وكانت الصفحة الأولى لجريدة ليبراسيون الصادرة أمس الخميس معبرة للغاية بعدما تضمنت صور عدد من السياسيين ورجال الأعمال الفرنسيين المتورطين فيما يعرف بفضيحة كراتشي وعنوان كبير سقوط رجال الرئيس .
إذ أن الكثير من أصدقاء ومساعدي ساركوزي متورطين فيما يعرف بفضيحة كراتشي والآن فضية الفرقاطات السعودية .
وتعود وقائف هذه الفضيحة التي يحقق فيها القضاء الفرنسي الى سنة 1994 عندما جرى بيع ثلاث غواصات لباكستان بقرابة 900 مليون دولار، وحصل وسطاء ومن ضمنهم رجلي أعمال من أصل لبناني على عمولات ضخمة، وجرى فرض الوسيطين اللبنانيين من طرف وزير الدفاع وقتها فرانسوا ليوتار.
وتبين لاحقا أن الهدف من العمولات كان يهدف الى تمويل الحملة الانتخابية لمنصب رئاسة البلاد لرئيس الحكومة الفرنسية وقتها إدوارد بلادير، إذ أن عمولة اللبنانيين تجاوزت 33 مليون دولار، حيث تم تخصيص 85 لحساب شركة غامضة تابعة للدولة الفرنسية في بنك في للكسمبورغ انتقلت الأموال منها لحملة بلادير.
وكشف تقرير سري للشرطة في للكسمبورغ عن مسؤولية نيكولا ساركوزي على هذه الشركة بحكم أنه كان يشغل وقت وقوع هذه الأحداث منصب وزير المالية الفرنسي ولكونه كان أحد مسؤولي الحملة الانتخابية لإدوارد بلدير سنة 1995 وأساسا ناطقا باسم الحملة.
وشكل وصول جاك شيراك لرئاسة فرنسا بدل بلادير ضربة للوسطاء، إذ ألغى الوسطاء وتولى موظفون في وزارة الدفاع الفرنسية إتمام الصفقة مع باكستان في ماي 2002، لكن ما حدث هو تعرضهم لعملية اغتيال في كاراتشي. وذهب التحقيق الذي قام به القاضي جان لويس بروغير في اتجاه اتهام تنظيم القاعدة بتنفيذ هذه العملية، وبعد تقاعده تولى قاض جديد وهو مارك تريفديك التحقيق في الملف حيث قام باستبعاد تنظيم القاعدة وركز تحقيقه اعتمادا على أطروحة جديدة مفادها أن السبب الرئيسي وراء العملية قد يكون هو وقف العمولات المالية في صفقة الغواصات، وعليه، فالأمر يتعلق بعمل إرهابي قد تكون وراءه أوساط مقربة من مراكز الحكم في فرنسا وباكستان. وتتهم عائلات الضحايا الفرنسيين مراكز في هرم السلطة بالوقوف وراء هذه العملية.
وتبرز كبريات الصحف مثل ليبراسيون و لوموند في تعاطيها خلال هذه الأيام مع الملف التحقيق مع شخصيات جد مقربة من الرئيس ساركوزي، الأمر الذي يجعل حبل التحقيق قريب من عنق الرئيس ، وتؤكد لوموند أن التحقيق يحاصر ساركوزي بحكم سقوط عدد من أصدقاءه المقربين وبعض مستشاريه مثل تييري غوبيه.
وبينما تتفاعل هذه القضية، كشفت إذاعة فرانس أنفو أمس خبرا تناقلته مختلف وسائل الاعلام الفرنسية ومفاده استعمال جزء من عمولات صفقة أسلحة فرنسية مع السعودية في تمويل حملة بلادير.
ويتعل الأمر بصفقة ضخمة لشراء ثلاث فرقاطات جرى التفاهم أوليا حولها خلال شهر ديسمبر سنة 1994، حيث تم تحويل عشرة ملايين فرنك فرنسي يوم 31 اذار (مارس) 1995 الى حساب مجهول من طرف السعوديين ، أي أسابيع قليلة قبل الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية. ومن خلال تتبع مصدر الأموال يتبين أن مصدرها عمولة أولية من الصفقة الفرنسية السعودية.
وكان عدد من المحليين الفرنسين قد أكدوا في تحاليل سابقة أن ما حققه ساركوزي في الربيع العربي وخاصة في ملف ليبيا سوف يتهاوى تدريجيا في الملفات الداخلية بسبب الفضائح المالية والسياسية.
ولعل من علامات هذه الخسارة هو أن اليمين المحافظ في فرنسا خسر الأحد الماضي السيطرة على مجلس الشيوخ لصالح اليسار لأول مرة منذ سنة 1958.
*حسين مجدوبي – القدس العربي