تصريحات غروسي و"صور" أسوشيتد برس عن فوردو.. التوقيتات والدوافع

تصريحات غروسي و
السبت ١٩ ديسمبر ٢٠٢٠ - ٠٥:٣٤ بتوقيت غرينتش

ارتكب مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي خطأ فادحاً عندما تحدث عن "الخروقات" التي "ارتكبتها" ايران بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، وضرورة حسم هذه الخروقات قبل الحديث عن العودة إلى الاتفاق. بعد ان دار حول المعلول فيما ترك العلة جنبا، بينما كان الاجدر به ان يتناول "العلة"، وهي انسحاب امريكا من الاتفاق النووي، لا ان يتوقف امام "المعلول" المتمثل بتقليص ايران لالتزاماتها في الاتفاق النووي، ردا على الانسحاب الامريكي والخذلان الاوروبي.

العالم قضية اليوم

تصريحات غروسي جاءت في الوقت الذي اصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية 15 تقريرا ايدت فيه التزام ايران الكامل بالاتفاق النووي، حتى بعد انسحاب امريكا منه ، كما انها جاءت بعد ان امهلت ايران باقي اعضاء الاتفاق ، بريطانيا وفرنسا والمانيا وروسيا والصين، عاما كاملا لتعويض الخسائر التي تحملتها ايران بسبب الانسحاب الامريكي والعقوبات الاحادية وغير القانونية التي فرضتها واشنطن على الشعب الايراني.

ايران لم تُقدم على تقليص التزاماتها بالاتفاق النووي، الا بعد ان تأكد لها تواطؤ باقي اعضاء الاتفاق النووي وخاصة الدول الاوروبية الثلاث بريطانيا والمانيا وفرنسا، مع امريكا، ومع هذا اكدت ايران وعلى لسان كبار مسؤوليها انها على استعداد للعودة عن جميع الاجراءات التي اتخذتها في حال التزم باقي الاعضاء بما تعهدوا به في اطار الاتفاق.

جميع المراقبين يتفقون على امر واحد وهو ان الموقف الايراني لم يكن سوى "رد فعل" إزاء "الفعل" الامريكي، المتمثل بالانسحاب من الاتفاق النووي، وإزاء الموقف الاوروبي المتفرج على الانتهاكات الامريكية، والذي وصل الى حد التواطؤ. فمن غير المقبول ان تطلب "اوروبا"، كما يطلب غروسي، ان تبقى ايران ملتزمة بالاتفاق، بينما تمارس امريكا بلطجتها دون رادع، وتكتفي اوروبا والوكالة الدولية بالاعراب عن الاسف!!.

توقف غروسي، كما يرى اغلب المراقبين، عند "رد الفعل" الايراني، وتجاهله الكامل لـ"الفعل" الامريكي والاوروبي، لم يأت اعتباطا، فهذا الموقف جاء على ما يبدو في اطار المحاولات التي تبذل من اجل عرقلة عودة الرئيس الامريكي المنتخب جو بايدن الى الاتفاق النووي، الامر الذي اثار حفيظة اليمين المتصهين في امريكا والكيان الاسرائيلي والسعودية والامارات، ولوبيات هذه الجهات داخل امريكا والمحافل الدولية.

ما يؤكد تلك الحقيقة ، ان تصريحات غروسي، رغم ان دور وكالته ينحصر في التحقق من تطبيق الاتفاق وليس إبداء أي آراء بشأن كيفية تنفيذه، جاءت متزامنة مع نشر وكالة "أسوشيتد برس" الامريكية "صورا" لما قالت إنها أبنية قيد الإنشاء في موقع فوردو الايراني، وهو تزامن لم يأت عن طريق الصدفة، بل في اطار العمل المحموم لشيطنة ايران، وتعقيد الاوضاع على الرئيس الامريكي المنتخب بايدن.

ليس هناك "واقع جديد" كما يدعي غروسي، يقتضي العودة الى ما قبل المربع الاول ، إي الى ما قبل عام 2015، فمثل هذا الواقع في حال وجوده فعلا، هو واقع صنعه ترامب وادارته الفاشله، ويكفي ان يتعهد بايدن بالعودة الى الاتفاق النووي، دون قيد او شرط، ويرفع العقوبات الامريكية الاحادية الجانب وغير القانونية عن ايران، وفي المقابل فإن ايران ستتوقف عن انتاج الماء الثقيل، وتعود الى مستوى 3.5% لتخصيب اليورانيوم، وتوقف انتاج وتشغيل اجهزة الطرد المركزي المتطورة لتخصيب اليورانيوم.

ليست ايران فقط ، بل بات العالم اجمع، على علم بتوقيتات ودوافع تصريحات غروسي، و"صور" وكالة أسوشيتد برس، وتهديات الثنائي "الاسرائيلي والامريكي"، فمثل هذه التصريحات و "الصور" و "الافلام" و"التسريبات" و التهديدات، ستتوالى وتتكثف، كلما اقتربنا من موعد 20 كانون الثاني/ يناير المقبل.

سعيد محمد - العالم