هل يريد حفتر اتفاقا بديلا عن الصخيرات؟

هل يريد حفتر اتفاقا بديلا عن الصخيرات؟
الأربعاء ٢٩ أبريل ٢٠٢٠ - ٠٢:٥٨ بتوقيت غرينتش

لم يأت اعلان الجنرال المتقاعد خليفة حفتر عن عدم اعترافه باتفاق الصخيرات الذي تمخضت عنه حكومة فايز السراج، بموقف جديد من الناحية العملية، فالرجل يعلن من وقت طويل، حربا مفتوحة ضد هذه الحكومة وما يتبعها من قوات في اكثر من ساحة، وخاصة في معركته ضد طرابلس العاصمة التي تتخذ منها حكومة السراج مقرا لها.

العالم - يقال أن

ويتهم حفتر المدعوم بشكل واضح اماراتيا ومصريا وسعوديا وبدرجة اقل روسيا وفرنسيا، حكومة الوفاق الوطني بانها حكومة عميلة لكل من تركية وقطر خاصة بعد اتفاقية الدفاع المشترك بين طرابلس وتركية ما سهل لانقرة بارسال قوات ومعدات الى جانب حكومة الوفاق في قتالها ضد حفتر.

الدعم التركي لحكومة الوفاق لعب دورا أساسيا في قلب معادلات المعارك التي كانت تسير لصالح حفتر وقواته بشكل او بآخر بما لديه من تفوق عسكري فرضه واقع الدعم الإماراتي وكذلك المصري. لكن الدعم التركي لم يعزز دفاعات الوفاق عن طرابلس بل نقلها الى موقع هجومي مكنها من استرجاع مناطق مهمة من سيطرة حفتر.

نقطة القوة التي تتمتع بها حكومة الوفاق ليس فقط الدعم التركي والقطري بل في الاعتراف الدولي الذي تحظى به وتحصنها في العاصمة طرابلس الامر الذي يعطيها اكثر شرعية في تمثيل ليبيا من حفتر وهو الواقع المر بالنسبة للجنرال الذي عمل جاهدا ومدعوما لتغييره بامل فرض الامر الواقع على الأرض وترجمته الى واقع سياسي جديد يجعله هو الحاكم لكل الأراضي الليبية.

وجاء الإعلان الأخير لحفتر حول الغاء اتفاق الصخيرات وتنصيب نفسه حاكما للبلاد بتخويل من الشعب حسبما ادعى ولم يعرف بعد كيف تم هذا التخويل، ليفتح الجنرال الطموح الباب امام امكانية اتفاق جديد ينهي الصخيرات ومعه السراج وحكومته ويقبل بالآخر مساهما في المستقبل السياسي وليس غريما تقف وراءه تركية بكل قوة.

ومن قراءة المواقف الأولى للدول الداعمة لحفتر، يمكن استشفاف رغبة قوية لدى هذه الدول بتأييد خطوة حفتر لانهاء اتفاق الصخيرات والتمهيد لاتفاق جديد يكون لحفتر مكانة فيه تتناسب مع حجم ما يسيطر عليه من أراض وما يمتع به من دعم من دول معروفة. فلم تأت خطوة حفتر- بكل تأكيد- دون مشاورات وتنسيقات مسبقة مع داعميه ولذلك أتت مواقف داعميه في ظاهرها منتقدة لخطوته لكنها تستبطن رغبة باتفاق جديد لعله يعزز من فرص حفتر في سلطة معترف بها.

وسيكون موقف حكومة الوفاق وداعميها من اعلان حفتر الأخير وكيفية ترجمة قوتها وشرعيتها المعترف بها الى واقع ميداني وسياسي يفوت على حفتر لعبته "الانقلابية" حسبما وصفها خصومه، وكذلك الحماية الدولية التي من الممكن ان تحظى بها حكومة السراج لتكون في اية مفاوضات محتملة مع حفتر، عاملين أساسية لتتفاوض كدولة وليس كطرف متصارع.

على هذا، فليبيا لا زالت تنتظر تطورات عسكرية وتأزيمات سياسية لعلها تساعد في رسم آفاق حل ينهي حالة التمزق والاقتتال التي ضربت البلاد بعد تخلصها من حاكمها المتفرد معمر القذافي اثر تظاهرات ضد حكمه وتدخلات عسكرية من الغرب لاسقاط نظامه دون ان تمهد لبديل قادر على ضبط الأوضاع كما فعل (الغرب) في تدخلات مماثلة في الشرق الأوسط، تدخل عسكريا لاسقاط أنظمة ثم ترك البلدان لحروب أهلية او اقتتال داخلي وإبقاء نزف الدم في العالم الإسلامي.

احمد المقدادي