في الأربعين لا يستحظر تاريخ بل يستأنف، فالحسين لم يقتل لينتهي.. بل يبدأ، ومسيرة الزائرين ليست عودة إلى الماضي بل زحف نحو الحقيقة.. زحف حي نحو الحقيقة والعدالة والإنسانية.
فأي سر هذا الذي يجعل أربعينية الإمام الحسين تجمع في مسيرتها عشرات الملايين من المشارب والمذاهب من كل أصقاع العالم من دون دعوة رسمية أو إعلان؟ ما الذي يخرج الإنسان من ذاته ليحمل جسده على التعب وروحه على التجلي وعقله على التأمل؟
في هذه الحلقة من برنامج "نوافذ" نقترب من أربعينية الإمام الحسين بل نعيش في ظلها لا كحدث أمني بل كمحطة معرفية، نقرأ من خلالها خصوصية هذه المناسبة لهذا العام.. نسأل أنفسنا كيف استطاعت مسيرة الأربعين أن تتحول من ذكرى حزن إلى حالة وعي ومشروع أمة ومنهج إصلاح.
ما سر هذا الزحف الإنساني الذي لا توقفه حدود ولا تحكمه تنظيمات؟ وأي خطاب هذا الذي يمكن أن يلامس عمق هذه الظاهرة؟ هل هو الخطاب العاطفي أم الفكري أم الرسالي أم السياسي؟
في هذا العام تحديدا تزداد خصوصية الأربعين تعقيدا وعمقا إذ تتقاطع مع تحولات إقليمية وتحديات فكرية ومهارات اجتماعية وسياسية وعسكرية يعيشها العالم الإسلامي.. فما دور صوت الحسين في هذه الأمة وكيف يصدح في هذه الظروف؟ في حضرة الأربعين الفكر يمتحن والضمير يستنهض والعهد يجدد.
من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال من كل فج وصوب تمضي القلوب قبل الأقدام إلى كربلاء.. هنا لا تسأل الزائر من أي بلد أنت.. إساله ما الذي أخرجك.. ما الذي يدفعك إلى أن تمشي مئات الكيلومترات طوعا وحبا وولاء؟ إنه الحسين.. ليس مجرد رجل قتل قبل أكثر من 1400 عام بل قضية لا تموت وصوت لا يخفت ونداء لا يزال يدوي: ألا من ناصر ينصرنا.
في أربعينيته تتجدد الثورة ويتحول الحزن إلى وعي والمأساة إلى مشروع، ملايين الزائرين يحييون هذه الذكرى العظمى لا من باب العادة بل من باب الموقف.. موقف من الظلم والخنوع والصمت.. لكن الأربعين هذا العام ليس كغيرة من الأعوام في ظل عالم مضطرب وأمة تمزقها الحروب وتثقل كاهلها التحديات تتحول زيارة إلى صرخة صامتة تقول ما زال في الأمة نبض.. ما زال في الطريق رجال.. ما زالت هناك كربلاء تنتظر من يفهم رسالتها.
ورغم التعتيم الإعلامي والتجاهل الغربي تبقى هذه الزيارة الحدث الأضخم على وجه الأرض، حشود بلا دعوة رسمية ومواكب بلا ميزانيات دول وخدمة بلا مقابل والتوحد رغم كل الاختلافات.
في كربلاء لا شيء عابر حتى الغبار له معنى، والمشي ليس مجرد انتقال بل رحلة نحو الذات والإيمان ونحو سؤال كبير: هل نحن حسينيون كما ينبغي؟
وتناقش هذه الحلقة هذه الأسئلة مع ضيوفها الكاتب والأديب والمفكر د.ميشال كعدي، ورئيس الهيئة الإسلامية للإعلام الشيخ د.جمال الدين شبيب، و مسؤول العلاقات العامة في تجمع العلماء المسلمين الشيخ حسين غبريس.
للمزيد إليكم الفيديو المرفق..