العالم - يقال ان
على مدى سنوات الحرب استخدمت الصين حق النقض الفيتو أكثر من 16 مرة ضد مشروعات غربية كانت تستهدف الحكومة السورية، وهو ما يعتبر دعما سياسيا صينيا كبيرا لدمشق لكن هذا الدعم السياسي قابله فتور اقتصادي قد يعتبر الاكبر منذ عقود بين البلدين والسبب هو العقوبات الغربية والامريكية وغياب قرار سياسي صيني في مساعدة دمشق في التغلب على هذا الحصار الغربي، باستثناء برنامج المساعدات والمنح الإنسانية الصينية السنوية المقدمة لعدة دول من بينها سوريا، وبعض المنح البحثية والتدريبية والتي استفاد منها عشرات الطلاب والعمال السوريين.
تشير بيانات هيئة الاستثمار السورية إلى أن عدد المشروعات الاستثمارية الصينية المشتركة مع سوريين والمشمولة بأحكام قوانين تشجيع الاستثمار لم تتجاوز مشروعين اثنين فقط خلال الفترة الممتدة من عام 2009 ولغاية عام 2019، الأول مشروع لنقل الركاب والمجموعات السياحية في عام 2011 والثاني لإنتاج خلاطات المياه بأنواعها في عام 2019، واللافت أن المشروعين لم يرد ذكرهما في قائمة المشروعات المنفذة أو قيد التنفيذ، حيث ورد في قائمة المشروعات المنفذة مشروع مشمل في عام 2006 لإنتاج وتجميع السيارات السياحية والبيك أب.
أضف الى ذلك ما يعانيه العديد من المستوردين السوريين جراء مخاوف الشركات الصينية من تبعات تعاونها التجاري مع شركات وجِهات سورية، وإمكانية فرض واشنطن عقوبات مباشرة عليها، وهذا ما يجعل شركات صينية تشترط ـــ بحسب ما يقول رجال أعمال سوريون ــــ تنفيذ إجراءات خاصة، كشحن البضائع إلى موانئ عبر سورية، على رغم أن السلع قد تكون غير مشمولة بالعقوبات الأميركية، أو تسجيل إجازات الاستيراد بأسماء شركات تجارية غير سورية، وجميعها إجراءات تسهم في زيادة تكاليف الاستيراد والتأخر في إيصال البضائع والسلع إلى الأسواق السورية وغير ذلك. والمخاوف المشار إليها آنفاً، هي نفسها التي تمنع شركات صينية أخرى من دخول السوق السورية، والاستثمار في قطاعات هامة كالطاقة والبناء وإعادة الإعمار وغيرها.
يرى الكثير من السوريين في زيارة وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، الى دمشق ومباحثاته مع المسؤولين السوريين التي تصدرها الملف الاقتصادي، وتأكيد الضيف خلال لقائه الرئيس الاسد دقيقا عقب ادائه القسم الرئاسي، على دعم بكين لنتائج الانتخابات الرئاسية السورية الأخيرة، في مواجهة حملة المقاطعة الغربية لدمشق، من جهة، والتحضير لمرحلة جديدة في علاقات البلدين، يرون فيها رغبة سياسية صينية في تعاون اقتصادي جديد مع الحكومة السورية.
الوزير الصيني أبدى، خلال لقائه الرئيس الأسد، اهتمام بلاده بمشاركة سوريا في مبادرة الحزام والطريق، نظراً لموقعها ودورها الإقليمي المهم، وقد تكون هذه المبادرة البوابة لنقل العلاقات الاقتصادية بين البلدين إلى مرحلة جديدة من التعاون والاستثمار المشترك في مختلف القطاعات الاقتصادية. فقد جرى خلال الاجتماع الذي عقد في وزارة الخارجية السورية مع الوفد الصيني، اقتراح مجموعة من المشاريع التي يمكن تنفيذها في إطار المبادرة، منها ما هو في مجال النقل كالربط السككي بين مرفأ طرطوس والحدود العراقية، وإنشاء طريق بري سريع يربط جنوب البلاد بشمالها، ومنها ما هو في مجال توليد الكهرباء، وكذلك في مجال استكشاف النفط والغاز، إضافة إلى إنشاء مناطق حرة صينية في سوريا (حسياء، توسع اللاذقية). مع التركيز على البعد الإقليمي لهذه المشاريع، بما يتوافق مع روح مبادرة الحزام والطريق.
نأمل ان يكون القرار السياسي في بكين قد اتخذ للتحرك اقتصاديا في سوريا التي يعاني شعبها من العقوبات الغربية ولاامريكية اللاإنسانية خاصة مع سرقة الامريكيين للنقط والقمح السوريين على مرأى ومسمع العالم اجمع.