العالم- سوريا
تشكل قاعدة التنف الأميركية نقطة ارتكاز أساسية لتجميع وتوجيه واطلاق المجموعات الإرهابية نحو البادية السورية، وحيث يشكل الامتداد الجغرافي الواسع لتلك البادية صعوبة في مسكه أمنيًا بمراكز ثابتة وبدوريات مؤللة ومدولبة، يجهد الجيش العربي السوري لتلافي تعرض وحداته قدر الامكان لعمليات ارهابية، حيث يتفوق الارهابيون بنقطة الاختباء في مناطق وعرة وصعبة جغرافيًا من البادية، وبنقطة الاستفادة من معطيات استعلامية جوية تقدمها لهم قاعدة التنف، عن خط سير وتوقيتات انتقال آليات الجيش العربي السوري، بالاضافة لاستفادة هؤلاء من قاعدة لوجستية للنقل والتزود بالحاجات الضرورية والذخيرة والسلاح، تؤمنها لهم الطوافات الأميركية انطلاقًا من قاعدة التنف.
النقطة الأخرى التي تؤشر الى الدور الاميركي الأساسي في اطلاق “داعش” في البادية السورية، هي أنه منذ فترة، وحيث كان هناك حديث واسع عن مشكلة الاكتظاظ لموقوفي التنظيم في سجون الشدادي والهول وغيرها، أو عن مشكلة امكانية عودة ارهابيي “داعش” وعائلاتهم الى دولهم في اوروبا ودول الاتحاد الروسي وغيرها، اختفى فجأة الحديث عن المشكلتين، ليتبين وبعد كشف الكثير من المعطيات المؤكدة، عن مناورة نقل لهؤلاء بطوافات أميركية، في ظروف رؤية سيئة، الى العراق بقسم منهم، والقسم الآخر إلى قاعدة التنف أو الى محيطها في البادية السورية، لنشهد بعد ذلك هذه الفورة العملياتية الارهابية لحركة التنظيم في البادية، وبالتحديد على خطوط النقل بين تدمر والسخنة ودير الزور.
عمليًا، لا أحد ينكر وباعتراف أكثر من مسؤول أميركي، جمهوري أو ديمقراطي، أن الإدارة الأميركية الديمقراطية هي أساسًا من أطلق “داعش”، ولأهداف استراتيجية وعسكرية وسياسية وايديولوجية مختلفة، وحيث تعود اليوم هذه الادارة، ليس لتنقض أو تلغي الاستراتيجية التي وجهت سياستها في المنطقة، بل لتكملها من حيث توقفت مع الرئيس ترامب، خاصة أنها فشلت في تحقيق قسم غير بسيط من تلك الأهداف، والتي تَعتبر (الادارة الجديدة الديمقراطية) أن الطريق الأنسب لتحقيق تلك الأهداف، هو طريق الضغوط عبر “داعش”، على روسيا وعلى إيران وعلى سوريا والعراق، وبشكل عام على محور المقاومة.
فالمطلوب من روسيا أن لا تكون قوية كفاية على مياه المتوسط الدافئة، والمطلوب منها أيضًا تخفيف الدعم عن سوريا وتركها تواجه وحدها الحرب الكونية عليها، والمطلوب من ايران أيضًا ترك الدولة السورية وحيدة، وتذويب نفوذها في المنطقة، وخاصة في العراق وسوريا، وانتزاع موقفها القوي من ضمن قوة محور المقاومة، من خلال التنازل في موضوع التفاوض حول الصواريخ الباليستية والقدرات النوعية الاستراتيجية، والمطلوب من الدولة السورية الاستسلام وتقديم البلاد على طبق من فضة للارهابيين أو للمرتهنين للدول الاقليمية أو الغربية، والّا، “داعش” عائد وبقوة الى الساحة السورية، والتي حتى الآن لم تنته من تأثيرات وتداعيات تواجد المجوعات الارهابية أو المرتهنة خارجيًا، شرقًا وشمالًا، مع وضع اقتصادي ضاغط، تعززه عقوبات أميركية وأوروبية جائرة وظالمة.