هناك روايات مختلقة الرواية الاسرائيلية فقط هي المقدمة الى العالم. وهناك الكثير من الممارسات الاسرائيلية ايضا في الضفة الغربية رغم ان الولايات المتحدة قالت انها لا ترغب في هذه السياسات وان ضم الضفة الغربية شيء لن يتحقق. ما الذي سيجري؟ سوف نناقشه ونتعرف عليه في هذه الحلقة من برنامج "شفرة".
في الملف الاول ناقش البرنامج ارهاب المستوطنين الاسرائيليين وحجم الاعتداءات والانتهاكات في هذه الجغرافيا وسلط الضوء كذلك على الاعلام العبري في هذا الموضوع.
كذلك ناقش البرنامج في ملفه الأول التحركات العسكرية الاسرائيلية، ولماذا يجري الان سيناريو عسكري جديد في الضفة الغربية وما الهدف منه؟ وتم قراءة كل ذلك وسبب اشعال هذه الجبهة مع ضيف البرنامج الخبير العسكري الفريق عبد الكريم خلف.
في ملف القدرات العسكرية لمحور المقاومة ناقش البرنامج موضوع الالغام البحرية الايرانية.. هذا التكتيك المهم والذي يميز القدرات البحرية الايرانية، ايضا تم مناقشته مع ضيف البرنامج الخبير العسكري عبد الكريم خلف، واهمية هذا الملف في أي مواجهة عسكرية قادمة.
الملف الرابع هو ملف "رصد" وهو عن حسن طهراني مقدم.. هذا القيادي الشهيد الذي يعتبر عراب المشروع الصاروخي الايراني... والذي لا يدين له فقط كل إيراني ولكن يدين له كذلك كل شخص في محور المقاومة. فهو من حصن كل جبهات المقاومة بالعموم.
إرهاب المستوطنين والضم الفعلي
الضفة الغربية لا يمكن فصلها عما يجري في قطاع غزة، فالاعتداءات الاسرائيلية مستمرة على الجانبين. ففي غزة وبناء على على اتفاق وقف اطلاق النار فإن الغارات الاسرائيلية على القطاع كان يجب ان تتوقف لكن الغارات مستمرة.
كان هناك ادعاءات اسرائيلية بأن حماس لا تريد البحث عن جثث الاسرى الاسرائيليين واعادتهم الى الكيان الاسرائيلي.. وهذه الرواية تنقض نفسها لانه حماس منذ بداية الاتفاق قامت بتنفيذ المرحلة الاولى بالخصوص وهو مسألة تسليم الاحياء وتسليم الجثث كل ما لديها حتى قبل الموعد المقرر، وهذه مسألة مفروغ منها، وهنا سؤال يمكن طرحه على الكيان: لماذا قد تريد حماس عرقلة تطبيق الاتفاق وهي قدمت كل ما لديها، وكل يوم او يومين يتم العثور على جثة اسير اسرائيلي وتتم اعادته الى الكيان الاسرائيلي.
البعض يقول ان هذه المحاولات الاسرائيلية من نتنياهو لأنه كان مرغما عندما وافق على اتفاق وقف اطلاق النار، فقام في البداية بالموافقة واليوم يحاول الالتفاف على الاتفاق، رغم ان كل من الولايات المتحدة والوسطاء من الدول الغربية تقول ان استعادة جثث الاسرى مسألة وقت وهذا بسبب كمية الدمار.
من الجانب الاخر نجد في الضفة الغربية استمرار في عملية في ضم الاراضي الفلسطينية ومضايقة المزارعين الفلسطينيين وضم الاراضي، وهناك أكثر من ثلاثة وسبعين دونما جديدا تم ضمها الى المستوطنات الاسرائيلية.
صحيفة يديعوت احرنوت كشفت عن صفقة سرية بين جيش الاحتلال الاسرائيلي وبين ميليشيات الارهاب اليهودي، هكذا وصفتهم يديعوت احرونوت وقالت إن هذه الصفقة تقضي بتزويد البؤر الاستيطانية غير القانونية بالكهرباء والماء مقابل نشاطهم في الضفة الغربية.
وبالحقيقة ما يجري في الضفة الغربية هو ضم فعلي لأنهم يقومون بمصادرة الاراضي واقتلاع اشجار الزيتون وحرقها وحرق المنازل وحرق المركبات رغم كل التصريحات الدولية والرسمية بعدم أحقيه وقانونية الضم، ولكن كل هذه التصريحات تضرب بالحائط أمام ما يجري حقيقة على الارض.
وزير التراث في حكومة الاحتلال قال انه لن ينتظر السيادة الرسمية على الضفة الغربية حتى يقوم بمشروع تهويد الاماكن الاثرية والتاريخية في الضفة، ومؤخرا هناك 40 مليون شيكل اقرتها الحكومة الاسرائيلية من أجل مشروع تهويد هذه المناطق الاثرية والتاريخية في شمال الضفة وجنوبها وفي منطقة الاغوار. وهذه الاموال تجمع من عده وزارات اسرائيلية منها وزارة التعليم والثقافة والنقل والجيش والبيئة.
مسؤولون امنيون اسرائيليون اعلنوا بشكل واضح وصريح ان هؤلاء المستوطنين الارهابيين يتم دعمهم من قبل المسؤولين ومن قبل جهات نافذة رسمية في الحكومة الاسرائيلية، ومعلومات رسمية اسرائيلية نقلت انه نهاية الاسبوع الفائت وحده شهدت عشرات الهجمات الخطيرة كما وصفتها على قاطفي الزيتون شملت اعتداءات بالضرب والحرق والتدمير.
في بيان له مكتب الامم المتحده لحقوق الانسان في هذا الشأن قال ان عنف المستوطنين يجعل الحياة مستحيلة للفلسطينيين في الضفة وان المستوطنين والجنود يفلتون من العقاب على الهجمات التي ينفذها ضد الفلسطينيين، وختم هذا البيان ان سياسة "اسرائيل" المعلنة لترسيخ ضم الضفة الغربية تمثل انتهاكا واضحا للقانون الدولي.
كل ما يقوم به الاسرائيلي هو انتهاك واضح للقانون الدولي ولكن يبدو انهم خارج قبة القانون الدولي وخارج قبة أي قرار يتخذ وليس هناك اي اجماع حتى هذه اللحظة عن مجرد عقوبات تفرض بحق الكيان الاسرائيلي امام هذه الجرائم الكبيرة على كل المستويات التي يرتكبها.
قراءة في إشعال الاحتلال لجبهة الضفة
هناك امر آخر وهو أن القوات المستخدمة في الاعتداءات على الفلسطينيين في الضفة اكبر بكثير من الهدف الذي يعلنوه. وهذا يدل على ان هناك نوع من التغييرات الجغرافية.
ضيف البرنامج الثابت الفريق الركن عبد الكريم خلف الخبير العسكري في قناة العالم قال إن الكيان الاسرائيلي فرض نوعين من القوانين؛ القوانين التي تفرض على اليهود في داخل الضفة الغربية هي قوانين مدنية، والقوانين التي تفرض على جميع الفلسطينيين هي قوانين عسكرية حيث يعاملون وفق القانون العسكري، الامر الثاني ان وزير المالية بتسلئيل سموتريتش هو وزير داخل وزارة الدفاع ومسؤول عن الاستيطان وهو يمتلك المال ووضع في هذا الموقع حتى يسهل عمليات الاستيطان اللاحقة، ولهذا هو أصدر أمر بمصادرة 20,000 دونم مؤخرا كجزء من عملية قادمة لوضع مستوطنين يرتفع عددهم من 700,000 مستوطن في الضفة الغربية حاليا الى ضعف هذا العدد في المستقبل خلال ثلاث سنوات وهذا يعني عزل للضفة الغربية وتقسيم لهذه المناطق وصل الى حد المقاطعة اللي يسكن فيها عباس رئيس السلطه الفلسطينية وحكومة السلطة الفلسطينية في داخل رام الله.
واضاف خلف: الاراضي بكاملها وهي قليلة جدا لا تتجاوز 5500 كيلو متر مربع من ارض فلسطين التاريخية، يعني نحو 7% فقط من الاراضي والان هذه النسبة تحولت الى كانتونات وسجن وتضييق، وهناك اغتيالات عن طريق الطائرات المسيرة وقبل يومين استخدموا مروحيات الاباتشي في ضرب وقتل مواطنين فلسطينيين وملاحقتهم.
وتابع: بن غفير يمتلك القوة والأمن والشرطة وسموتريتش يمتلك المال والخطة هي التضييق على الفلسطينيين وجعلهم في كانتونات اضيق ثم اضيق ثم اضيق بتدمير بيوتهم قتل ابنائهم ومنع حركتهم حواجز امنية يصل عددها الى مئات الحواجز، والحياة تصبح صعبة وشبه مستحيلة في هذه المناطق.
وأردف الفريق خلف: إن الاحتلال يعمل على تضييق مساحات تواجد الفلسطيني وحصرها في كانتونات أشبه بالسجون وهذا ما يحصل الإن ، فالمناطق اللي عزلها الاحتلال اصبح بموجبها الفلسطيني غير قادر على الذهاب من طولكرم الى رام الله الا بمرور وقت طويل بحدود نصف نهار او اكثر ليصل الى هناك وتجري عليه عمليات تفتيش مريعة بشكل لا يمكن تصوره انسانيا.
وقال: إضافة الى هذا فهناك اغتيالات لأتفه الاسباب تجري عن طريق ثلاث اتجاهات، واحد عن طريق قوة على الارض والاخر عن طريق المسيرات والطائرات وقوة اخرى ايضا تتكلم اللغة العربية واللهجة الفلسطينية، والتي تسمى قوة المستعربين وهؤلاء يرتدون الملابس الفلسطينية وموجودون في كل مكان وبحماية الشرطة ينفذون عمليات استخباراتية في عمليات قتل وعمليات اختطاف وما الى ذلك.
واوضح خلف ان الضفة الغربية تتعرض اليوم الى هجمة شرسة هجينة متعددة بكل الاشكال، وعلى سبيل المثال ان الاحتلال يهاجمون محال الصيرفة بحجة انها تمول الارهاب وتتم مصادرة الاموال العائدة للناس، أيضا حتى الدوائر الخاصة بالشرطة اصبحت هدفا من اهداف بن غفير والعصابة التي معه.
وتابع: حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية مقبلة على موجة ربما تنفجر في اي لحظة، وليس هناك أية مؤشرات على ان الضفة الغربية ستبقى صامتة الى الابد امام هذه التحديات الكبيرة جدا.
وقال: ليس هناك أي خيار امام الفلسطينيين سوى أن يستخدموا القوة، ونحن شهدنا حتى قبل اسبوعين من الان كان الصهاينة يخرجون بتظاهرات للضغط على الحكومة بسبب وجود أسرى أحياء في داخل غزة، واليوم يطلق البعض مطالبات بضرب حماس وتدميرها، هذا الشعب بكامله هو عدواني وعنصري ويؤمن بالقوة ولذلك يجب استخدام القوة معه.
ألغام بحرية ايرانية قادرة علی إغراق أكبر سفن العالم
في ملف القدرات العسکرية لمحور المقاومة، أكد الفريق الركن عبدالكريم خلف، أن الألغام البحرية الإيرانية تمثل أحد أخطر عناصر القوة في ترسانة طهران، وقد صُممت بأساليب متطورة تجعل من الصعب اكتشافها أو تحييدها حتى من قبل الأساطيل المتخصصة في مكافحة الألغام.
وقال خلف إن الألغام الإيرانية تختلف في الوزن والحجم، إذ يتراوح وزنها بين 125 و150 كيلوغرامًا من المواد المتفجرة، وقد تصل بعض الأنواع إلى طن ونصف الطن من المادة المتفجرة، وهي كمية «هائلة تكفي لإغراق أكبر السفن على سطح البحار».
وأضاف أن إيران تمتلك ما بين خمسة آلاف إلى عشرة آلاف لغم بحري من أنواع مختلفة، موزعة على أربعة أصناف رئيسية، بينها الألغام اللاصقة التي يستخدمها الغواصون عبر زوارق صغيرة لتثبيتها على أجساد السفن، إضافة إلى الألغام العائمة تحت سطح الماء التي تُتحكم بها عن بُعد وتُنشر بطريقة تُجبر السفن على المرور في مسارات محددة تخدم الخطط العملياتية للبحرية الإيرانية.
وأشار الخبير الأمني إلى نوع آخر من الألغام هو الألغام القاعية، التي توضع في أعماق البحار وتتميّز بحجمها الكبير وضخامتها، وتُزوّد بحساسات متعددة تشمل مغناطيسية وصوتية وضغطية وزلزالية، ما يجعلها قادرة على استشعار الهدف والانطلاق بسرعة فائقة من القاع نحو بدن السفينة لتدميرها وإغراقها فور الاصطدام.
وبيّن أن من بين هذه الألغام أنواع غير مغناطيسية يصعب اكتشافها حتى باستخدام أجهزة "السونار البحري" المتخصصة في مسح قاع البحر ورصد الأهداف المغمورة، وهي صناعة ايرانية بامتياز، لاتمتلکها قوة بحرية اخری.
وفي السياق ذاته، أوضح خلف أن الوسائل المستخدمة لنقل وزرع هذه الألغام متطورة جداً، حيث تمتلك إيران مئات الزوارق السريعة التي تصل سرعتها إلى أكثر من مئة كيلومتر في الساعة، وتستطيع نشر أنواع مختلفة من الألغام خلال وقت قصير. كما يمكن زرع الألغام حتى بواسطة الطوربيدات المجهزة بقدرات إطلاق واسعة أثناء الحروب أو المناورات العسكرية.
وأكد أن الهدف الرئيسي من هذه الألغام هو إعاقة الخصم وتأخير تحركاته البحرية، ومنع القوات المعادية من الاقتراب من المناطق الحيوية الإيرانية، مشيرًا إلى أن استخدام صاروخ "فجر 5" في المناورات الإيرانية الأخيرة كان يهدف إلى اختبار قدرة الصاروخ على زرع حقول ألغام بحرية في مناطق محددة.
واعتبر خلف أن هذه الخطوة تمثل تطورًا جديدًا في أسلوب إيران في إدارة المعارك البحرية، لاسيما في الممرات الحساسة التي قد تشهد مواجهات محتملة مع الولايات المتحدة أو حلفائها.
وتابع قائلاً إن إيران، التي تمتد سواحلها البحرية لأكثر من 2200 كيلومتر، تسيطر بالكامل على المساحات المقابلة لخليج عُمان، وهو ممر استراتيجي يربط الخليج الفارسي ببحر العرب وممرات التجارة العالمية.
وبالتالي، فإن السيطرة الإيرانية على هذه السواحل تمنحها قدرة كبيرة على فرض سيطرتها على حركة الملاحة، سواء بواسطة الألغام أو الزوارق السريعة والطائرات المسيّرة والصواريخ البحرية، وان احتجاز سفن بريطانية وامريکية وکورية خلال العام الماضي يثبت قدرة ايران في هذا المجال.
وأوضح الفريق الركن أن بعض الألغام الإيرانية - مثل لغم "ام أي 5-2" - تحتوي على مادة متفجرة تتجاوز 1250 كيلوغرامًا، وهي كمية كافية لـ"شطر السفن الكبيرة إلى نصفين" وتعطيل حاملات الطائرات عن العمل لفترات طويلة، مما يستدعي قطرها وإخراجها من الخدمة المؤقتة بعد إصابتها. وبين أن هذه القدرات تجعل من سلاح الألغام الإيراني أحد أبرز العوامل المؤثرة في أي معركة بحرية قادمة في المنطقة.
وأضاف أن الألغام البحرية ليست سهلة الاكتشاف حتى من قبل الجهات التي قامت بزرعها، خاصة إذا طال أمد الحروب أو تغيّرت الظروف البحرية، مشددًا على أن استخدامها يتم فقط عند الضرورة القصوى، وبعد تقدير موقف عملياتي من القيادة العسكرية بشأن احتمالية الاقتراب المعادي من السواحل الإيرانية.
وختم الفريق الركن عبدالكريم خلف تصريحه بالتأكيد على أن استخدام الألغام البحرية يمثل ورقة ردع استراتيجية لإيران في مياه الخليج الفارسي والبحر العربي، إذ “تعطل أي أسطول بحري يقترب من مناطق العمليات وتجعل المرور في الممرات الحيوية محفوفًا بخطر جسيم”، في ظل محدودية العمق البحري في الخليج الفارسي، مما يزيد من فعالية هذه الألغام ويجعلها سلاحًا صامتًا ذا أثر مدمر في الحروب البحرية المقبلة.
لن تصدق ماكُتب علی قبر 'أب البرنامج الصاروخي الإيراني'
اما ملف رصد، فقد اختص بالشهيد حسن طهراني مقدم؛ فحين يُذكر تاريخ الصناعات العسكرية الإيرانية، لا يمكن تجاوز اسم الشهيد حسن طهراني مقدم، ذلك القائد الذي كرّس حياته ليكتب اسم بلاده بحروفٍ من ذهب في سجلّ الصناعة الصاروخية العالمية، فحوّلها من دولةٍ محاصرة بعد الحرب المفروضة إلى واحدة من القوى الإقليمية الأكثر تطوراً في هذا المجال.
وُلد مقدم عام 1955، ومنذ صغره كان يمتلك شغفًا كبيرًا بالعلم، وكان طالباً متميزًا. وقبل انتصار الثورة الإسلامية في إيران، كان من الداعمين لها، حيث شارك في الحلقات والنشاطات المناهضة للنظام آنذاك. وبعد انتصار الثورة، ومع اندلاع العدوان على إيران من قبل النظام البعثي العراقي، التحق طهراني مقدم بجبهات القتال، وهناك بدأت بوادر عبقريته تتجلى بوضوح.
فقد كانت القدرات الدفاعية الإيرانية في تلك المرحلة ضعيفة جداً، ومن هنا بدأ التفكير الجاد في كيفية صناعة صواريخ إيرانية بالاعتماد على الذات. وبعد انتهاء الحرب المفروضة، تولّى طهراني مقدم، باعتباره قائدًا للقوة الصاروخية في الحرس الثوري الإيراني، إنشاء مشروع القدرة الصاروخية الإيرانية، الذي شكّل الأساس لكل ما وصلت إليه الجمهورية الإسلامية من تطور في هذا المجال.
من أبرز الصواريخ التي تم تطويرها في تلك الفترة صاروخ شهاب-1 الذي وصل إلى مرحلة الإنتاج الضخم في أوائل العقد الأول من الألفية، بمدى يبلغ نحو 300 كيلومتر ودقة إصابة نسبية. ثم تطورت سلسلة الصواريخ لتشمل شهاب-2 وشهاب-3، وصولاً إلى سجيل وقدر، وهما من الصواريخ الباليستية بعيدة المدى القادرة على إصابة الأهداف البعيدة بدقة عالية.
تفاصيل حياة حسن طهراني مقدم قليلة جدًا ومتفرقة، غير أن مقاطع الفيديو القصيرة التي نُشرت له في وسائل الإعلام الإيرانية تُظهر شخصية تمتلك إيمانًا عميقًا جدًا وذكاءً خارقًا.
ومن القصص الطريفة التي تُروى عنه أنه عندما زار روسيا في إحدى الفترات لطلب بعض المعلومات عن الصواريخ، ابتسم المسؤول الروسي وقال له ساخرًا إن هذه المعلومات "سرية للغاية ومخصصة فقط لروسيا". فردّ طهراني مقدم بابتسامة قائلًا إنه سيسعى للوصول إليها بنفسه، ثم عاد إلى إيران ليواصل العمل حتى نجح في تطوير صواريخ تتفوّق على كثير من النماذج المعروفة آنذاك.
كان الشهيد طهراني مقدم القائد الذي أوصى أن يُكتب على قبره: "هنا يُدفن من كان يريد زوال إسرائيل". وربما من أهم ما يُقال عن أي قائد شهيد في محور المقاومة، أن البوصلة التي حرّكتهم كانت فلسطين، فقد كانت أكبر أحلامه تحرير فلسطين، وظل هذا الهدف هو الذي يوجّه مسيرته حتى استشهاده.
شهرته لم تقتصر على الداخل الإيراني، بل امتدت إلى العدو الإسرائيلي والغرب، إذ كان مهندس مشروع الصواريخ الباليستية الإيرانية والمسؤول الأول عن تصميمها، كما كان المشرف على تأسيس البرنامج الصاروخي لحزب الله اللبناني، ومؤسس مركز الصواريخ في الحرس الثوري الإيراني، وأسس برنامج الصواريخ بعيدة المدى.
صمم طهراني مقدم صواريخ شهاب وقدر وسجيل بكل نسخها المطوّرة، وبلغت مدى تشغيلها مئات الكيلومترات، لتصبح اليوم من أبرز منظومات الردع في المنطقة.
وتعود بداية قصته مع السلاح الصاروخي إلى فترة الحرب العراقية–الإيرانية، مع ازدياد الحاجة إلى صواريخ بعيدة المدى وتعاظم الكراهية المتأصلة لدى الإيرانيين تجاه الكيان الصهيوني، الأمر الذي دفعه إلى العمل الجاد على إنشاء برنامج صاروخي يمكّن إيران من تعزيز قدراتها الدفاعية والهجومية.
وكان الصاروخ المدفعي الأرض-ارض "نازعات" هو باكورة إنتاج فريق طهراني مقدم والشباب الذين عملوا معه آنذاك، ثم تبعته سلسلة من الصواريخ مثل شهاب، وبعده غدير وعماد، وصولاً إلى البرامج الحالية التي جعلت الصواريخ الإيرانية قوة مهابة وورقة اقتدار استراتيجية للجمهورية الإسلامية.
اليوم تُعدّ الصواريخ الإيرانية ورقة ردع استراتيجية على مستوى إقليمي وعالمي، بفضل ما تتمتع به من أنظمة تسليح متطورة ودقة عالية في الأداء.
ولم يكن طهراني مقدم رجلاً عادياً، بل كان مهندس تحصين بلاده إلى المستوى الذي نشهده اليوم، حتى أصبح مدينًا له كل رجل وامرأة في محور المقاومة.
صحيح أن هذا الرجل رحل عن الدنيا، وهو الملقّب بـ«أب البرنامج الصاروخي الإيراني»، ولكن إرثه ما زال حاضرًا بقوة. فالصواريخ الإيرانية اليوم تُعد الأولى في المنطقة، وحققت مراتب متقدمة على مستوى العالم.
ويكفي أن نذكر أنه في أحد الاعتداءات الأخيرة على إيران، كان أحد الصواريخ التي أُطلقت في الرد الإيراني على الكيان الصهيوني يحمل اسم حسن طهراني مقدم، في إشارة رمزية إلى استمرار نهجه وإرادته في الجيل الذي تتلمذ على فكره.