بايدن والسعودية.. ذهب الشبعان واتى الجوعان 

بايدن والسعودية.. ذهب الشبعان واتى الجوعان 
الثلاثاء ٠٩ فبراير ٢٠٢١ - ٠٦:٣٩ بتوقيت غرينتش

خلال حملته الانتخابية عام 2016 أطلق الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب كل انواع الكلام والاهانات لمهاجمة السعودية، واولى زياراته خارج البلاد بعد انتخابه كانت الى الرياض، ليصبح الراعي الاول لولي العهد محمد بن سلمان والمستفيد الاكبر من المليارات التي قدمها الاخير حفاظا على حلمه بالوصول الى العرش. في العام 2020 اطلق الرئيس الاميركي الجديد جو بايدن تصريحات نارية تجاه السعودية متوعدا بمحاسبتها وجعلها منبوذة في العالم. الا يوحي ذلك بشبه بينه وبين ترامب؟ 

العالم - قضية اليوم

كما هو متفق عليه، تاسست العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية في الرابع عشر من شباط فبراير عام 1945 في اللقاء الذي جمع الرئيس الاميركي حينها "فرانكلين روزفلت" والملك "عبد العزيز بن سعود" على متن السفينة الحربية (USS QUINCY). ذلك اللقاء الذي وضع اساس العلاقة بين الطرفين والمتمثل "بالحماية مقابل النفط".
اليوم تغيرت المعايير لكن لم تتغير اسس العلاقة هذه. قلب دونالد ترامب اسلوب التعاطي الاميركي مع الدول التي تعتبر تابعة لواشنطن في المنطقة. قالها صريحة انه على السعوديين ان يدفعوا مقابل حماية الاميركيين لهم والحفاظ على عروشهم. اسلوب ترامب كان ترجمة فظة لاتفاقية كوينسي.
اما اليوم ياتي بايدن الى البيت الابيض وفي يده اوراق عدة يلعبها لابتزاز السعوديين.
اولا لديه ورقة مقتل جمال خاشقجي، حيث بدأ البيت الابيض بالتلويح بها من خلال الحديث عن كشف فحوى التقرير النهائي لجريمة قتل خاشقجي في اسطنبول التركية. وهذا التقرير كفيل بوضع ضغط هائل على ابن سلمان كما تؤكد التقارير.
ثانيا هناك ورقة سعد الجبري الرجل الاستخباراتي السابق والموالي لمحمد بن نايف المعتقل وصديق الاميركيين في السابق. الجبري يمتلك وثائق ومعلومات ستساعد بايدن كثيرا في الضغط على السعوديين.
ثالثا تحضر الورقة القديمة الجديدة المتمثلة بقانون جاستا والدعاوى القضائية المرفوعة ضد السعودية على خلفية هجمات 11سبتمبر. القانون الذي يمكن ان يؤدي الى اصدار قرار بتجميد الاصول المالية السعودية في الولايات المتحدة.

هذه الاوراق من المتوقع ان يستغلها بايدن حتى الاخير، بحيث سيلعب على خطين، الاول اظهار انه نفذ ما وعد به من "محاسبة" للسعودية على ما قامت به (وهو ما بدأ مع اعلان وقف دعم العدوان السعودي على اليمن، وما سيعقب ذلك من افراج سعودي على معتقلين ومعتقلات تمنح بايدن انجازا ولو صوريا)
هذا سياسيا، اما اقتصاديا فليس مستبعدا ابدا ان يلجأ بايدن لهذه الاوراق للحصول على ما تركه ترامب من مليارات سعودية (ربما سيحصل بايدن من السعوديين على اكثر مما حصل عليه ترامب، خاصة اذا اراد ابن سلمان محو فكرة انه كان تابعا لترامب وتقديم الولاء للادارة الجديدة). اضافة الى ان ابن سلمان سيلجأ الى تقديم ورقة التطبيع مع الكيان الاسرائيلي كهدية للبيت الابيض على اساس ان التطبيع السعودي هو الجائزة الكبرى التي يحلم بها بنيامين نتنياهو.
في المقابل بعثت ادارة بايدن رسائل تحمل شيئا من الجدية الى الامارات من خلال وقف صفقات الاسلحة الى ابو ظبي. وفي هذه الرسائل اشارات الى ان هناك امتعاض من دور اماراتي لا يختلف عن الدور الاسرائيلي في الولايات المتحدة. والمقصود هنا التدخلات الكثيرة التي تنسب للامارات في مراكز القرار واللوبيات المؤثرة في واشنطن لاسيما اللوبي الصهيوني من خلال سفير ابو ظبي هناك سعيد العتيبة.
شخصية بايدن ليست متفلتة كما كانت شخصية سلفه ترامب، لكن الاسلوب المعتمد واحد وهو استغلال الدول التابعة لواشنطن حتى الاخير كما فعلت الادارات الاميركية منذ عام 1945 حتى اليوم. لو احصينا الاموال التي دفعتها الرياض وابو ظبي طوال السنوات السابقة للاميركيين مقابل الحماية لحصلنا على رقم كاف لبناء ترسانة عسكرية وقدرة اقتصادية هائلة تجعل هذه البلدان بغنى عن اية حماية من الخارج.
لكن على مايبدو اعتادت هذه الدول على طبيعة العلاقة التي اسست لها اتفاقية كوينسي، كما اعتادت على بناء هذه العلاقة مع الرؤساء الاميركيين المتعاقبين على قاعدة.. "ذهب الشبعان وأتى الجوعان".

حسين الموسوي