العالم - قضية اليوم
لا يدوم الهدوء طويلا في محيط القواعد الامريكية في ريفي دير الزور والحسكة، وترتفع بشكل دائم وتيرة التصعيد، هناك تستأنف القوات الامريكية استهدافها لمناطق المدنيين، هذا الاستهداف يقابل بالرد من المقاومة الشعبية، وتطلق صفارات الإنذار في قاعدتي العمر وكونيكو في اغلب الأحيان بشكل متزامن، لتحمل اجنحة هذه الصواريخ رسائل عديدة، ان لا مفر امام هذه القوات المحتلة، الا الخروج من الأراضي السورية، حيث ارتفعت منذ بداية العام الحالي عمليات قصف القواعد الامريكية، وارتفع الإنذار بالخطر ليشمل التنف والحسكة بعد دير الزور، ما دفع القوات الامريكية لنصب بطاريات صواريخ مضادة للطائرات المسيرة في محيط التنف، واطلاق منطاد مراقبة في أجواء الحسكة، وتكثيف وجودها في قاعدة العمر وكونيكو، عبر دوريات جوية تنفذها الطائرات المروحية لحماية دوريات سيارة، لترد على رسائل الصواريخ، بالاستعراض، في محاولة لمنع القصف، وفرض قواعد اشتباك جديدة، الا ان ذلك لم ينجح، فقد سجل في شهر اب وحده اكثر من خمس هجمات بالصواريخ على قاعدة حقل العمر، واستمرت في شهر أيلول هذه الهجمات، لتصل الى ثلاث هجمات مؤكدة حتى منتصف الشهر، كانت من نصب القواعد الامريكية غير الشرعية في ريف دير الزور.
التطورات الأخيرة في ريف دير الزور ترسم السيناريوهات القادمة في كل المنطقة، لا سيما بعد ان زرعت الولايات المتحدة الامريكية قاعدتها في اهم حقل نفطي سوري، حيث تعتبر تلك القاعدة في حقل العمر من اهم قواعد الاحتلال في الشرق السوري، لكونها تضم مركز عمليات وتحكم وسيطرة ميداني للقوات الامريكية، بالإضافة الى مطار طيران مروحي يحتوي على 12 طائرة مروحية قتالية، وعدد من الطائرات المسيرة القتالية والاستطلاعية، وتعد القاعدة المركز الرئيسي للمراقبة عبر أجهزة تصنت ومتابعة، تصل قدرتها الى الميادين والقورية والعشارة وموحسن، وتتصل جنوبا مع القاعدة الامريكية المشادة على تلة الباغوز، لمراقبة منطقة البوكمال والمعبر الحدودي، ما يعني انها تشكل مع كونيكو والباغوز، قوس نار يشمل ريف دير الزور بشكل كامل، بالإضافة الى ذلك، يتواجد فيها عدد من القوات الفرنسية والبريطانية، الامر الذي استدعى توسعتها في الفترة السابقة، بعد وصول مئات الشاحنات المحملة بمواد لوجستية واسلحة وذخائر، والجانب الأخطر في هذه القاعدة، وهو احتوائها على سجن لجماعة داعش الوهابية، هذا السجن تحتفظ فيه القوات الامريكية بعشرات السجناء الخطرين، وتنقل له العشرات بشكل دائم من سجونها في الشدادي والحسكة، لتطلقهم في البادية لمواجهة الجيش السوري وقوات الحلفاء، وهذا ما يفسر أهمية هذه القاعدة بالنسبة لقوات الاحتلال الأمريكي، والتي تعمل على استقدام تعزيزات مع كل ضربة تتلقاها.
إن حقل العمر النفطي وما يمثله من قدرة إنتاجية عالية من النفط الخام، يكشف جميع المزاعم الامريكية عن محاربة داعش، تلك الكذبة التي ترفعها كيافطة اعلى كل قواعدها التي لا تتواجد الى بالقرب من ابار وحقول النفط والغاز، ما يعني ان ما يجري هي سرقة موصوفة في وضح النهار، تمارسها مجموعة من قطاع الطرق واللصوص، ويدلل على ان الوجود الأمريكي ابعد من قضايا جيوسياسية، الى قضايا اقتصادية تتزامن مع الحصار المفروض على سوريا، وبالتحليل فإن زيادة الهجمات على هذه القاعدة وسواها، هو دفع تلك القوات للخروج من كل الأراضي السورية، كواجب وطني يحتم على الجميع تحريرها، بالإضافة الى عودة اهم حقول النفط الى الدولة السورية في ظل الحصار الاقتصادي الخانق، وإخراج اهم القواعد الداعمة لداعش من الخدمة بعد قاعدة التنف، وشل حركة المجاميع المسلحة في البادية، كون قاعدة العمر هي الداعم اللوجستي المهم لتلك المجموعات.
عمليات القصف للقواعد الامريكية عموماً، وقاعدة حقل العمر خصوصاً، اصابت هدفها السياسي كما العسكري وأسست لشقه الاستراتيجي، هذه الأهداف التي حققت، ستبقى صالحة لوقت طويل، وربما أصبح النقطة المفصلية في قواعد الاشتباك التي لا تشبه ما سبقها، حيث ترسم لمعادلات جديدة ناتجها القريب والمباشر لجم العربدة الامريكية وخروجها من الأراضي السورية، بينما تتكفل الأشهر القادمة بنتائجها البعيدة ، لكن بالتأكيد اعتقد انها ستنهي على الأقل اللعب الأمريكي في الوقت المستقطع، والعمل على التحول في المواجهة، ورسم منحى لا يكتفي بإعادة تشكل قواعد الاشتباك، بل يعيد تنظيم إحداثيات المواجهة وقد تتسع فيه مساحة الجبهات.