العالم - تقارير
قال الرئيس التونسي قيس سعيد ليل السبت إنه لن يسمح بالمناورة تحت عباءة الدستور، في أعقاب إعلان حزب حركة النهضة (54 نائبا في البرلمان من أصل 217) سحب وزرائها من الحكومة المقترحة، ما قد يفتح الباب أمام مأزق سياسي.
وجاء رد سعيد في لقاء جمعه برئيسي الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الأعراف، أكبر المنظمات الوطنية، مع طرح رئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ لحكومته المقترحة بعد ساعات من قرار حزب النهضة سحب مرشحيه للحقائب الوزارية.
ويمكن أن يدفع هذا القرار من قبل الحزب الأول في البرلمان نحو مأزق دستوري، لأنه قد يعطل تحصيل الأغلبية المطلوبة للحكومة المقترحة من أجل نيل الثقة لا سيما مع إعلان أيضا الحزب الثاني في البرلمان "قلب تونس" عن عدم منحه الثقة لحكومة الفخفاخ.
وكان الرئيس التونسي قد كلف الفخفاخ وزير المالية السابق تشكيل حكومة جديدة، وذلك بعد فشل حكومة سلفه حبيب الجملي مرشّح النهضة في نيل ثقة البرلمان.
وضمت تشكيلة الفخفاخ العديد من الوزراء الذين ينتمون الى حركة النهضة التي آثرت اعلان انسحابها حتى قبل الكشف عن اسماء الوزراء رسميا.
وقال الفخفاخ خلال تقديم حكومته من قصر قرطاج في كلمة نقلها التلفزيون التونسي "إن شريكا اساسيا وأعني حركة النهضة اختارت عشية اليوم وقبل ساعة من الاعلان عن هذه التركيبة الانسحاب".
وأضاف أن النهضة قررت ايضا عدم منح حكومته الثقة، وذلك بسبب "عدم تشريك حزب قلب تونس في الائتلاف الحكومي".
ولفت الى أن هذا القرار "يضع البلاد امام وضعية صعبة".
وتطالب الحركة بحكومة وحدة وطنية تشمل حزب "قلب تونس"، الذي يعد ثاني أكبر الأحزاب في البرلمان بـ 38 مقعدا ويتزعمه رجل الاعلام والمرشح الرئاسي الخاسر نبيل القروي.
وفي هذا السياق، أعلن مجلس نواب الشعب ان الاجتماع المنعقد اليوم الاحد بمقر البرلمان بين رئيسه راشد الغنوشي والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي ورئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول "تطرق إلى الوضع السياسي العام في البلاد وتحديدا للمأزق الذي بلغه مسار تشكيل حكومة المكلف إلياس الفخفاخ".
وابرز البرلمان في بلاغ صادر عنه ان الطبوبي وماجول "ثمّنا المكانة التي يحظى بها رئيس مجلس نواب الشعب، وأكدا على ضرورة تضافر الجهود من أجل إيجاد الحلول الكفيلة بإنهاء الأزمة الماثلة خاصة أن الآجال الدستورية ما تزال تسمح بتخطى العقبات الحالية.
ونقل البلاغ عن الغنوشي تأكيده على ضرورة احترام إرادة الناخبين والحرص على تعزيز عناصر الوحدة الوطنية ورفض الإقصاء، وانه شدد على أن البلاد تحتاج إلى حكومة وحدة وطنية واسعة لمناخات ثقة وتوافق كفيلة بالنجاح في استكمال بناءالمؤسسات والهيئات الدستورية، وانه لفت الى أن نص الدستور وروحه يسمحان بايجاد الحلول الكفيلة لمعالجة كل الأوضاع.
لكن الفخفاخ قال انه اتفق مع الرئيس سعيّد للبحث عن حلول من خلال الخيارات الدستورية والقانونية والسياسية المتاحة، في اشارة الى ان حكومته يمكن ان تخضع للتعديل.
وتصدرت حركة النهضة انتخابات تشرين الاول/اكتوبر، الا انها لم تتمكن من احراز الغالبية.
وقال رئيس مجلس الشورى في النهضة عبد الكريم الهاروني السبت "قررت حركة النهضة عدم المشاركة في الحكومة او في التصويت على الثقة".
ولنيل الحكومة ثقة البرلمان عليها أن تحوز على أصوات 109 نواب من أصل 217 يتشكّل منهم مجلس نواب الشعب.
وانخرط الفخفاخ في السياسة بعد ثورة عام 2011 في صفوف حزب التكتّل الاجتماعي الديموقراطي الذي تحالف مع النهضة في حكومة "الترويكا".
وفي أواخر 2011 عين الفخفاخ وزيرا للسياحة، قبل أن يتولى وزارة المالية في كانون الأول/ديسمبر 2012، وهو منصب استمرّ فيه لغاية كانون الثاني/يناير 2014.
وفي 2019 خاض الفخفاخ الانتخابات الرئاسية مرشّحاً عن "التكتّل" لكنّه لم يحز سوى على 0,34% من الأصوات.
وبالاضافة الى الازمة السياسية الراهنة، تكافح تونس لتلبية متطلبات شعبها، حيث يتوقع ان تنتهي في نيسان/ابريل حزمة مساعدات اقتصادية من صندوق النقد الدولي بدأت عام 2016.
وفي حال عدم القدرة على تشكيل حكومة بحلول 15 آذار/مارس، بامكان الرئيس قيس سعيد حل البرلمان والدعوة الى انتخابات جديدة.