المشهد الانتخابي في العراق… منافسة واسعة ومشاركة فاعلة
وفي حوار مع قناة العالم ببرنامج "من العراق"، وفيما يتعلق بوصول المنافسة الانتخابية إلى مراحلها النهائية، وحول وصف الحلبة الانتخابية اليوم في العراق، وخاصة في بغداد، أشار الكندي إلى أن المشهد الانتخابي مشهد مُفرح؛ فهذا العدد الكبير من المرشحين يُثير الإعجاب ويدلّل على الاهتمام بأن يكون هناك حضور سياسي من خلال السلطة التشريعية عبر الترشح للبرلمان، وهو أيضاً تجسيد لمبدأ دستوري أساسي بأن الشعب هو مصدر السلطات. فعندما ينبري من يجد في نفسه القدرة والكفاءة لهذا الأمر، فهو أمر إيجابي.
كثافة في المرشحين وعرس انتخابي مرتقب
ولفت الكندي إلى وجود عدد كبير من الأحزاب والكتل والتحالفات التي ستشارك. البعض قد يجدها كبيرة جداً، وهي فعلاً كبيرة، لكنها أيضاً تشير إلى اهتمام كبير. والآن نعمل على مستوى الأيام، إذ أصبحنا نعدّ أقل من أسبوعين للعرس الانتخابي السادس.
ونوّه الكندي إلى أن هذا العدد الكبير يحضر انتخابياً على مستوى اللوحات الإعلانية التي أصبحت كبيرة وكثيرة، وهي ربما الأكبر في تاريخ العراق الانتخابي ما بعد عام 2003.
شاهد أيضا.. القرار العراقي بين الضغط الخارجي والمقاومة الوطنية

تعدد القوائم… مرآة الديمقراطية العراقية
وفيما يتعلق بالعدد الكبير في الأحزاب، والمرشحين، والعدد الكبير في القوائم والتحالفات – ومعناه مرآة للديمقراطية الحقيقية التي يعيشها العراق:
اعتبر الكندي أن العدد الكبير في الأحزاب، والمرشحين، وفي القوائم والتحالفات هو دليل على اهتمام الشعب العراقي بالسياسة بصورة عامة. هذا الأمر شاهدناه، ومن يجول في المدن العراقية يجد أن الحديث السياسي هو حديث الجميع.
وقال الكندي إن المشهد اليوم أينما تذهب هو مشهد حديث الانتخابات. لا يعني أن الكل مؤيد، ولكنه حديث المشهد. فعندما تخرج اليوم إلى الشارع في بغداد ترى أن صور المرشحين غزت الشوارع. وعندما تجالس المواطن العراقي في المطاعم أو المقهى أو السيارة أو أي مكان، تجد حديثاً حول الانتخابات، حيث إن الانتخابات حاضرة. منوهاً بأن الجميع ليس مؤيداً؛ سواء كان مؤيداً أو مخالفاً، فهو يتحدث عن الانتخابات. فهي في دائرة اهتماماته والحدث المرتقب. وما نريده من هذا الاهتمام وهذا الحديث هو أن تكون هناك مشاركة واعية وفاعلة وكبيرة، كما أوصت المرجعية التي ترعى العملية السياسية وكانت راعية لها وموجهة منذ انطلاقها إلى يومنا هذا.
المرجعية... صوت المشاركة لا الانحياز
وبخصوص موضوع المرجعية التي التزمت الصمت في هذه الدورة والدورة السابقة:
أوضح الكندي أنه بتفسير عبارة "المرجعية التزمت الصمت" – فهذا دقيق، أي أن المرجعية لم تقف مع أحد من المرشحين، لكنها تدعو للمشاركة، مشيراً إلى أن المرجعية دوماً كانت داعية إلى مشاركة فاعلة وإلى حضور الشعب العراقي في أن يرسم مستقبله من خلال اختيار الأصلح ومن يجده الأنفع للشعب العراقي. هذا توجيه المرجعية – لا توجّه إلى أحد معيّن، ولكنها توجّه إلى الأساس. المرجعية لا تدخل في يوم من الأيام لتكون طرفاً دون آخر.

التغيير عبر صناديق الاقتراع
ولفت الكندي إلى أن الخطاب الأصلي والأساس للمرجعية، وكذلك المقربون منها، دائماً يشيرون إلى ضرورة التفاعل مع الانتخابات باعتبارها الحل الأول والوحيد للتغيير نحو الأفضل، وأيضاً لمكافأة من أحسن. وبالتالي، لا تعطي صوتك لمن لم تجده فاعلاً. من تقتنع به، عليك أن تؤدي واجبك الانتخابي.
وإن كانت الانتخابات ليست واجباً يُحاسَب عليه القانون في حالة عدم الاشتراك – كما هو الحال مثلاً في أستراليا – لكن في العراق، وإن كان حقاً، فهو واجب وطني وواجب إنساني. وبالتالي، هذا كله يوجب أن يكون هناك حضور. هو بالأساس حق لا بد أن يُمارَس، وممارسته تساهم في ترسيخ العملية الديمقراطية، والانتقال السلمي للسلطة، واختيار من هو أفضل للعراقيين وللعراق.
ورأى الكندي أن هذا هو الأساس، وهذا ما تريده المرجعية دوماً في كل عملية. ولهذا أعطت الحرية للعراقيين في أن يختاروا من يجدونه مناسباً. الإطار العام هو المشاركة في هذه الفعالية، لكن الاختيار الشخصي – سواء للكتلة أو للشخص – فهذا يعود للناخب نفسه بما يمتلكه من معلومات وإرادة وخيارات.
شاهد أيضا.. الانتخابات النيابية العراقية و مصير رئاسة الوزراء
رحابة المشهد الانتخابي وحرية المنافسة
وفيما إذا كان العراقي اليوم يشعر بأنه يدخل في انتخابات تعكس الديمقراطية الحقيقية في العراق:
أشار الكندي إلى أن المشهد الانتخابي العراقي الآن فيه من الرحابة ومساحة الحرية والاختيار الجميل. لا توجد ضغوطات، ولا أحد يفرض أن تختار من تريد، ولا أحد يفرض أن تشارك أو لا تشارك. هذه كلها حقوق دستورية. منوهاً بأن المرشحين المتواجدين عرضوا أسماءهم، والأغلبية معروفة سابقاً. ونتحدث اليوم عن حوالي سبعة آلاف شخص، والأغلبية لهم خدمة سابقة – إما خدمة رسمية أو اجتماعية أو سيرة تربوية علمية. لا تجد مرشحاً إلا ويعرض جزءاً من تاريخه أو مواصفاته، وهذا ما يجب على المرشح أن يقدمه للناخبين ليختاروه.
وأوضح الكندي أن البعض يذهب إلى تقديم نفسه ضمن ما حققه. اليوم عندنا القائمة الأكبر وهي قائمة رئيس الوزراء "الإعمار والتنمية". هذه القائمة تقدم نفسها كحكومة خدمات، تقدم المنجز وتقول: "هذه المشاريع التي عملنا عليها". لا تقول إنها حققت كل شيء، ولكنها حققت مستويات كبيرة وأثبتت قدرتها على إدارة الأمور.
جدل حول الولاية الثانية وقيادة الدولة
ولفت الكندي إلى أن هناك تشكيكاً يقول إن المكوّن الأكبر ليس للحكم وإنما للمعارضة، ويقول إنهم لم يقدموا شيئاً ولم يبنوا طابوقة واحدة بعد عام 2003. الآن هذه الشواهد تدحض هذا الأمر.
وبخصوص الولاية الثانية – وهي حق دستوري – يرى البعض أن هناك إيجابية كبيرة في إعادة انتخاب محمد شياع السوداني، لأنهم يقولون إنه في الولاية الثانية سيتخلص من ضغوطات الكتل المتحالفة معه ومجاملة بعضها، وبالتالي سيذهب إلى قرارات حقيقية وجريئة في بناء هيكلية الدولة.

تشكيل الحكومة... بين النتائج والتحالفات
وفيما يتعلق برئاسة الوزراء اليوم، إذا دخلت قائمة "الإعمار والتنمية" وحصلت على نسبة عالية من أصوات الناخبين، وحول مدى استطاعتها أن تشكل الحكومة بنفسها وأن تحصل على المقاعد الكافية لتشكيل الحكومة أم أنها مجبرة على الائتلاف مع جهات أخرى:
اعتبر الكندي أنه في واقع الانتخابات، وحسب النظام الانتخابي واختيار رئيس الوزراء بالطريقة المعروفة، مهما حصل رئيس الوزراء من مقاعد برلمانية ومن أصوات، فهذه ليست حاسمة. نتائج الانتخابات مهمة في معرفة الأحجام والكتل، لكن التفاهمات والتحالفات هي التي تحسم.
مقاعد لا تكفي... والتحالفات تحسم
ولفت إلى وجود قاعدة أساسية، حيث لا بد من الحصول على مئة وخمسة وستين نائباً. ويشهد على ذلك السيد المالكي في عام 2014، الذي حاز أكبر عدد في بغداد – 750 ألف صوت بمفرده – ولكنه لم ينجح في تشكيل الحكومة.
ونوّه الكندي إلى أن كل رؤساء الوزراء جاءوا بالصدفة، بمعنى أنه ليس بالحسابات الرقمية. إياد علاوي فرضه الأمريكان، السيد الجعفري بنتائج الانتخابات، السيد عادل عبد المهدي لم يشترك في الانتخابات أصلاً، الكاظمي كذلك، العبادي كذلك، والسيد السوداني كان لديه مقعدان في البرلمان.
وأضاف أن النتائج ليست حاكمة دوماً، ولكن الحضور في عدد النواب والحجم الانتخابي سيكون حاضراً ضمن التجاذبات والتحالفات. لكن في هذه المرة تحديداً – وهي المرة الأولى – يدخل شخص بتحالف منافس وهو رئيس وزراء ومنافس على أن يبقى رئيس وزراء، وقد حقق تحالفاً كبيراً (حوالي 54 نائباً) قبل أن يدخل إلى الانتخابات.
واشنطن تمسك بخيوط اللعبة السياسية
وفيما يتعلق بالتدخل الأمريكي في تنصيب أحد رؤساء الوزراء سابقاً، وهل لا زال التدخل الأجنبي الأمريكي هو الذي يحكم تعيين المناصب في العراق، بما فيها رئيس الوزراء:
أكد الكندي أن الأمريكيين لم يتركوا العراقيين ليختاروا اختياراً كاملاً، فالأمريكان فرضوا ديمقراطية مشوّهة؛ منوهاً بعدم التعامل بديمقراطية كاملة النتائج. ولو كانت الديمقراطية ذات نتائج حقيقية، لكان الحكم للأغلبية، لكنهم فرضوا ما يُسمى "التوافقية"، وهي محاصصة مُجمّلة.
ولفت إلى أن الأمريكيين حاضرون بالضغط، وحاضرون أيضاً في الدعوة بأنه لا بد أن يكون الجميع ممثلاً كما يريدون. هذا التدخل الأمريكي ليس مخفياً؛ ففي انتخابات عام 2018 التي جرت اجتماعاتها في أحد فنادق العاصمة بغداد، كان المبعوث الأمريكي حاضراً مع الكتل السياسية ويتدخل في كل صغيرة وكبيرة.
شاهد أيضا.. 2235 مرشحة في الانتخابات البرلمانية العراقية
انتفاضة 2019... من مطلب شعبي إلى مشروع خارجي
وقال الكندي: الأمريكيون يقفون وراء الأحداث التي حدثت في عام 2019 – هذه الطامة الكبرى. ما حدث فيها هو تحريك الشارع؛ للأسف سُرقت الحركة المطلبية الحقيقية للشعب العراقي لتتحول إلى أجندات للسفارة الأمريكية وبعض السفارات الأخرى، وكان ضحيتها أبناء الشعب العراقي.
وأشار الكندي إلى أن هناك شواهد ودلائل كبيرة على التدخل الأمريكي، ليس في الانتخابات فحسب؛ فالأمريكان يريدون أن يضعفوا الشعب العراقي قيمياً وحضورياً ووجودياً وتفاعلياً ووحدوياً. فعندما يُصدر قرار بمنع وتجريم البغاء والشذوذ الجنسي، أو قرار بتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني، يمكث السفير الأمريكي في البرلمان العراقي ويضغط على كل الكتل ويهدد، رغم أن هذا قانون أخلاقي قيمي ينسجم مع الشعب العراقي.

قانون الحشد والتطبيع... معركة الإرادة والسيادة
وأضاف أن قانون تجريم التطبيع من متبنيات الشعب العراقي الأساسية، وتدخلهم وضغطهم لمنع إقرار والتصويت على قانون الحشد الشعبي كان واضحاً.
إخراج القوات الأجنبية... قرار سيادي مُعطَّل
وشدّد الكندي على أنه ما كان لينجح التدخل الأمريكي أو الأجنبي لولا وجود أطراف تساعد هذا التدخل. للأسف، أهم قرار في تاريخ البرلمان العراقي وهو قرار إخراج القوات الأجنبية – قرار سيادي لا يتعلق بشيعي أو سني – لم يُصوَّت عليه. ومن لم يصوت هم المتناغمون مع الأمريكان لتحقيق مصالحهم الخاصة.
وبسؤال الكندي فيما يتعلق برئاسة الوزراء، اليوم في عام 2025، بعد عقدين من سقوط النظام السابق واعتلاء الديمقراطية في العراق، فهل لا زال العراق عندما يختار رئيس وزراء أو رئيس برلمان أو رئيس جمهورية يتأثر بضغوط من بعض الدول، لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية:
أكد الكندي أن الضغوطات موجودة، فالأمريكان مع الحكومة الأخيرة – حكومة محمد شياع السوداني – يمارسون الضغط بطرق مختلفة؛ مرة بالتلويح بعقوبات، ومرة بتنفيذ إجراءات. خذ مثلاً ما يتعلق بنظام SWIFT وتحويل الأموال.
عقوبات أمريكية وضغوط اقتصادية
ونوّه الكندي إلى أن أمريكا تفرض عقوبات غير قانونية وغير إنسانية على الجمهورية الإسلامية، وفي هذه العقوبات تشير إلى أن أي بلد يتضرر من العقوبات له الحق في الاستثناءات. جاء ترامب وشدد العقوبات بقوة لم تُسبق، وأيضاً فرض عقوبات على العراق في حالة التعامل ورفع الاستثناءات. وبالتالي، هذا هو نوع الضغط.
العراق له علاقات مع الجمهورية الإسلامية – علاقات أساسية على مستوى العلاقات الاقتصادية والغاز والطاقة، وهي أمور أساسية.

الإطار التنسيقي... تكتيك انتخابي أم انقسام سياسي؟
وحول الإطار التنسيقي الذي دخل في الانتخابات بشكل منفصل، وهل سيلتئم هذا الإطار حقاً، وهل سنشهد تسمية رئاسة الوزراء تأتي من الإطار التنسيقي، أم سنشهد تركيبة أخرى، وأن قائمة "الإعمار والتنمية" دخلت بقوة وربما ستحصد مقاعد كثيرة في البرلمان، فبائتلاف أو ائتلافين صغيرين يمكن أن تشكل إطاراً بشكل آخر ومسمى آخر وتسمي رئيس الوزراء، هل هذا ما سنشهده حقاً؟
أشار الكندي إلى أنه بالنسبة للإطار التنسيقي الشيعي، فإن الدخول بقوائم عدة هو جزء من التكتيكات الانتخابية ومتطلبات المرحلة ومتطلبات القوة الانتخابية. سبق هذا الأمر في انتخابات مجالس المحافظات؛ قالوا في حينها: "سنأتلف ما بعد نتائج الانتخابات"، وهم اليوم يقولون: "سنأتلف ما بعد نتائج الانتخابات".
التفاصيل في الفيديو المرفق ...