لماذا يوظف نتنياهو الدين ولغة العهد القديم في خطابته بشأن غزة؟!

لماذا يوظف نتنياهو الدين ولغة العهد القديم في خطابته بشأن غزة؟!
الأربعاء ١٥ نوفمبر ٢٠٢٣ - ١٠:٤٦ بتوقيت غرينتش

سلطت ورقة بحثية حديثة صادرة عن “المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية” الضوء على دوافع توظيف بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الإحتلال الإسرائيلي، الدين في خرجاته الأخيرة، إذ أصدر في الـ25 من الشهر الماضي بيانا باللغتين العبرية والإنجليزية، اقتبس من خلاله “فقرات من العهد القديم في سفر التثنية وسفر إشعياء، يشير فيها إلى تسمية الفلسطينيين بالعماليق والجيش الإسرائيلي بأداة الرب في الأرض ليخلصها من حماس”؛ قبل أن تؤكد الورقة ذاتها أن “التأثيرات السلبية الناتجة عن هذا التوظيف التوراتي قد تمتد إلى تغذية اليمين المتطرف في إسرائيل”.

العالم - فلسطین المحتلة

وأشار المصدر ذاته إلى أن “تأثيرات هذا التوظيف قد تمتد إلى تغذية الخطاب الإيديولوجي للمنظمات الإرهابية في المنطقة، كما قد تؤثر على تصاعد أعمال الكراهية الدينية في عدة بقاع من العالم”، مسجلا أن “توظيف الخطاب الديني في "إسرائيل" ليس جديدا، بل المختلف هذه المرة هو الدوافع المنبثقة عن المعطيات الجديدة في المجتمعين الإسرائيلي والأمريكي”.

ولفتت الورقة البحثية المعنونة بـ”توظيف الدين: دوافع نتنياهو لاستدعاء العهد القديم في حربه على غزة” إلى أن “رئيس الوزراء الإسرائيلي حرص على قراءة فقرات العهد القديم باللغتين العبرية القديمة والإنجليزية، بغرض توجيه الخطاب السياسي المغلف بالدين إلى الرأي العام في الداخل الإسرائيلي والرأي العام المسيحي”.

وأضافت الورقة أن “نتنياهو يهدف إلى ربط الذهنية اليهودية والمسيحية بأن الفلسطينيين هم العماليق، وبأن العمل العسكري الإسرائيلي في غزة وضد فلسطين بشكل عام هو تنفيذ لإرادة الرب في العهد القديم؛ كما يلمح إلى أن الغرض العسكري سيكون إبادة ممثلي العماليق في فلسطين حاليا حسب روايته اللاهوتية، قبل أن ينتقل إلى استدعاء فقرات من ‘أسفار الأنبياء’، مشيرا إلى أن إسرائيل تمثل النور وحماس تمثل الظلام”.

وحول الدوافع الحقيقية لهذا التوظيف لفتت الوثيقة ذاتها إلى أن الدافع الأول يتمثل في “ترميم القاعدة الانتخابية والشعبية، إذ كشفت استطلاعات الرأي عن تراجع حاد في شعبية الرجل، وبالتالي فهو يستعمل جميع الأدوات الممكنة وغير الممكنة من أجل تحييد سيناريو نهايته السياسية التي قد تصل إلى الزج به في السجن في حال خسر منصب رئيس الحكومة”، مشيرة إلى أن “استدعاء نتنياهو للاهوت التوراتي والمسيحي يأتي لأنه يوفر له تأييد 13 في المائة من المجتمع الإسرائيلي المتدين، مع ما تتمتع به هذه الفئة من نفوذ سياسي وديني يعتمد عليه للهروب من الملاحقات القضائية”.

كما أن استدعاء الخطاب الديني من قبل الرجل يهدف من ورائه إلى “التأثير على نسبة الحياد التي تزيد وسط المعتدلين الليبيراليين المحسوبين على الحزب الجمهوري الأمريكي، إذ يدخل الدين كمكون أساسي في تشكيل الوعي السياسي لدى الجمهوريين، خاصة الفئة المحسوبة على طائفة الإيفانجليكيين”، وفق الورقة، التي توقعت أن “تجد الإدارة الأمريكية الحالية نفسها مضطرة للانجرار وراء الرواية اللاهوتية لنتنياهو في تفسير أبعاد الحرب في غزة، لمنع الجمهوريين من استغلال ذلك الخطاب، وكسب أرصدة سياسية تخدمها في المشهد الانتخابي الأمريكي القادم”.

وسجل المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية أن “الحكومة الإسرائيلية الحالية تحرص على حصر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في المربع الديني فقط دون تجاوزه إلى أبعاد سياسية تتعلق بالأرض وبحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته، وبالتالي إقناع العالم بأن فلسطين هي أرض الميعاد بالنسبة للشعب اليهودي”، لافتا في الوقت ذاته إلى أن “رئيس حكومة إسرائيل يوظف التوراة والعهد القديم لإكساب الحرب طابعا دينيا أملا في تحفيز المجتمع الديني في الاشتراك في الحرب والخدمة العسكرية، إذ يسعى الجيش الإسرائيلي إلى تجنيد الحريديم”.

وخلص المركز ذاته إلى أن “نتنياهو يقدم الرواية اللاهوتية التوراتية إلى العالم لتبرير حربه، والتأكيد على أن وجه إسرائيل تغير من دولة صهيونية إلى دولة يهودية تتخذ من شريعة التوراة أساسا للحكم ولتنفيذ القرار السياسي والعسكري؛ وبالتالي فهو يرسل رسالة إلى العالم وواشنطن بالتحديد مفادها أن هدف إسرائيل في غزة هو إنشاء نظام أمني جديد في القطاع دون النظر إلى أي اتفاقيات سياسية بشأن طبيعة الإدارة الجديدة البديلة عن حماس”.