قصة طفل ابو ظبي ودور ايران في قصف 'ارامكو'

قصة طفل ابو ظبي ودور ايران في قصف 'ارامكو'
الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠١٩ - ١٠:١٣ بتوقيت غرينتش

نشرت وكالة "رويترز" تقريرا وصفته بالخاص، أوردت فيه حسب زعمها تفاصيل تتعلق بالتخطيط للهجوم على منشأة "ارامكو" وتنفيذه قبل أربعة أشهر من العملية، أي في مايو/أيار الماضي.

العالم كشكول

بداية احب ان اعرض عليكم خبرا ارسله لي احد الاحبة ومن ثم نتطرق الى التقرير الذي نشرته وكالة "رويترز".

الخبر العاجل الذي وصل من الرياض هو كالآتي:

القت شرطة ابو ظبي القبض على رجل كان ينظف سيارته الجديدة حيث فوجىء بان ابنه البالغ من العمر سنتين اخذ مسمارا وبدأ يخدش به جانب السيارة. فغضب الاب وبدأ يضرب على يد ابنه دون ان يشعر بأنه كان يضربها بمقبض المطرقة!!. انتبه الاب متاخرا لما حدث واخذ ابنه للمستشفى حيث فقد الابن اصبعا بسبب الكسور التي تعرض لها! وعندما رأى الابن اباه قال له: أبي، متى سينبت اصبعي؟. وقع السؤال كالصاعقة على الاب فخرج وتوجه الى السيارة وقام بتحطيمها. ثم جلس امامها وكله ندم على ما حدث لابنه، فوقع نظره على مكان الخدش على السيارة وقرأ: احبك يا ابي.. في اليوم التالي لم يحتمل الاب تأنيب الضمير فانتحر؟!! نهاية الحكاية..

لنعد للحكاية نركز قليلا:

  1. هل هناك احد ينظف سيارة بالمطرقة؟! وما علاقة المطرقة بالموضوع اصلا؟!
  2. عمر الولد سنتان ويكتب احبك ابي! ويستطيع الكلام فيقول متى سينبت اصبعي يا ابي؟!!
  3. ما علاقة شرطة ابوظبي بالرياض؟ّ!
  4. كيف قبضت الشرطة على الاب وهو منتحر؟!

هكذا تصاغ اغلب الاحداث السياسية والدينية والمذهبية والعقائدية فننساق وراء العاطفة ونترك العقل فلا نفكر بعمق، وهكذا تسرق منا عقولنا وتفكيرنا دون ان نشعر... الحكمة من القصة هي "لا تصدق كل ما يقال ولا تنقل كل ما تسمع".

عود على بدء نشير الى مقتطفات من التقرير الذي نشرته وكالة "رويترز" في خصوص الهجوم على منشأة "ارامكو".

التقرير يبدأ بالاستناد الى مصادر توصف بـ"المطلعة"، شأنه شأن جميع الاخبار التي لا اساس لها او يراد من تسريبها تحقيق غاية ما. ولكي يكتمل الفيلم الهوليوودي فيجب أن يكون التخطيط لهذه العملية قد جرى منذ وقت طويل حتى يتم التغطية على فشل المنظومات الدفاعية الامريكية التي انفقت عليها السعودية مئات مليارات الدولارات والتي لم ترصد أي تحرك رغم تعرض المنشأة للقصف على مدى 18 دقيقة بالصواريخ والطائرات المسيرة بحسب اعتراف الجهات الرسمية.

اذا التخطيط يجب أن يكون قد بدأ منذ اشهر، وتحضره قيادات فئة خاصة من القوات المسلحة الايرانية فقط وهي الحرس الثوري (بما انه مدرج على قائمة الارهاب الامريكية المزعومة).

قد تعتقدون بان الامر توقف عند هذا الحد فقط، لكن تخمينكم ليس صائبا لان الطبخة لم تكتمل بعد، فيجب ان يكون الاجتماع في منشأة "شديدة التحصين" لا يمكن اختراقها كما هو الحال في الافلام الامريكية حيث العدو يختبئ تحت الارض وفي الظلام ليحيك المؤامرات، ولكن رغم ذلك تكون "مخترقة" من قبل عدة عناصر تنقل الاخبار للجهات الخيرة وهي هنا "رويترز".

وبما ان الجانب العاطفي يجب ان يصل ذروته في هذه القصة، فيجب ان تأتي الموافقة النهائية بعد الاجتماعات المتعددة التي تعقد، من قبل المرشد الاعلى، الذي يوافق بشرط الا يكون هناك اي ضحايا من المدنيين او الامريكيين؟!. الاتفاق على استهداف "ارامكو" يحظى بالاجماع بحسب التقرير لان اي مخالفة قد تنال من مصداقيته. الى هنا اختمر العجين ولم يبق سوى وضعه في الفرن.

طيب، وما الدافع والهدف من هذا الهجوم؟، الدليل واضح، ايران تريد معاقبة أميركا على انسحابها من الاتفاق النووي وفرضها حظرا اقتصاديا عليها وتجنب مواجهتها مباشرة. اذا نيران الفرن ايضا مستعرة والطبخة اكتملت وهنيئا على آكليها.

لكن الغريب ايضا هو ان "رويترز" وبعد تقديم بيانات عن حجم الدمار الذي لحق بالمنشأة النفطية السعودية وسردها للاتهامات البالية التي تكيلها بعض الجهات المعروفة بعدائها وحقدها لايران فيما يخص اي مسالة تقع في اقصى الارض وتضر بمصالحهم، تعود لتقول بانها لم تستطع التأكد من هذه الرواية للأحداث من القيادة الإيرانية؟!! ولا من اي جهة اخرى.

واذا اضفنا ما قالته "رويترز"، الى ما نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" في وقت سابق، حيث نقلت ان المسؤولين الأميركيين أطلعوا السعودية على تقارير استخباراتية توصلت إلى أن إيران أطلقت أكثر من عشرين طائرة مسيرة وعدة صواريخ على منشآت النفط السعودية لكن المسؤولين السعوديين اعتبروا المعلومات غير حاسمة، وفيما رفض المسؤولون السعوديون التعليق على التقرير امتنعت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية "السي اي ايه" ووزارة الدفاع "البنتاغون" عن التعليق، اذا اضفنا هذه المعلومات لإقرار "رويترز" على نفسها لرأينا بان التقرير هو اوهن من بيت العنكبوت.

طبعا فيما يخص ان ايران تخشى من المواجهة مع امريكا وما الى ذلك من الاقاويل التي يروج لها المنبطحون ينبغي القول انه لا ينكر اي احد قدرات ايران الردعية، وهي في هذا المجال لا تجامل اي احد، وترد بحزم على اي اعتداء ينال او يسعى للنيل من امنها وسيادتها والدليل، مقرات "داعش" في دير الزور وغلوبال هاوك والسفينة البريطانية التي انتهكت قوانين الملاحة الدولية والقائمة تطول، لكنها رغم قدراتها لم تكن البادئة في اي حرب على مدى القرون الثلاثة الماضية ولم تعاقب ايا ممن اساء اليها او ساهم في الاساءة اليها انطلاقا من ترفعها عن الانتقام والتشفي بالغير حين التمكن، والعاقل تكفيه الاشارة.

احمد سعيد / العالم