العالم - اليمن
الحمد لله رب العالمين القائل: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا﴾[الأحزاب:21]، والقائل جل من قائل: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون﴾[الأعراف:158]،
وصلاة الله وسلامه على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين ورضي الله عن أصحابه الغر الميامين.. وبعد
فنظراً لما تمر به الأمة الإسلامية من مؤامرات خطيرة بغية تمزيقها وتفريقها لإضعافها وإخضاعها ونظراً للإساءات المتكررة من أعداء الإسلام ضد الإسلام والمسلمين واستهداف مقدساتهم ورموزهم واستفزاز مشاعر المسلمين بالإساءة الخاصة إلى مقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهرولة بعض الأنظمة العربية العميلة للتطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب في الآونة الأخيرة بدءاً بالإمارات ومروراً بالبحرين وأخيراً بالسودان والحبل كما يقال على الجرار لبعض الأنظمة الأخرى.
ونظراً إلى تفشي المنكرات واتساع رقعتها وانسلاخ الكثير من الناس عن ثوابت الدين الحنيف والأخلاق الإسلامية الرفيعة من الحياء والأدب والحشمة وصدق الحديث وأداء الأمانة واشتمال معاملات بعض الناس على الربا والرشوة وأكل أموال الناس بالباطل والاستهداف الممنهج لفكر الأمة وهويتها الإسلامية عبر التشكيك في كثير من الثوابت والقيم والمبادئ والرموز الإسلامية واستمرار العدوان والحصار على الشعب اليمني وتزامناً مع ذكرى مولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اجتمع علماء اليمن وخرجوا بالبيان التالي:
أولًا: يؤكد علماء اليمن على ضرورة التمسك بأحكام الإسلام وشريعته الغراء وأنه لا نجاة ولا صلاح ولا فلاح ولا نجاح لأحد في الدنيا والآخرة إلا بذلك لأنه دين الله الذي ارتضاه لعباده قال تعالى﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلاَمُ﴾ وقال تعالى ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين﴾[آل عمران:85] وهو وصية الأنبياء لأقوامهم ووصية الله إلى العالمين
ثانيًا: يؤكد علماء اليمن على الوحدة الإسلامية وجمع الكلمة وتوحيد الصف ونبذ كل أشكال العنف والتطرف وعلى أن ظاهرة الكذب والخديعة والخيانة والبغضاء والأحقاد وسوء التعامل بين الناس وقلة الحياء وانعدام المروءة والحشمة صارت تشكل خطرا على المجتمع الإسلامي ومبعث قلق كبير وأن من الواجب على الجميع ترسيخ قيم المحبة والألفة والتسامح والتحلي بآداب الإسلام وقيمه النبيلة من الصدق والأمانة والعفة والنزاهة والشهامة والمروءة والحشمة والحياء والعدل والإنصاف مؤكدين على ضرورة اغتنام ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لترسيخ هذه القيم النبيلة والأخلاق الفاضلة وتعظيمها في نفوس المسلمين لأنها من أهم مقاصد ومضامين بعثة الأنبياء قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» وقال صلى الله عليه وآله وسلم «إن أقربكم مني غداً، وأوجبكم علي شفاعةً أصدقكم لساناً، وأداكم لأمانته، وأحسنكم خلقاً، وأقربكم من الناس» وقال صلى الله عليه وآله وسلم «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به» وقال صلى الله عليه وآله وسلم «لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له».
ثالثًا: يؤكد علماء اليمن على ضرورة قيام العلماء والدعاة والخطباء والمرشدين والمفكرين بواجبهم الديني في التوعية والإرشاد وبذل النصح نزولا عند قوله تعالى ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون﴾[آل عمران:104] وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم «الدين النصيحة» وضرورة تظافر جهودهم مع الأجهزة الرسمية في الدولة في مواجهة الحرب الناعمة والهجمة الحاقدة على الإسلام والمسلمين والاستهداف الممنهج للدين الإسلامي والإساءة المتعمدة لرسول الله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
رابعًا: يدعو علماء اليمن حكومة الإنقاذ الوطني ووزارة الإعلام والأجهزة المعنية إلى اتخاذ التدابير والخطوات وإعداد الدراسات الكفيلة بحماية الشباب من الإعلام الذي يروج للانحلال الأخلاقي والإلحاد الديني ويستهدف الشباب المسلم في أخلاقهم وقيمهم ويسعى لتحبيب الكفر والفسوق إليهم وإضعاف الوازع الديني في وجدانهم وفطرتهم وإماتة الروح المعنوية المقاومة في نفوسهم. وإصدار القوانين الرادعة التي تجرم الترويج والمشاركة في استهداف واستلاب الهوية الإيمانية للشعب اليمني والأمة الإسلامية.
خامسًا: يدعو علماء اليمن كافة المسلمين والمسلمات في العالم إلى التمثيل الواعي والراقي والجذاب للإسلام وإلى الحرص على تقديم شخصية الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم التقديم القرآني اللائق بعظمة شخصيته ورسالته المنقذة والمصلحة للبشرية بما يسهم في تعزيز موقع النبي في وجدان الأمة وواقع الإنسانية كقائد وقدوة في السلم والحرب من خلال القرآن الكريم الذي قدمه رحمة للعالمين، صادقاً وأميناً، ومزكياً ومعلماً وهادياً، ومتبتلاً ومرتلاً وصابراً ومتوكلاً على الله ومجاهدا لأعداء الله ويقظاً وحذراً من مؤامرات ومكائد ودسائس اليهود والنصارى.
سادسًا: يدعو علماء اليمن الأنظمة والشعوب الإسلامية للتحرك الضاغط على فرنسا ورئيسها لتقديم الاعتذار عن إساءة فرنسا بحق الإسلام ونبي الإسلام أو قطع العلاقة ومقاطعة البضائع الفرنسية.
سابعًا: يدعو علماء اليمن علماء الأمة الإسلامية قاطبة إلى القيام بواجبهم وبيان الموقف الشرعي من خيانة النظام الإماراتي والسعودي والبحريني والمجلس العسكري السوداني لله ورسوله و للأمة وقضاياها وعلى رأسها القضية الفلسطينية ومظلومية الشعب الفلسطيني الذي يتعرض هو ومقاومته للتشويه والإساءة خدمة لليهود ونزولا تحت رغبتهم وسعيا للتودد إليهم على حساب تضحيات شعب ومعاناة أمة عاشت آمال وآلام القضية ومآسيها حتى يومنا.
ثامنًا: يؤكد علماء اليمن على حرمة التولي لليهود والنصارى والتطبيع مع العدو الصهيوني الغاصب والمحتل ويدعون علماء الأمة الإسلامية إلى تبني واتخاذ هذا الموقف والإعلان عنه.
تاسعًا: يجدد علماء اليمن تأكيدهم على محورية القضية الفلسطينية كقضية إسلامية وإنسانية وعلى أن القدس الشريف أرضٌ عربية إسلامية لا تقبل التقسيم.
عاشرًا: يدين علماء اليمن تبرير بعض المحسوبين على العلماء وشرعنتهم لتطبيع بعض الأنظمة العربية مع الصهاينة رغم ما في ذلك من مخالفة واضحة وصريحة لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله.
حادي عشر: يحذر علماء اليمن تحالف العدوان السعودي الأمريكي من مغبَّة الاستمرار في بغيهم وظلمهم وطغيانهم وجرائمهم الوحشية وحصارهم للشعب اليمني المسلم ويؤكدون أن المسؤولية في التصدي لهذا العدوان تشمل كافة أبناء الشعب اليمني حتى يأذن الله بنصره على المعتدين ويؤكدون على المزيد من الوعي واليقظة والإنفاق والتحشيد والنفير للجبهات لمساندة المجاهدين حتى تحقيق النصر على المعتدين وتحرير اليمن وتطهيرها من دنس المحتلين.
ثاني عشر: يؤكد علماء اليمن على وجوب حمد الله تعالى على نعمة الانتصارات المتتالية التي منَّ الله بها على الشعب اليمني وحققها على أيدي رجال الرجال المجاهدين من أبناء الجيش واللجان الشعبية والقبائل الأبية.
ثالث عشر: يبارك علماء اليمن نجاح صفقة تبادل الأسرى وعودة كلٍّ إلى أهله آملين أن تكون هذه الخطوة بارقة أمل لتحرير كل الأسرى وعودتهم إلى أهاليهم وانتهاء العدوان ووقف الحرب وعودة المغرر بهم إلى أحضان الوطن الذي يتسع للجميع وعدم التصديق للدعوات المغرضة التي ليس من شأنها إلا المزيد من الانقسام والاحتراب بين أبناء الأمة الواحدة والشعب الواحد وعدم الركون إلى الظالمين من آل سعود وحلفاءهم.
رابع عشر: يؤكد العلماء على ضرورة الاستمرار في إصلاح الجهاز القضائي وسرعة البت في قضايا الناس وتعديل القوانين التي تشكل عائقا أمام إنجاز قضايا الناس.
خامس عشر: يؤكد علماء اليمن على أن تقوم الدولة ممثلة بوزارة الزراعة بالاهتمام بالزراعة واستصلاح الأراضي والإسهام في الحفاظ على الثروة المائية والاستفادة من الأمطار والسيول التي يمنَّ الله تعالى بها على البلاد والعباد بين الحين والآخر من خلال بناء السدود وإيجاد الأحواض الواسعة وتخزين المياه فيها. كما يدعون الدولة ممثلة بوزارة الأوقاف والإرشاد للقيام بواجبها في الحفاظ على الأوقاف واستثمارها الاستثمار الصحيح فيما يعود بالنفع تحقيقاً لأغراض الواقفين آخذين بالاعتبار الأحكام الشرعية والقوانين النافذة في هذا الشأن، كما يدعون إلى تكثيف جهود الوعظ والإرشاد والاهتمام بإحياء المساجد بحلقات القرآن الكريم والدروس الشرعية. والوفاء بأجور أئمة المساجد وسدنتها تحقيقاً وتنفيذاً لأغراض الواقفين.
سادس عشر: يؤكد علماء اليمن على ما جاء في توجيهات قائد الثورة حفظه الله ونصره المتكررة وما جاء في خطاب رئيس المجلس السياسي الأعلى من التأكيد على محاربة الفساد بكل أشكاله وأنواعه وتقديم المفسدين إلى أجهزة العدالة.
وفي الختام يدعو علماء اليمن شعبنا اليمني وأمتنا الإسلامية إلى التفاعل والحضور المشرف في يوم الثاني عشر من ربيع الأول لإحياء ذكرى المولد النبوي الشريف بأمانة العاصمة ومختلف المحافظات.
ونسأل الله سبحانه وتعالى أن ينصر الإسلام وأهله وأن يخذل الشرك وأهله وأن يجمع كلمة المسلمين وأن يؤلف بين قلوبهم وأن يختم للجميع بالعفو والمغفرة والرضوان.
صادر عن مؤتمر علماء اليمن
بتاريخ الثامن من ربيع الأول 1442هــ
الموافق الخامس والعشرين من أكتوبر 2020م