السنوية الثانية لانفجار المرفأ... والعدالة غائبة

السنوية الثانية لانفجار المرفأ... والعدالة غائبة
الخميس ٠٤ أغسطس ٢٠٢٢ - ٠٥:٥٤ بتوقيت غرينتش

ركزت الصحف اللبنانية الصادرة من بيروت على أن انفجار المرفأ والأحداث التي تلته أثبتا أن لبنان الدولة بحلّته الطائفية، كما حُلَلِه السابقة، غير قابل للاستمرار.

العالم_لبنان

بداية مع صحيفة الأخبار التي كتبت انفجار المرفأ والأحداث التي تلته أثبتا أن لبنان الدولة بحلّته الطائفية (نسبة إلى الطائف)، كما حُلَلِه السابقة، غير قابل للاستمرار. لا داعيَ لنستذكر هول الكارثة لأن أحداً لم ينسَها بعد. لكنّ استحالة المحاسبة والعدالة لآلاف الضحايا هي ما قضى على الأمل الباقي.

دولةٌ غير قادرة على معاقبة عميلٍ بـشدّة أذن حتى، كيف لها لتكسب ثقة شعب بتحقيق العدالة عندما يكون المقصّرون والمتقاعسون والفاسدون والفاشلون إلى حدّ الإجرام تشكيلة من الرؤساء والوزراء والقضاة والضباط من كلّ الأطياف الحاكمة بتقاسم طائفي (نسبة إلى الطائفة) للغلّة دون المسؤولية. لن تسجن الدولة اللبنانية كلّ رجالاتها المتورّطين في الإهمال المزمن الذي أدى إلى الانفجار، كما أنها لن تهمّ إلى التوزيع العادل للخسائر المصرفية بعد ذلك. إن كان أداء الدولة مؤشراً إلى شيءٍ فهو أن الانفجارات ستتوالى وقد يبدو للبعض في المستقبل القريب أن ما قبل «الانفجارات» كان زمناً جميلاً. في الواقع لم يحصل في مئوية لبنان الكبير، التي كُلّلت بالانفجار منذ سنتين، زمن جميل جامع. الأزمان الجميلة التي مرّت كانت دائماً جميلةً لقلّة مقابل قبحٍ كثيرٍ للأكثرية. إن كان هناك من يريد للبنان الديمومة فلا بد أن يتبدّل هذا النمط الذي ساد منذ أن اعتلت الأرزة راية الكيان.

هناك اليوم من يعلّق آمالاً على الأمّ الحنون التي أنجبت لبنان الدولة. هذه الدولة كان قوامَها قطاعٌ عام تترجم إقطاعاً تنفيعياً، وقطاعٌ خاص احتكاري يتمقطع تجاره بالشعب أباً عن جدّ. لكن حتى ماما فرنسا سئمت أولادها الذين لم يحيدوا عن حبّها يوماً، وترى الخلاص في قطاعٍ ثالثٍ ابتكرته خارج الدولة تتبادل الخدمات فيه مع خدمٍ تنتقيهم بلا ديمقراطية ولا ضحك على الذقون. فرنسا ترى الزمن الجميل القادم لتوتالِها في بحره، ولقلّة «محظيّة» تختارها هي في برّه، وليسعَ الباقون في درّة الشرقَين ليملأوا القطبَين إذا ما استطاعوا إليهما سبيلاً. ما هو يا ترى هوس شاعر وكاتب كلمات النشيد الوطني اللبناني رشيد نخلة بالمثنّى والثنائيات؟ قدره، لعنته أن يكون لبنانَيْن… بم برم…

بدورها صحيفة البناء رأت أنه مع ذكرى انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب، تتجه الأنظار نحو إهراءات الحبوب المرشحة للسقوط في كل ساعة، وسط جمود التحقيق القضائي بعد تحوله إلى منصة لتصفية الحسابات السياسية، وابتعاده عن القضية الجوهرية للتحقيق التي تبدأ بمسؤولية إدخال المواد المتفجّرة إلى المرفأ وبقائها فيه.

يستذكر اللبنانيون كارثة انفجار المرفأ الأليمة من خلال صور الانهيارات المتتالية لإهراءات القمح في المرفأ، وعلى الرغم من مرور عامين على الحدث، إلا أن النار في قلوب أهالي الشهداء لم تهمد، كما نار الظلم المتقدة في قلوب الموقوفين في السجون من دون محاكمة، فيما لا تزال التحقيقات قابعة في زواريب السياسة الداخلية بعدما أوصل أداء وممارسات المحقق طارق بيطار الى الاشتباكات السياسية وضياع الحقيقة والحقوق، بعدما تعاطى بيطار بعقلية الثأر والكيدية السياسية وتشريع الباب على الاستغلال الخارجي للقضية الأمر الذي عطل التحقيقات وجمد الملف.

ولاحت إشارات أمس توحي بأنّ انهيار الإهراءات أصبح وشيكاً بعدما انهارت بعض أجزائها وتوسعت مساحة النيران، فيما منعت القوى الأمنية السيارات من المرور في المكان تحسّباً لكمية الغبار التي قد تنتج عن عملية الانهيار. وتشير المعلومات بأن «انهيار الجزء المتبقي من الجزء الشمالي لإهراءات القمح أصبح وشيكاً، بسبب التصدعات الكبيرة ومعدل الانحناء في الدقائق الماضية ارتفع بشكل كبير». وقد توقفت الأعمال في محيط الإهراءات وأخلي عدد كبير من العمال والموظفين من المكان.

كتبت صحيفة اللواء استمر تحقيق انفجار المرفأ متوقفاً منذ قرابة السنة نتيجة المناكفات السياسية والقضائية، ويستعد اهالي الضحايا والموقوفين على ذمة التحقيق للتحرك اليوم، الذي اعلنته الدولة يوم حداد وطني وتوقف عن العمل في كل القطاعات، فيما استمرت المواقف والمزايدات السياسية وتقاذف المسؤوليات بين القوى السياسية.