الشعوب ترفض التطبيع..

المطبعون.. الاكثر غباء سياسيا

المطبعون.. الاكثر غباء سياسيا
الخميس ٠٤ فبراير ٢٠٢١ - ٠٨:٣٥ بتوقيت غرينتش

يقال ان المطبعين مع الكيان الاسرائيلي اندفعوا بفورة حماسية اججها اليهودي الصهيوني جاريد كوشنر صهر الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب وضمن ما روج اليه من خلال مشروع ما يسمى بـ"صفقة القرن" وعمله الدؤوب في الضغط على حكام دول عربية لجرها للتطبيع المذل مع كيان محتل مغتصب فاقد لكل شرعية قانونية.

العالم - يقال ان

الهجمة الاميركية بقيادة كوشنر لم تقتصر على الحكام العملاء الذين سارعوا للتطبيع بل شمل شريحة واسعة من السياسيين والتجار والاكاديميين وحتى الطلبة الجامعيين الذين اخضعوهم في بعض البلدان كالعراق في ورشات عمل مكثف يديرها ممثلون عن الجانب الاميركي منهم سفراء وقناصلة عملوا على غسل ادمغة شريحة واسعة من الشباب داخل السفارات والقنصليات الاميركية وارسال البعض منهم الى اميركا لانماء وصقل "مواهبهم" وتوجهاتهم الفكرية البعيدة عن الاخلاق العربية والاسلامية وعبر اغراءات مادية، ومن ثم استدراجهم الى الشوارع للمطالبة بالتغيير الذي لا يجني ريعه سوى أميركا والكيان الاسرائيلي الخادم المخلص لمصالح الدول الاستكبارية وعلى راسها الولايات المتحدة الاميركية.

الحملة الهستيرية الاميركية للتطبيع هدفا استغلال الوقت للتسريع بعجلة المقبولية الشعبية لوجود المغتصب الاحتلالي لـ"اسرائيل" ولو بالقوة والضغط الممنهج والاكراه، كي تنسى الشعوب التاريخ الدموي المظلم والجرائم التي ارتكبها هذا الكيان اللقيط منذ نشوئه وترعرعه على يد بريطانيا قبل اواخر النصف الاول من القرن الماضي، والتعتيم على مفهوم "ان الكيان الاسرائيلي كيان غير شرعي تمت زراعته في فلسطين في الثلث الاول من القرن الماضي بالقوة ليكون بديلا عن التواجد العسكري المباشر للمحتلين البريطانيين وفي مرحلة لاحقة الاميركان ما يمكنهم من استنزاف مقدرات دول المنطقة ونهب ثرواتها وكذلك يفعلون".

التطبيع مخالف لارادة جميع الشعوب الحرة

ردود الفعل الشعبية على محاولات التطبيع تتراوح بين التظاهرات والتنديد كما في السودان والمغرب او باستنكار لم يظهر للعلن بعد بفعل القبضات الحديدية التي تنتهجها دول ديكتاتورية لا يهمها مصير الشعوب بقدر اهتمامها بكراسيها وخدمة ومرضاة البريطاني والاميركي والاسرائيلي ظنا منها ان هذا التذلل يطيل من فترة بقاء هؤلاء الحكام على مساند الحكم الدموية التي يتربعون عليها.

ما جرى في السودان مؤخرا ليس استثناء، فقد جاء في الخبر من العاصمة السودانية الخرطوم ان المسيرات والوقفات الاحتجاجية الرافضة للتطبيع مع كيان الاحتلال الإسرائيلي والمنددة باستمرار الحكومة الانتقالية في اجراءات التطبيع دون الرجوع للشعب السوداني، لازالت متواصلة حتى الساعة وقد احرق المحتجون على التطبيع الغاضبون يوم امس الاربعاء علم كيان الاحتلال في شوارع العاصمة مرددين هتافات تؤكد رفضعم المطلق للتطبيع وموقفهم الثابت تجاهَ القضية الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.

المحتجون السودانيون أكدوا رفضهم بصورة قاطعة تدنيس بلدهم برفع العلم الاسرائيلي في سمائه واشاروا لعزمهم مواصلة المسيرات ضد التطبيع وتواصل الوقفات الاحتجاجية التي تزامنت مع الحديث عن محاولة الحكومة الانتقالية تمرير التطبيع مع الكيان عبر زيارات وفوده للخرطوم وتوقيع اتفاقيات سياسية واقتصادية، رغم ان القانون السوداني ما زال يجرم التعامل مع كيان الإحتلال.

وعود معسولة.. حبر على ورق

لنسذكر قليلا العناوين التالية التي مرت في الاعلام العربي وتداولها الاعلام الاجنبي وصفق لها اعلام الدول المطبعة.. جاء في احد العناوين ان (ترامب يحتفل بـ"فجر شرق أوسط جديد" بعد توقيع الإمارات والبحرين اتفاق التطبيع مع إسرائيل" وعنوان اخر يقول (أبلغت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الكونغرس رسمياً في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بموافقتها على بيع أسلحة متقدمة لدولة الإمارات العربية المتحدة بقيمة 23 مليار دولار) وعناون ثالث يقول (تشمل الصفقة مقاتلات إف 35 وطائرات مسيرة مسلحة) وعنوان رابع جاء فيه (اتفاق على إقامة علاقات بين السودان وإسرائيل وترامب يرفع الخرطوم من قائمة الإرهاب).

وفي اخر ايام حكومة ترامب يقال ان أبوظبي حصلت على وعد بالحصول على فرصة لشراء الطائرات (50 طائرة مقاتلة من طراز إف 35) في اتفاق جانبي بعدما وافقت على تطبيع العلاقات مع "إسرائيل" في أغسطس/آب الماضي، ونقول من السذاجة والغباء بمكان الانصياع لوعود معسولة لن ترى النور والتنفيذ ما دامت "ببساطة" لا تصب في ريع كيان الاحتلال الاسرائيلي ولا في ريع الولايات المتحدة..

هل تحققت الوعود؟

الوعود الاميركية لدول التطبيع والتي طبل لها كوشنر ورئيسه ترامب بتذليل الكثير من العقبات وبذل المزيد من العطاء السياسي والعسكري الاستراتيجي للبلدان المطبعة كلها بقت حبرا على ورق لم تنفذ وبعض الوعود شطب عليها خلفه الرئيس الجديد بايدن (ولو على زعم المراجعة)، وذلك ليس بجديد فهذا هو ديدن السياسة الاميركية، ونكرر.. ساذج كل من يصدق بغبائه السياسي الوعود الاميركية المعسولة.

قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية في السابع والعشرين من كانون الثاني/يناير الماضي، إن إدارة الرئيس جو بايدن فرضت تعليقا مؤقتا على بعض صفقات السلاح لحلفاء الولايات المتحدة لمراجعتها، وذكرت تقارير إعلامية أن هذه الصفقات تشمل صفقة بيع مقاتلات "إف-35" (F-35) للإمارات، وصفقة بيع ذخائر للسعودية.

لماذا السودان؟

كشف الضابط السابق بالمخابرات الحربية المصرية اللواء تامر الشهاوي، أن السودان يرغب في التقارب مع الکیان الاسرائيلي لإنهاء العزلة المفروضة عليه منذ حوالي 30 عاما، والسؤال هو هل ستنتهي العزلة مع التطبيع؟ والجواب ايضا سوف يكون حتما بالنفي لان الاوراق التي يلعب بها السودان وبقية الدول كمصر مثلا كلها محترقة لاتجدي نفعا لها، وتبقى الاوراق الرابحة بيد اميركا والكيان الاسرائيلي الذي يراهن اليوم على اثيوبيا وسدها الذي يؤرق الساسة في مصر والسودان عاى حد سواء.

يظن القائمون على السياسة في السودان أن التقارب مع الاحتلال واميركا قد ينهي الصراع الحدودي مع إثيوبيا ويعيدها إلى المسار التفاوضي العادل بشأن سد النهضة، متناسين بأن "إسرائيل" قد تستغل علاقتها الوطيدة بإثيوبيا في ذلك وكذا بتحقيق أفضل استفادة ممكنة من الأزمة التي خلفتها بشأن السد.

أما ترامب فحاول رهن رقبة السودان وخيراته بالبنك الدولي وقروضه الربوية التي سوف تمتص آخر دولار في بنوك السودان بزعم كسر حالة العزلة له مع المجتمع الدولي، اثر تقديمه عرضا سخيا للخرطوم وعد فيه بنهاية العقوبات وفتح آفاق جديدة للاستثمار الأجنبى داخل السودان مع إنهاء حالة العزلة السودانية مع المجتمع الدولي والمساعدة في منح الاقتصاد السوداني علاجات سريعة بالتنسيق مع البنك الدولي بشرط تحقيق أجندته السياسية أي رفع شأن "إسرائيل" دبلوماسيا وبالتحديد التطبيع بين الخرطوم وتل أبيب.

السيد ابو ايمان

كلمات دليلية :