يمكننا اعتبار القرن الماضي قرن اليقظة الفكرية بين الشعوب المسلمة، ومرحلة نهضتها من أجل نيل الاستقلال السياسي، وتجلي هويتها الدينية.
إن تاريخ تحولات الشعب العراقي خلال الـ100 عام الماضية، يُظهر بوضوح جهاد العراقيين في التغلب على استبداد الحكام البعثيين، وسعيهم للسير في طريق القيم السماوية لدين الإسلام.
إن إحياء مسيرة المشاية إلى كربلاء، وتنامي ثقافتها بعد سقوط نظام صدام الاستبدادي، أحد أبرز الأدلة على هذا الجهاد الفريد، والذي يُقام كل عام بأروع صور التعبير الشعبي عن الإيمان والولاء.
لقد سطر أبناء العراق تاريخاً طويلاً ومليئاً بالدماء والتضحيات في مواجهة النظام البعثي، من أجل الوصول إلى هذه الأيام المشرقة. وكان جزء كبير من هذا التاريخ المأساوي مرتبطاً بأحداث الانتفاضة الشعبانية الرهيبة في كربلاء.
وقال الحاج مهدي الشمري، الذي شهد على أحداث الانتفاضة الشعبانية عام 1991: "بدأت الانتفاضة أولاً في محافظات الجنوب، مثل البصرة والناصرية، ثم امتدت إلى كربلاء. وعندما وصلت إليها، انتفض أهلها على الظلم والطغيان. وقد سبقت هذه الانتفاضة حقبة طويلة من القمع والتشريد والخوف والاضطهاد، فرضها النظام البعثي في زمن الطاغية اللعين صدام حسين."
وأضاف: "كانت معاناة العوائل والمواطنين العراقيين عامة معروفة للجميع في ذلك الوقت، وليست أمراً جديداً. لكنها حقبة مظلمة تستحق التذكير، فقد عمّ الظلم والجور كل شرائح الشعب، وزُجّ بهم في حروب طاحنة دمّرت الإنسان والاقتصاد في العراق."
استمر حكم صدام الاستبدادي للعراق من عام 1979 حتى عام 2003، ولم يجلب خلال هذه السنوات إلا الدماء والدمار الواسع والمجازر والانهيار الاقتصادي. وفي آخر الحروب التي فرضها على العراق، ارتكبت القوات العسكرية المتحالفة بقيادة أمريكا جرائم واسعة وعمليات تدمير كبيرة ضد المواطنين العراقيين.
وأوضح الحاج الشمري: "كانت تلك الفترة مروعة إلى درجة يصعب وصفها بالكلمات، مليئة بالخوف والرعب، والخشية على النفس والعائلة والدين. كان الاضطهاد شاملاً، والملاحقة تطال أبسط الكلمات، وقد تؤدي بالإنسان إلى السجن أو الموت. في تلك المرحلة، ساد الغضب الشعبي، وبدأ العراقيون يبحثون عن أي فرصة للتخلص من هذا النظام الجائر البعثي. ويمكن القول إن جميع فئات الشعب قد تأذّت وتضررت وظُلمت في عهد صدام."
بعد انطلاق انتفاضة أهل البصرة والمدن الجنوبية الأخرى، اندلعت اشتباكات متفرقة في كربلاء، لكنها في البداية لم تحقق نتائج ملموسة. إلا أن الشعب انتفض بقوة، واصطف في مواجهة قوات البعث منذ بداية يوم الـ18 من شهر شعبان، حيث تمكن المتظاهرون من السيطرة على دائرة الأمن العام ودائرة الاستخبارات في المدينة.
وفي الـ19 من شهر شعبان، تمت السيطرة على مبنى المحافظة. وفي اليوم التالي، سقط مقر حزب البعث بيد الثوار.
المزيد من التفاصيل في سياق الفيديو المرفق..