض 11 آخرين، ويؤكد القرار اعتراف الولايات المتحدة بإبادة الأرمن على يد الجيش العثماني، وهي المرة الأولى التي يصل فيها مثل هذا القرار للتصويت في الكونغرس بعد محاولات سابقة منيت بالفشل.

وبأغلبية 403 أصوات مقابل اعتراض 16 نائبا، مرر المجلس نفسه قرارا آخر يفرض عقوبات على تركيا بسبب اعتدائها المسمی "نبع السلام" علی الشمال السوري، وتشمل العقوبات وزيري الدفاع والمالية التركيين، والمؤسسات المالية التي تتعامل مع الجيش التركي، وشملت العقوبات ايضا حظر بيع الأسلحة الأميركية لتركيا.

ونقل موقع "الجزيرة" عن المسؤول الأميركي السابق، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، أن "سلوكيات الرئيس التركي رجب أردوغان في السنوات الأخيرة دفعت الكثيرين في واشنطن للتساؤل عما إذا كانت تركيا دولة حليفة لأميركا؟".

وذكر المسؤول أن "ما قام به الجيش التركي مؤخرا من هجوم واسع في الشمال السوري على المسلحين الاكراد وآخرين، وهم حلفاء واشنطن هناك، تسبب في زيادة النظرة السلبية لتركيا لدى كل الدوائر الأميركية، العسكرية منها أو التشريعية، أو الدبلوماسية أو الإعلامية".

وأشار المسؤول العسكري السابق إلى أنه "حتى عندما غزت تركيا جزيرة قبرص في العام 1974 كان بإمكان وزارة الدفاع (بنتاغون) الدفاع عن أهمية وإستراتيجية العلاقات مع تركيا، لكن اليوم من الصعب جدا القيام بذلك".

هزات سابقة
وكانت العلاقات بين أنقرة وواشنطن تعرضت لهزات كبيرة قبل الاعتداء العسكري التركي علی شمال شرقي سوريا، بذريعة إقامة منطقة آمنة، فقبل ذلك بسنوات اتهمت تركيا الولايات المتحدة بالتساهل، وتشجيع الانقلاب العسكري الفاشل على الرئيس أردوغان الذي حدث في يوليو/ تموز 2016.

وكان لقضية اعتقال القس الأميركي أندرو برانسون بتركيا، الذي أفرج عنه لاحقا بعد فرض عقوبات أميركية واسعة على أنقرة، تبعات سياسية مهمة على الداخل الأميركي، خاصة في صفوف أنصار الرئيس دونالد ترامب من الإنجيليين، وهم طائفة من المسيحيين في أميركا.

وأشار المسؤول السابق في البنتاغون إلى أن جهود الكونغرس لتمرير قوانين تدين تركيا وتصف ما حدث للأرمن قبل مئة عام بأنه مذبحة وتطهير عرقي ليست بالجديدة، فقد بدأت هذه المساعي في العام 1984، إلا أن الإدارات الأميركية المتعاقبة والأجهزة الاستخباراتية والبنتاغون ضغطوا دائما على المشرعين، ونجحوا في إيقاف كل المحاولات السابقة، "لكن اليوم من الصعب القيام بذلك بالنظر لسجل الرئيس التركي".

ونبه المسؤول السابق إلى أن واشنطن، والكونغرس تحديدا، تتذكر جيدا حادثة قيام مرافقي وحراس الرئيس التركي بضرب محتجين أتراك وأكراد وأميركيين أمام منزل السفير التركي بقلب منطقة السفارات بواشنطن، وذلك أمام أعين وسائل الإعلام.

وأشار مسؤول البنتاغون إلى أن موقف مجلس النواب الأميركي بشأن فرض عقوبات على تركيا "متوقع وغير مؤثر حتى الآن، لكن اقتراب عدد المصوتين لفائدة تشريع إبادة الأرمن من الإجماع هو ما يجب أن يقلق ويزعج المسؤولين في أنقرة".

وليس من المؤكد أن يمر التشريعان بسهولة في مجلس الشيوخ، فقد يتدخل البيت الأبيض لإقناع زعيم الجمهوريين بالمجلس ميتش ماكونيل بعدم اتخاذ أي إجراء تجاه القرارين، وتجميدهما حفاظا على العلاقات بين الدولتين، ولتفادي اضطرار الرئيس ترامب لاستخدام حق النقض (الفيتو) طبقا لكلام المسؤول الأميركي السابق.

ولا يحمل التشريعان اللذان صادق عليهما مجلس النواب طابع الإلزام لإدارة ترامب إلا إذا وافق عليهما مجلس الشيوخ، ولكن تمريرهما بهذه الأغلبية في مجلس النواب يحمل رسالة سياسية شديدة السلبية تجاه تركيا.

تغيير البوصلة
وعن المخاوف الأميركية من تغيير أنقرة بوصلة تحالفاتها والتوجه نحو روسيا وإيران، قلل المسؤول الأميركي السابق من أهمية ما يقال عن ذلك البديل، ويقول إن ما تقدمه واشنطن لتركيا لا تستطيع روسيا أو إيران تعويضها عنه، ويضيف "لا تنس أن هناك شراكة حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وتعاون عسكري واسع منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية".

وحسب المتحدث نفسه فإن ما تستطيع تركيا فعله في حالات نادرة هو شراء بعض الأسلحة الروسية، كما حدث مع منظومة الدفاع الجوي أس 400 قبل أشهر قليلة، لكن ما عدا ذلك لا يمكن لروسيا أو إيران أن تقدما لتركيا ما تقدمه لها الولايات المتحدة.

من ناحية أخرى، أرجع الأستاذ بجامعة ميسون "جورج أفتاندليان" في تصريح للجزيرة نت دوافع مجلس النواب تجاه تركيا إلى غضب المشرعين من سياسات الرئيس أردوغان القمعية، والاعتداء علی شمال شرق سوريا الذي نتج عنه مقتل العديد من حلفاء واشنطن الأكراد، إضافة لنزوح عشرات الآلاف من المدنيين من بيوتهم.

ووصف أستاذ العلوم السياسية أوزم ياسيلتاس من جامعة "تكساس إيه أند إم" قرار مجلس النواب المتعلق بالأرمن بـ"ضربة إضافية للعلاقات التركية الأميركية"، مشيرا إلى أنه كان متفائلا بأن عضوية الناتو التي تجمع تركيا وأميركا كفيلة بالتغلب على الخلافات والأزمات بين الطرفين، إلا أنه أصبح متشائما اليوم.

وقال إن هناك رأيا عاما معاديا للرئيس أردوغان داخل الولايات المتحدة، يقابله رأي عام معاد للولايات المتحدة وترامب في صفوف الشعب التركي.

مجلس الشيوخ
وقلل ياسيلتاس من احتمال إقرار مجلس الشيوخ على التشريعين، وقال "لا أتصور أن يقدم المجلس على خطوة مماثلة في هذا الوقت، إلا أن طرح فكرة تجميد عضوية تركيا في الناتو بسبب شرائها أسلحة من روسيا داخل المجلس يجعل كل الاحتمالات واردة".

ويرى أستاذ العلوم السياسية أن الوضع الحالي للعلاقات الأميركية التركية يعبر بالأساس عن "أزمة في القيادة في كلا الطرفين، ولا يتعلق بالأساس الذي تقوم عليه علاقات الدولتين".