هل بات الحريري اقوى الضعفاء في لبنان!

هل بات الحريري اقوى الضعفاء في لبنان!
الإثنين ٠٤ نوفمبر ٢٠١٩ - ٠٨:٢٠ بتوقيت غرينتش

بين التكليف والشكيل سعد الحريري يترنح سياسيا بين اقوى الضعفاء واضعف الاقوياء في لبنان.

العالم - لبنان

شكلت احداث لبنان وتطورات الشارع المحتج مشهدا تكشفت فيه ملامح ما يراد ان يكون عليه لبنان مستقبلا او اقله ما يسعى اليه البعض من رسم معالم طريق لخارطة تمزج بين رهانات الداخل على الخارج واستغلال الخارج للاحتجاجات الشعبية اخذتها الشعارات الى مكان غير منسجم مع ما طرحه الناس في بداية اعتصاماتهم المستمرة.

وترى مصادر مطلعة ان ما حدث البارحة قرب قصر بعبدا، بعد الذي جرى أمس ايضاً وفي الايام المنصرمة في الساحات والمناطق ولا يزال مستمراً، اوحى بنشوء اكثر من شارع قبالة اكثر من شارع. في عدّ المحتشدين واحصائهم هنا وهناك خلاف مؤكد. الا ان القراءة السياسية تبدو متاحة اكثر واسهل، ليس في ما توخته الساحات الممتلئة فحسب، بل في ما هو متوقع من المأزق الذي وقعت فيه الاحتجاجات والسلطة معا وتقول مصادر متابعة انهبات في حكم شبه المؤكد ان لا حكومة تكنوقراط خالصة، او لا تمت بصلة الى الكتل الرئيسية في مجلس النواب ولا ينبثق منها وزراؤها، مع ترجيح حكومة من 14 وزيراً. المعطيات التي يلتقي عليها رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان نبيه برّي وحزب الله حكومة ليس فيها نواب، مختلطة من سياسيين وتكنوقراط: الاولون من حزبيي الصف الثاني غير الموصوفين بالتصاقهم بمرجعياتهم، والتكنوقراط على صورة وزير حزب الله جميل جبق او وزيرة التيار الوطني الحر ندى البستاني. هم بذلك تكنوقراط الاحزاب والكتل، وليسوا هابطين في مظلات من خارج هذه الشبكة. مرجعياتهم الحزبية هي التي تختارهم. بذلك لا تختلف الحكومة المقبلة عن التي سبقتها منذ عام 2008 سوى في مواصفات وزرائها، دونما مسّ الجوهر الفعلي الذي هو توازن القوى السياسي القائم داخل السلطة الاجرائية.
سيتعيّن على هذه الكتل ان تسمي هؤلاء بعد الاتفاق على توزّع الحقائب، وتُعهد الى الوزراء التكنوقراط من ابناء تلك الكتل، فيتولونها باعتبار الحقائب الاساسية تلك هي مثار غضب الشارع على اداء الوزراء الذين تعاقبوا على ادارتها ونهبهم المرافق والمال العام ناهيك باهداره. من شأن هؤلاء التكنوقراط، المفترض ان صفتهم الغالبة اختصاصيون، تطمين الشارع الى وضع حقائب الانتاج والخدمة في ايد موثوق بها.
3 - حكومة مختلطة كهذه من شأنها رد الاعتبار ليس الى مجلس النواب ودوره فحسب، بل الى شرعيته القانونية النافذة ما دام الاحتجاجات تطعن في شرعيته الشعبية. سرعان ما التحق افرقاء سياسيون بذريعة الاحتجاجات في معرض دعوته الى حكومة تكنوقراط تقف وجهاً لوجه مع البرلمان الحالي. في وقائع الايام الاخيرة تأكد ان ثبات مجلس النواب لا يقل عن ثبات رئيس الجمهورية، ما يجعل شرعية احدهما رافداً لشرعية الآخر. لا يقتصر الاصرار على شرعية المجلس على عون وبرّي ونصرالله، بل يلاقيهم فيها الحريري وإن متمسكاً بحكومة تكنوقراط خالصة تستمد ثقتها من البرلمان الحالي وهذا ما يعتبره كثيرون انقلابا ابيضا من الحريري على ثوابت التسويات وخاصة اتفاق الطائف الذي ارسى مفاعيل التحاصص السياسي في الدولة اللبنانية.

حسين عزالدين