أمريكا.. بين نهاية تاريخ فوكوياما وبداية تاريخ ترامب

أمريكا.. بين نهاية تاريخ فوكوياما وبداية تاريخ ترامب
الإثنين ١٨ يناير ٢٠٢١ - ٠٦:٥٢ بتوقيت غرينتش

ما يجري هذه الايام في امريكا من احداث وتطورات متسارعة، على خلفية رفع الرئيس الامريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب ، الغطاء السميك عن حقيقة المجتمع الامريكي، ما كان يخطر حتى بخيال الذين كانوا يعتقدون ان النظام الامريكي، هو نهاية التطور الاجتماعي والثقافي والسياسي للإنسان، كما أوضح ذلك بكثير من الزهو المفكر الامريكي فرانسيس فوكوياما في كتابه نهاية التاريخ والإنسان الأخير.

العالم – كشكول

فوكوياما، الذي شيد نظريته في نهاية ثمانينيات القرن الماضي، تجاهل بالكامل، تاريخ امريكا، القائم عل الابادة والاحتلال والغزو والنهب والسلب وازهاقها ارواح الملايين من البشر، اعتمادا على القوة العسكرية المجردة ، وهي بالمناسبة نظرية كانت تداعب اوهام وغرور الامريكيين ، وخاصة نخبهم السياسية، عليه الان ان يعيد النظر فيها، بعد ان اثبت ترامب و75 مليون امريكي، ان امريكا مازالت في مرحلة "الكابوي" وبداية التاريخ.

منح 75 مليون امريكي اصواتهم وبكل حرية لشخص مجنون بشهادة علماء النفس في امريكا ، وبشهادة سلوكياته وتصرفاته وكلامه، وعنصري متطرف يؤمن بتفوق جنس على جنس، ويجاهر وبكل صلف وغرور عن استعداده لاستخدام السلاح النووي لابادة دول وشعوب، ومستعد لحرق امريكا على من فيها من اجل البقاء في السلطة، وما الهجوم على الكونغرس الذي قامت به جماعات عنصرية متطرفة تابعة له ، الا بروفة، لهذه التهديدات، كل ذلك يؤكد ان امريكا ليست كما كان يتوهم فوكوياما.

نزول جماعات متطرفة بكامل اسلحتها الى الشوارع لالغاء نتائج الانتخابات التي هزم فيها ترامب، ومنها جماعة"الكابوي من اجل ترامب"!!، والتي يقودها مسؤول كبير في احدى الولايات الامريكية!!، والذي هدد بالزحف على العاصمة واشنطن وجعل الدماء تصل الى الركب، لمنع مراسم تنصيب الرئيس الامريكي المنتخب جو بايدن!!، بينما مازال ترامب يصدر مراسم العفو عن المجرمين والمختلسين والمخادعين والمتهربين من دفع الضرائب، وانصاره الذين هاجموا الكونغرس وقتلوا ونهبوا، كل ذلك يؤكد ان امريكا في واد وفوكوياما في واد اخر.

من اجل تنصيب رئيس النظام ، الذي يدعي فوكوياما بانه نهاية التاريخ، تم عزل العاصمة واشنطن عن امريكا والعالم، وتم نشر نحو 30 الف من الحرس الوطني ورجال الامن والشرطة، وتم التحذير من ولاء من اوكلت لهم مهام توفير الامن للمراسم!!، بعد وصول معلومات، عن وجود العديد من المتطرفين والعنصريين بين الجيش والحرس الوطني وقوات الامن والشرطة، كل ذلك يؤكد على تجذر العنصرية وثقافة الكابوي والتخلف الفكري والسياسي الذي يعاني منه المجتمع الامريكي.

تحذيرت باتت تُطلق وبشكل علني من قبل بعض النخب الامريكية، عن احتمال انهيار النظام الامريكي وتفكك الولايات المتحدة، بعد الهجوم على الكونغرس، وخروج جن العنصرية من قمقمه، وانتشار ظاهرة الترامبية بشكل مرضي، وكل هذه التحذيرات تؤكد ان امريكا فوكوياما، باتت على كف عفريت. ولا نعتقد ان شعوب العالم، التي اكتوت بنار الظلم الامريكي، ستحزن على مصير امريكا، بل نعتقد جازمين ان العالم سيتنفس الصعداء بدون وجود امبراطورية الشر الامريكي، التي كتمت على انفاس العالم كالكابوس منذ عقود طويلة.