العالم - الخبر واعرابه
الخبر : تتناقل وسائل الإعلام هذه الأيام أنباء عن هجوم وشيك للأتراك على شمال سوريا، وفي الوقت نفسه يقول أردوغان إنه مهتم بالتفاوض مع بشار الأسد.
الاعراب :
-- مما لا شك فيه أن أردوغان يحلم منذ سنين بضم أجزاء من سوريا وطبعا العراق إلى تركيا، ولاشك أن أهم دافع للرئيس التركي في هذا الصدد هو احياء الدولة العثمانية قدر الإمكان كرغبة تاريخية.
-في غضون ذلك، ومع اقترابنا من الانتخابات الرئاسية في تركيا ، نرى ان دوافع اردوغان للهجوم على المناطق الكردية في شمال سوريا تصبح اكثر جدية. ويجب اضافة نقطة مهمة اخرى الى هذه الحقيقة ، وهي أن فرصة أردوغان محدودة للغاية لتحقيق هذا الحلم ، نظرا الى نهاية الذكرى المئوية لمعاهدة لوزان، التي من المقرر أن تنتهي في صيف 2023 . يبدو أن أردوغان يصر على إعادة ضم أجزاء على الأقل من الأراضي العثمانية التي انتزعت من العثمانيين خلال معاهدة لوزان . وفي حال نجاح اردوغان في هذا السيناريو ، قبل نهاية معاهدة لوزان هذا الصيف وبعد انتهاء الذكرى المئوية لهذه المعاهدة ، فسيأمل أن يكون أكثر نجاحا في تحقيق بقية حلمه القائم على احياء الإمبراطورية العثمانية. !
-رغم أنه يبدو من الصعب جدا العودة من شروط الاتفاقيات الدولية مثل لوزان عمليا وعلى صعيد الساحة الدولية ، إلا أن تحقيق جزء من هذا الحلم يمكن أن يجعل اليد العليا لأردوغان امام منافسيه في خضم الانتخابات، وبعد الانتخابات، أيضا سيشكل ضمانة لاستمرار العمل الفعال لـ "حزب التنمية والعدالة" على الساحة السياسية التركية لسنوات قادمة.
- وكان أردوغان قد قال عدة مرات من قبل : في يوم من الأيام سنضم كركوك وحلب والموصل واربيل إلى تركيا ، ولكن الآن، وفي مواجهة القانون والعلاقات الدولية، فإن الطريقة الأكثر ملاءمة هي مهاجمة شمال شرق سوريا. دعونا لا ننسى أنه خلال السنوات الماضية كانت أجزاء من شمال غرب سوريا مرتعال لغزو الأتراك، وادرج مخطط "التتريك" و "التغيير الديمغرافي" لهذه المنطقة على جدول الأعمال من قبل الأتراك وحققوا تقدما فيه إلى حد كبير.
-في الوقت نفسه، يبدو أن الدفاع الأمريكي القوي عن "قسد" في شمال سوريا قد انحسر إلى حد ما ، مما جعل أردوغان أكثر جدية من أي وقت مضى في إصراره على مهاجمة الأكراد في شمال سوريا. .
- رغم أنه قيل سابقا أن أردوغان يتجه نحو تصفية مشاكل تركيا في السياسة الخارجية، وهذا الامر ظهر جليا في مساعيه لإحياء العلاقات التركية مع "إسرائيل" والسعودية ومصر، لكن يبدو أن أردوغان مصمم على اغتنام الفرصة السانحة لتركيا في ظل أزمة أوكرانيا لإنهاء الهجوم على شمال سوريا .
- نظرا إلى موقف أمريكا من الأكراد وعدم حماس أمريكا للدفاع عن قوات "قسد"، يبدو أن الطريق الوحيد أمام هذه القوات هو العودة إلى كنف الوطن وطلب العون من النظام السوري ضد الأتراك. وكانت هذه المسألة في دائرة الضوء مرات عديدة من قبل، ولكن تم تجاهلها كل مرة في ظل التغيرات السياسية المؤقتة. خلال 11 عاما من الأزمة في سوريا، كان هناك دائما تحليل ثابت وبالطبع جدير بالتأني وهو أن أكراد سوريا هم أكبر الخاسرين في الأزمة إذا أصروا على انفصالهم عن النظام السوري.