أسكتوا ترامب تسكت الفتنة!

أسكتوا ترامب تسكت الفتنة!
الأربعاء ٠٣ يونيو ٢٠٢٠ - ٠٦:٤٥ بتوقيت غرينتش

قال الامام علي بن ابي طالب عليه السلام: "المرء مخبوء تحت لسانه"، وقال ايضا، "الرجال صناديق مغلقة مفاتيحها الكلام"، وقال سقراط، "تكلم كي أعرفك"، وقيل الكثير عن اهمية الكلام وارتباطه الوثيق بشخصية المتكلم، فهو الدليل الى عقل وثقافة الانسان فبمجرد ان يفتح الانسان فمه بالكلام حتى تتكشف شخصيته، ويطل عبر نافذة الكلام على الاخرين ويعرفه الناس على حقيقته.

العالم - يقال ان

والكلام ليس هواء يلاعب الاوتار الصوتية، بل هو موقف وبدونه لا تُعرف الرجال، ومن الكلام ما وهب الحياة ونثر فيها السعادة والاطمئنان، ومن الكلام من سرق الحياة ونشر فيها الموت والفوضى، هناك كلمات اشعلت حروبا ، وهناك كلمات اوقفت حروبا، وهناك كلمات وحدت بلدانا وشعوبا، وهناك كلمات مزقت بلدانا وشعوبا.

خطورة الكلام تزداد بزيادة منزلة ومكانة المتلكم، فكلام الانسان البسيط ليس له ذات الخطورة التي في كلام الانسان المسؤول، فالاول تاثيره محدود بيننما الثاني تاثيره عام، لذلك يتم اختيار المسؤولين في البلدان المختلفة من بين الاشخاص المعروفين بالحكمة والاتزان، وهو ما يظهر من خلال كلامهم وبيانهم ومواقفهم، ليكونوا عامل وحدة وانسجام لا عامل فرقة وتناحر.

هناك استثناء في غاية الخطورة في هذه القاعدة البديهية يشهدها عالم اليوم، وهذا الاستثناء يتمثل بامريكا، بعد ان اختار الشعب الامريكي رجلا لقيادته الكلام بالنسبة اليه عبارة عن ثرثرة وهواء يخرج من الفم وسرعان ما يتلاشي، بينما كلامه لا يرتد على المجتمع الامريكي فقط بل على العالم اجمع، وهذا الرجل هو دونالد ترامب.

منذ ان دخل الشعب الامريكي الى البيت الابيض قبل اكثر من ثلاث سنوات ، ووسائل الاعلام تتسبق فيما بينها لاحصاء اكاذيبه، التي تجاوزت الالاف، فالرجل يبدأ يومه بتغريدة مستفزة وينهي يومه بتغريدة تثير الانقسام، وبين هذه وتلك تغريدات تفجر العدواة والبغضاء.

حاول المقربون منه والبعيدون عنه على حد سواء منعه وتحذيره من مغبة ما يخرج من فمه، ولكن دون جدوى، فالرجل عادة ما كانت تاخذه العزة بالاثم ويتمادى اكثر في الكلام مع كل نصيحة، وترتب عن ذلك تداعيات في غاية الخطورة حيث قسم كلام ترامب المجتمع الامريكي عموديا، كما اساء كثيرا لعلاقات امريكا مع دول العالم وخاصة حلفائها ناهيك عن المناهضين لسياستها القائمة على العدوان والهيمنة.

اليوم وبعد الجريمة العنصرية التي ذهب ضحيتها الشاب جوزرج فلويد والاحتجاجات الشعبية التي ثارتها والتي عمت اغلب الولايات الامريكية، بات الامريكيون يشعرون اكثر من اي وقت مضى بخطورة كلام ترامب وما يسببه لهم من كوارث، فالرجل وبدلا من ان يسكب الماء على نار الازمة، فاذا به يسكب الوقود عليها ويثيرها ويجعلها كثر اشتعالا نغريدات وتصريحات مستفزة وجنونية.اثارة حفيظة حتى المسؤولين في اداراته.

هذه صحيفة "نيويورك تايمز" الامريكية كشفت عن أن بعض مساعدي ترامب طلبوا منه الابتعاد عن "تويتر" لرسم استراتيجية اكثر مراعاة للازمة، الا انه لم يرضخ لهم فواصل تغريداته التي تهجم فيها على الديمقرطيين وحكام الولايات والمسؤولين فيها لعدم استخدام القوة المميتة في مواجهة المحتجين الذين وصفهم بقطاع الطرق والبلطجية واللصوص والارهابيين.

وكشفت الصحيفة ايضا عن ان مساعدي ترامب حاولوا مراراً وتكراراً أن يشرحوا له أن "الاحتجاجات لم تكن تتعلق بشخص الرئيس فحسب، بل كانت تتعلق بقضايا أوسع نطاقاً حيث تتعلق بالعرق" ، واشتكى مستشاروه من تغريداته، معترفين بأنها تصبُّ الوقود على الوضع الحارق بالفعل.

واخر الصيحات الداعية لترامب بغلق فمه جاءت من قائد شرطة هيوستن ارت اسفيدو الذي خاطب ترامب مباشرة عبر قناة "سي ان ان" قائلا: "اذا لم يكن لديك شيئ بناء تقوله، ابق فمك مغلقا"، الامر الذي يؤكد ان الامريكيين باتوا على يقين ان الفتنة في بلادهم ستسكت اذا ما سكت ترامب.

كلمات دليلية :