العنصرية الأمريكية تأكل أبناءها.. نائبة بايدن في دائرة الإستهداف

العنصرية الأمريكية تأكل أبناءها.. نائبة بايدن في دائرة الإستهداف
الإثنين ٢٢ فبراير ٢٠٢١ - ٠٣:٤٨ بتوقيت غرينتش

صور التظاهرات التي شهدتها امريكا خلال فترة حكم الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب، والتي قامت بها الجماعات العنصرية التي تؤمن بتفوق الجنس الابيض، والمديح الذي كان يكيله لها ترامب، وصور الجماعات العنصرية والمتطرفة المسلحة التي كنت تجوب شوارع المدن الامريكية دعما لترامب، والخطابات والمواقف العنصرية الصارخة لترامب امام مناصريه، واخيرا الهجوم الدموي الذي قامت به الجماعات العنصرية المتطرفة بأمر من ترامب على الكونغرس، لمنعه من اعلان فوز منافسه الديمقراطي جو بايدن، مازالت تشكل صدمة لدى الكثيريين، الذين تفاجأوا بما شاهدوه من كراهية وحقد وعنف وفوضى وقتل.

العالم كشكول

ان السبب وراء تفاجؤ هؤلاء ازاء ما ظهر على سطح المشهد الامريكي نابع من عدم معرفة حقيقية بطبيعة المجتمع الامريكي، فلو كانت لديهم معرفة ولو قليلة بهذه الطبيعة لما تفاجأوا. ان العنصرية، وبشهادة الامريكيين انفسهم، ركن اساسي من اركان الثقافة الامريكية، وعنصر مؤثر في شخصية الانسان الامريكي، فالثقافة الامريكية والانسان الامريكي، يعتبران نُسخ مكثفة للثقافة والانسان الغربي، وقد تجسدت هذه الثقافة وهذه الشخصية خير تجسيد، في جرائم الابادة الجماعية لسكان امريكا الاصليين، بعد وصول الرجل الابيض الى العالم الجديد، وتجسد في استعباد الشعوب الافريقية ، الذين تم شحنهم كـ"الحيوانات" في سفن ونقلهم الى امريكا للعمل كعبيد في مزارع البيض، كما تجسد في الاستعمار الغربي لاكثر شعوب العالم، وتجسد في استخدام السلاح النووي في اول مرة في التاريخ، وتجسد في زرع كيان عنصري في قلب العالم الاسلامي وهو الكيان الصهيوني، كما تجسد في احتلال وغزو العديد من البلدان في العالم.

آخر مظاهر العنصرية الغربية برزت في امريكا وبشكل وقح في عهد الرئيس الامريكي العنصري، بشهادته هو ، دونالد ترامب، حيث صوت 75 مليون امريكيا لرجل اعلن جهارا نهارا ايمانه بتفوق الجنس الابيض، ويزدري باقي الشعوب الاخرى بسبب لون بشرتها، ومُتهم بالفساد والخيانة والتهرب الضريبي وبقضايا غير اخلاقية، ودفع بامريكا الى حافة الحرب الاهلية، وقاد العنصريين للهجوم على الكونغرس، ومازال يتهم النظام الامريكي بانه سرق الانتخابات منه، وان الانتخابات كانت مزورة، وان الرئيس الحالي جو بايدن، هو رئيس مزور وغير شرعي، مع كل ذلك يتمتع هذا الرئيس باكبر شعبية في امريكا قياسا بباقي رؤساء امريكا الاخرين، حتى ان انصاره على استعداد للموت من اجله وحرق امريكا بمن فيها، وقد كشفت اخر استطلعات الراي ان نحو نصف مناصري الحزب الجمهوري اعلنوا عن استعدادهم الانضمام الى حزب ترامب لو اراد الاخير تاسيسه.

أحدث مظاهر العنصرية المخزية في امريكا ، كشفت عنها صحيفة "لوس أنجليس تايمز" الأمريكية، التي اعلنت أن هناك حملة من المضايقات تستهدف كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأمريكي، عبر وسائل التواصل الاجتماعي بسبب اصولها ولونها!!. واضافت الصحيفة : يظهر أن هاريس قد تكون أكثر السياسيين الأمريكيين استهدافا على الإنترنت، لكونها امرأة وسمراء في السلطة.

الصحيفة الامريكية اشارت الى دراسة نُشرت الشهر الماضي لتحليل أكثر من 300 ألف منشور ضد 13 سياسية في أربع دول ناطقة بالإنكليزية في الشهرين اللذين سبقا الانتخابات الأمريكية. وأفادت الدراسة بأن 78% من تلك المنشورات استهدفت هاريس أكثر من غيرها من النساء البارزات من أصحاب البشرة السمراء.

من المخزي ان يتم التعامل مع الانسان انطلاقا من جنسه واصله ولونه، في دولة تدعي قيادتها "للعالم الحر" والديمقرطية في العالم، بل ان هذه الدولة سمحت لنفسها ان تغزو العديد من الدول وتقتل الملايين من البشر، بذريعة الدفاع عن الديمقراطية والترويج لها في العالم. بينما تعلن مراكز ابحاثها عن وجود عنصرية ضاربة بجذورها في اعماق المجتمع، الى الحد الذي لا يمكن للمرأة ان تتبوأ مراكز قيادية وسياسية، لوجود قطاعات واسعة في هذا المجتمع تؤمن ايمانا قاطعا ان المرأة لا تملك الذكاء الكافي لتتبوأ مناصب مهمة ، وعلى النساء ان يتركن السياسة وألا ينتمين إلى الفضاء العام. وهو ما كشفت عنه سيسيل جيرين ، وهي باحثة بمعهد الحوار الاستراتيجي في لندن، وهو مركز أبحاث يسعى إلى مكافحة التطرف والتضليل والاستقطاب، في حديثها الى صحيفة "لوس انجليس تايمز".

عندما تصل إمراة مثل هاريس الى منصب نائب الرئيس الامريكي، فهذا يعني انها إبنة النظام الامريكي، الذي دافعت عنه وعن كل جرائمه وحروبه ضد شعوب العالم، انطلاقا من نظرة عنصرية استعلائية الى هذه الشعوب، واذا ما تعرضت هاريس لهجوم من هذا النظام، فهذا يعني ان النظام العنصري الامريكي بدأ يأكل ابناءه، لذلك من الصعب ان تجد هاريس، من يتعاطف معها من بين ابناء شعوب العالم التي اكتوت بنار العنصرية والاستعلاء الامريكي.